سورة عبس: الآية 38 - وجوه يومئذ مسفرة...

تفسير الآية 38, سورة عبس

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ

الترجمة الإنجليزية

Wujoohun yawmaithin musfiratun

تفسير الآية 38

وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة، مسرورة فرحة، ووجوه أهل الجحيم مظلمة مسودَّة، تغشاها ذلَّة. أولئك الموصوفون بهذا الوصف هم الذين كفروا بنعم الله وكذَّبوا بآياته، وتجرؤوا على محارمه بالفجور والطغيان.

وجوه يومئذ مسفرة» مضيئة.

فأما السعداء، فوجوههم [يومئذ] مُسْفِرَةٌ أي: قد ظهر فيها السرور والبهجة، من ما عرفوا من نجاتهم، وفوزهم بالنعيم،

وقوله ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ) أي يكون الناس هنالك فريقين ( وجوه يومئذ مسفرة ) أي مستنيرة

ثم بين - سبحانه أقسام الناس فى هذا اليوم فقال : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ .

"وجوه يومئذ مسفرة"، مشرقة مضيئة.

أي مشرقة مضيئة , قد علمت مالها من الفوز والنعيم , وهي وجوه المؤمنين .

وقوله: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) يقول تعالى ذكره: وجوه يومئذ مشرقة مضيئة، وهي وجوه المؤمنين الذين قد رضى الله عنهم، يقال: أسفر وجه فلان: إذا حَسُن، ومنه أسفر الصبح: إذا أضاء، وكلّ مضيء فهو مسفر، وأما سَفَر بغير ألف، فإنما يقال للمرأة إذا ألقت نقابها عن وجهها أو برقعها، يقال: قد سَفَرت المرأة عن وجهها إذا فعلت ذلك فهي سافر؛ ومنه قول تَوْبَة بن الحُمَيِّر:وكُنْتُ إذا ما زُرْتُ لَيْلَى تَبرْقَعَتْفَقَدْ رَابَنِي مِنْها الغَدَاةَ سُفُورُها (6)يعني بقوله: " سفورها " إلقاءها برقعها عن وجهها.-----------------الهوامش :(6) البيت لتوبة بن الحمير صاحب ليلى الأخبلية . وفي ( اللسان : سفر ) سفر الصبح وأسفر : أضاء ، وأسفر القوم : أصبحوا . وسفر وجهه حسنا وأسفر : أشرق . وفي التنزيل العزيز وجوه يومئذ مسفرة قال الفراء : أي مشرقة مضيئة ، وقد أسفر الوجه وأسفر الصبح . قال : وإذا ألقت المرأة نقابها ، قيل : سفرت ، فهي سافر بغير هاء . ا ه . قلت : وهذا البيت من قصيدة طويلة ذكرها داود الأنطاكي في كتابه تزيين الأسواق ، بتفصيل أحوال العشاق 96 - 97 ، و ( الأغاني 11 : 204 - 250 ) قال أبو الفرج : كان توبة بن الحمير إذا أتى ليلى الأخيلية ، خرجت إليه في برقع ، فلما شهر أمره شكوه إلى السلطان ، فأباحهم دمه إن أتاهم ، فمكثوا له في الموضع الذي كان يلقاها فيه ، فلما علمت به خرجت سافرة حتى جلست في طريقه ، فلما رآها سافرة فطن لما أرادت وعلم أنه قد رصد ، وأنها أسفرت لذلك تحذره ، فركض فرسه فنجا ، وذلك قوله : " وكنت إذا ما جئت ليلى ... " . البيت . ا ه .

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) وجملة : { وجوه يومئذٍ مسفرة } جواب ( إذا ) ، أي إذا جاءت الصاخة كان الناس صنفين صنف وجوههم مسفرة وصنف وجوههم مغبرة .وقدم هنا ذكر وجوه أهل النعيم على وجوه أهل الجحيم خلافَ قوله في سورة النازعات ( 37 ) { فأما من طغى } ثم قوله : { وأما من خاف مقام ربه } [ النازعات : 40 ] إلى آخره لأن هذه السورة أقيمت على عماد التنويه بشأن رجل من أفاضل المؤمنين والتحقير لشأن عظيم من صناديد المشركين فكان حظ الفريقين مقصوداً مسوقاً إليه الكلام وكان حظ المؤمنين هو الملتفت إليه ابتداء ، وذلك من قوله :{ وما يدريك لعله يزكى } [ عبس : 3 ] إلى آخره ، ثم قوله : { أما من استغنى فأنت له تصدى } [ عبس : 5 ، 6 ] .وأما سورة النازعات فقد بُنِيت على تهديد المنكرين للبعث ابتداء من قوله : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة } [ النازعات : 6 8 ] فكان السياق للتهديد والوعيد وتهويل ما يلقونه يوم الحشر ، وأما ذكر حظ المؤمنين يومئذ فقد دعا إلى ذكره الاستطراد على عادة القرآن من تعقيب الترهيب بالترغيب .وتنكير { وجوه } الأول والثاني للتنويع ، وذلك مسوغ وقوعهما مبتدأ .وإعادة { يومئذ } لتأكيد الربط بين الشرط وجوابه ولطول الفصل بينهما والتقدير : وجوه مسفرة يوم يفرّ المرء من أخيه إلى آخره .وقد أغنت إعادة { يومئذ } عن ربط الجواب بالفاء .والمسفرة ذات الإسفار ، والإِسفار النور والضياء ، يقال : أسفر الصبح ، إذا ظهر ضوء الشمس في أفق الفجر ، أي وجوه متهللة فرحاً وعليها أثر النعيم .
الآية 38 - سورة عبس: (وجوه يومئذ مسفرة...)