سورة الإنشقاق: الآية 23 - والله أعلم بما يوعون...

تفسير الآية 23, سورة الإنشقاق

وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ

الترجمة الإنجليزية

WaAllahu aAAlamu bima yooAAoona

تفسير الآية 23

فأيُّ شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما وُضِّحت لهم الآيات؟ وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله، ولا يسلِّمُون بما جاء فيه؟ إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق. والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد مع علمهم بأن ما جاء به القرآن حق، فبشرهم -أيها الرسول- بأن الله- عز وجل- قد أعدَّ لهم عذابًا موجعًا، لكن الذين آمنوا بالله ورسوله وأدَّوْا ما فرضه الله عليهم، لهم أجر في الآخرة غير مقطوع ولا منقوص.

«والله أعلم بما يوعون» يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب وأعمال السوء.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ أي: بما يعملونه وينوونه سرًا، فالله يعلم سرهم وجهرهم، وسيجازيهم بأعمالهم.

قال مجاهد وقتادة يكتمون في صدورهم.

وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ كلام معترض بين سابقه ولا حقه، والمقصود به التهديد والوعيد.ومعنى «يوعون» يضمرون ويخفون ويسرون، وأصل الإيعاء حفظ الأمتعة في الوعاء، يقال: أوعى فلان الزاد والمتاع، إذا جعله في الوعاء، والمراد به هنا: الإضمار والإخفاء، كما في قول الشاعر: والشر أخبث ما أوعيت من زاد.أى: والله- تعالى- أعلم من كل أحد، بما يضمره هؤلاء الكافرون، وبما يخفونه في صدورهم من تكذيب للحق، ومن جحود للقرآن الكريم، ومن معاداة للمؤمنين.

"والله أعلم بما يوعون". في صدورهم من التكذيب. قال مجاهد: يكتمون.

والله أعلم بما يوعون أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب . كذا روى الضحاك عن ابن عباس . وقال مجاهد : يكتمون من أفعالهم . ابن زيد : يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة ; مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه ; يقال : أوعيت الزاد والمتاع : إذا جعلته في الوعاء ; قال الشاعر :الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زادووعاه أي حفظه ; تقول : وعيت الحديث أعيه وعيا ، وأذن واعية . وقد تقدم .

وقوله: ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ) يقول تعالى ذكره: والله أعلم بما تُوعيه صدور هؤلاء المشركين من التكذيب بكتاب الله ورسوله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يُوعُونَ ) قال: يكتمون .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ) قال: المرءُ يُوعِي متاعه وماله هذا في هذا، وهذا في هذا، هكذا يعرف الله ما يوعون من الأعمال، والأعمال السيئة مما تُوعيه قلوبهم، ويجتمع فيها من هذه الأعمال الخير والشر، فالقلوب وعاء هذه الأعمال كلها، الخير والشرّ، يعلم ما يسرّون وما يعلنون، ولقد وَعَى لكم ما لا يدري أحد ما هو من القرآن وغير ذلك، فاتقوا الله وإياكم أن تدخلوا على مكارم هذه الأعمال بعض هذه الخبث ما يفسدها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يُوعُونَ ) قال في صدورهم.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23)اعتراض بين جملة { بل الذين كفروا يكذبون } [ الانشقاق : 22 ] ، وجملة : { فبشرهم بعذاب أليم } [ الانشقاق : 24 ] وهو كناية عن الإِنذار والتهديد بأن الله يجازيهم بسوء طويتهم .ومعنى { بما يوعون } بما يُضمرون في قلوبهم من العناد مع علمهم بأنَّ ما جاء به القرآن حق ولكنهم يظهرون التّكذيب به ليكون صدودهم عنه مقبولاً عند أتباعهم وبين مجاوريهم .وأصل معنى الإِيعاء : جعل الشيء وعاء والوعاء بكسر الواو الظرف لأنه يُجمع فيه ، ثم شاع إطلاقه على جمع الأشياء لئلا تفوت فصار مشعراً بالتقتير ، ومنه قوله تعالى : { وجَمَع فأوعى } [ المعارج : 18 ] وفي الحديث : « لا تُوعي فيُوعي الله عليكِ » واستعمل في هذه الآية في الإِخفاء لأنّ الإِيعاء يستلزم الإِخفاء فهو هنا مجاز مرسل .
الآية 23 - سورة الإنشقاق: (والله أعلم بما يوعون...)