سورة عبس: الآية 22 - ثم إذا شاء أنشره...

تفسير الآية 22, سورة عبس

ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُۥ

الترجمة الإنجليزية

Thumma itha shaa ansharahu

تفسير الآية 22

لُعِنَ الإنسان الكافر وعُذِّب، ما أشدَّ كفره بربه!! ألم ير مِن أيِّ شيء خلقه الله أول مرة؟ خلقه الله من ماء قليل- وهو المَنِيُّ- فقدَّره أطوارا، ثم بين له طريق الخير والشر، ثم أماته فجعل له مكانًا يُقبر فيه، ثم إذا شاء سبحانه أحياه، وبعثه بعد موته للحساب والجزاء. ليس الأمر كما يقول الكافر ويفعل، فلم يُؤَدِّ ما أمره الله به من الإيمان والعمل بطاعته.

«ثم إذا شاء أنشره» للبعث.

ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ أي: بعثه بعد موته للجزاء، فالله هو المنفرد بتدبير الإنسان وتصريفه بهذه التصاريف، لم يشاركه فيه مشارك،

وقوله ( ثم إذا شاء أنشره ) أي بعثه بعد موته ومنه يقال البعث والنشور ( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) الروم 20 ) وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ) البقرة : 259وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا أصبغ بن الفرج أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح أخبره ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه قيل وما هو يا رسول الله قال مثل حبة خردل منه ينشئون .وهذا الحديث ثابت في الصحيح من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بدون هذه الزيادة ، ولفظه كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ".

( ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ ) أى : ثم بعد أن خلق الله هذا الخلق البديع ، وهداه النجدين ، وأمر بستر جسده فى القبر بعد موته . . بعد كل ذلك إذا شاء أحياه بعد الموت ، للحساب والجزاء . يقال : أنشر الله - تعالى - الموتى ونشرهم ، إذا بعثهم من قبورهم .وقال - سبحانه - ( إِذَا شَآءَ ) للإِشعار بأن هذا البعث إنما هو بإرادته ومشيئته ، وفى الوقت الذى يختاره ويريده ، مهما تعجله المتعجلون .

"ثم إذا شاء أنشره"، أحياه بعد موته.

ثم إذا شاء أنشره أي أحياه بعد موته . وقراءة العامة أنشره بالألف . وروى أبو حيوة عن نافع وشعيب بن أبي حمزة ( شاء نشره ) بغير ألف ، لغتان فصيحتان بمعنى ; يقال : أنشر الله الميت ونشره ; قال الأعشى :حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر

وقوله: ( ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ) يقول: ثم إذا شاء الله أنشره بعد مماته وأحياه، يقال: أنشر الله الميت بمعنى: أحياه، ونشر الميت بمعنى حيى هو بنفسه، ومنه قول الأعشى:حتى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رأوْايا عَجَبا لِلْمَيِّتِ النَّاشرِ (4)---------------------------الهوامش :(4) وهذا البيت أيضا للأعشى ، من تلك القصيدة ( ص 141 ) . وبعد البيت السابق بلا فاصل بينهما . وهو من شواهد أبي عبيدة في ( معاني القرآن ، الورقة 185 ) . قال : أنشره : أحياه ، وأنشر الميت ( بالرفع على الفاعلية ) حيى نفسه ، وقال الأعشى : " حتى يقول الناس ... " البيت .

ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)فدَخِّنُوا المَرْءَ وسِرْبَالَه ... وجملة : { ثم إذا شاء أنشره } رجوع إلى إثبات البعث وهي كالنتيجة عقب الاستدلال . ووقع قوله : { إذا شاء } معترضاً بين جملة { أماته } وجملة : { أنشره } لرد توهم المشركين أن عدم التعجيل بالبعث دليل على انتفاء وقوعه في المستقبل و ( إذا ) ظرف للمستقبل ففعل المضي بعدها مؤول بالمستقبل .والمعنى : ثم حين يشاء ينشره ، أي ينشره حين تتعلق مشيئته بإنشاره .و { أنشره } بعثه من الأرض وأصل النشر إخراج الشيء المخبأ يقال : نشر الثوب ، إذ أزال طيّه ، ونشر الصحيفة ، إذا فَتحها ليقرأها . ومنه الحديث : « فنشروا التوراة » .وأما الإِنشار بالهمز فهو خاص بإخراج الميت من الأرض حيّاً وهو البعث ، فيجوز أن يقال : نُشِر الميت ، والعَرب لم يكونوا يعتقدون إحياء الأموات إلا أن يكونوا قد قالوه في تخيلاتهم التوهمية . فيكون منه قول الأعشى: ... حتى يقول الناس ممّا رأوايا عَجَباً للْمَيِّتتِ النَّاشِر ... ولذلك قال الله تعالى : { ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } [ هود : 7 ] .وفي قوله : { إذا شاء } ردّ لشبهتهم إذ كانوا يطلبون تعجيل البعث تحدياً وتهكماً ليجعلوا عدم الاستجابة بتعجيله دليلاً على أنه لا يكون ، فأعلمهم الله أنه يقع عندما يشاء الله وقوعه لا في الوقت الذي يسألونه لأنه موكول إلى حكمة الله ، واستفادة إبطال قولهم من طريق الكناية .
الآية 22 - سورة عبس: (ثم إذا شاء أنشره...)