تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الأحقاف بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الأحقاف مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.
معلومات عن سورة الأحقاف
نوع سورة الأحقاف: مكية
عدد الآيات في سورة الأحقاف: 35
ترتيب سورة الأحقاف في القرآن الكريم: 46
ترتيب نزول الوحي: 66
اسم السورة باللغة الإنجليزية: The Dunes
أرقام الصفحات في القرآن الكريم: من الصفحة 502 إلى 506
مقدمة وتمهيد1- سورة «الأحقاف» هي السورة السادسة والأربعون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فقد كان بعد سورة «الجاثية» .والذي يراجع ما كتبه العلماء في ترتيب سور القرآن الكريم، يجد أن الحواميم قد نزلت مرتبة كترتيبها في المصحف.2- وسورة «الأحقاف» عدد آياتها خمس وثلاثون آية في المصحف الكوفي، وأربع وثلاثون آية في غيره، وهي من السور المكية.قال الآلوسى: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بمكة، فأطلق غير واحد القول بمكيتها من غير استثناء..واستثنى بعضهم قوله- تعالى-: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَكَفَرْتُمْ بِهِ، وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ.واستثنى بعضهم قوله- تعالى-: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي ... إلى قوله- تعالى-: إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ.3- وقد افتتحت السورة الكريمة بالثناء على القرآن الكريم، وبيان جانب من مظاهر قدرة الله- تعالى-، وبتلقين النبي صلّى الله عليه وسلّم الجواب السديد الذي يرد به على المشركين، فقال- تعالى-: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ، أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ، ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا، أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.ثم تحكى السورة الكريمة بعض الأعذار الزائفة التي اعتذر بها الكافرون وردت عليهم بما يبطلها، فقال- تعالى-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ، وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ....4- ثم انتقلت السورة إلى الحديث عن حسن عاقبة الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، وعن الوصايا الحكيمة التي أوصى الله- تعالى- بها الأبناء نحو آبائهم، وعن حسن عاقبةالذين يعملون بتلك الوصايا، فقال- تعالى-: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا، وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ، وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ.كما بينت السورة الكريمة سوء عاقبة الكافرين، الذين أعرضوا عن دعوة الحق، قال- تعالى-: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ، أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها، فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ.5- ثم حذرت السورة المشركين من الإصرار على شركهم، وذكرتهم بما حل بالمشركين من قبلهم كقوم عاد وثمود ... وبينت لهم أن هؤلاء الكافرين لم تغن عنهم أموالهم ولا قوتهم شيئا، عند ما حاق بهم عذاب الله- تعالى-، فقال- سبحانه-: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ، وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً، فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ، إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى، وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.6- ثم أخذت السورة الكريمة في أواخرها، في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي إدخال السرور على قلبه بأن ذكرته بحضور نفر من الجن إليه، للاستماع إلى القرآن الكريم، وكيف أنهم عند ما استمعوا إليه أوصى بعضهم بعضا بالإنصات وحسن الاستماع، وكيف أنهم عند ما عادوا إلى قومهم دعوهم إلى الإيمان بالحق الذي استمعوا إليه، وبالنبي الذي جاء به، فقال- تعالى- حكاية عنهم: يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.ثم ختمت السورة الكريمة بأمره صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذى قومه، فقال- تعالى-:فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ، بَلاغٌ، فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ.7- والمتأمل في سورة «الأحقاف» يراها، قد أقامت الأدلة على وحدانية الله- تعالى-، وعلى كمال قدرته. وعلى صدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عن ربه، وعلى أن هذا القرآن من عند الله، وعلى أن يوم القيامة حق.أقامت الأدلة على كل ذلك، بأبلغ الأساليب وأحكمها، ومن ذلك أنها ساقت ألوانا من مظاهر قدرة الله- تعالى- في خلقه، كما ذكرت شهادة شاهد من بنى إسرائيل على أن الإسلام هو الدين الحق، كما طوفت بالناس في أعماق التاريخ لتطلعهم على مصارع الغابرين، الذين أعرضوا عن دعوة الحق، كما عقدت عدة مقارنات بين مصير الأخيار ومصير الأشرار..وبذلك تكون السورة قد ساقت من الأدلة ما فيه الكفاية والإقناع لأولى الألباب، على أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم صادق فيما يبلغه عن ربه.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..سورة «الأحقاف» من السور التي افتتحت ببعض الحروف الهجائية، وأقرب الأقوال إلى الصواب في معناها أن يقال: إن هذه الحروف المقطعة قد وردت في افتتاح بعض السور، للإشعار بأن هذا القرآن الذي تحدى به الله- تعالى- المشركين، هو من جنس الكلام المركب من هذه الحروف التي يعرفونها، ويقدرون على تأليف الكلام منها، فإذا عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله، فذلك لبلوغه في الفصاحة والحكمة مرتبة فصحاؤهم وبلغاؤهم دونها بمراحل شاسعة.وفضلا عن كل ذلك فإن تصدير بعض السور، يمثل هذه الحروف المقطعة يجذب أنظار المعرضين عن استماع القرآن حين يتلى عليهم إلى الإنصات والتدبر، لأنه يطرق أسماعهم في أول التلاوة بألفاظ غير مألوفة في مجاري كلامهم.وذلك مما يلفت أنظارهم، ليتبينوا ما يراد منها، فيسمعوا حكما وحججا ومواعظ من شأنها أنها تهديهم إلى الحق، لو كانوا يعقلون.وقد سبق أن بينا- بشيء من التفصيل- آراء العلماء في هذه الحروف المقطعة
Tanzeelu alkitabi mina Allahi alAAazeezi alhakeemi
وقوله- تعالى-: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ بيان لمصدر هذا القرآن، وأنه من عند الله- تعالى-، لا من عند غيره.أى: أن هذا القرآن منزل من عند الله- تعالى- الْعَزِيزِ أى: صاحب العزة الغالبة، والسلطان القاهر الْحَكِيمِ في كل أقواله وأفعاله وتصريفه لشئون خلقه.
Ma khalaqna alssamawati waalarda wama baynahuma illa bialhaqqi waajalin musamman waallatheena kafaroo AAamma onthiroo muAAridoona
ثم بين- سبحانه- أنه لم يخلق هذا الكون عبثا، فقال: ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى....وقوله: إِلَّا بِالْحَقِّ استثناء مفرغ من أهم الأحوال، وهو صفة لمصدر محذوف، وقوله: وَأَجَلٍ مُسَمًّى معطوف على «الحق» والكلام على تقدير مضاف محذوف.أى: ما خلقنا هذا الكون بسمائه وأرضه وما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا الله، ما خلقنا كل ذلك إلا خلقا ملتبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل وبالحكمة التي اقتضتها إرادتنا ومشيئتنا..وما خلقنا كل ذلك- أيضا- إلا بتقدير أجل معين، هو يوم القيامة الذي تفنى عنده جميع المخلوقات.فالمراد بالأجل المسمى: يوم القيامة الذي ينتهى عنده آجال الناس، ويقفون بين يدي الله- تعال- للحساب والجزاء.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلًا. ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ .وقوله- سبحانه-: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ..ثم بين- سبحانه- موقف المشركين من خالقهم فقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ والإنذار: الإعلام المقترن بتهديد، فكل إنذار إعلام، وليس كل إعلام إنذار.و «ما» في قوله: عَمَّا أُنْذِرُوا يصح أن تكون موصولة والعائد محذوف، ويصح أن تكون مصدرية.والإعراض عن الشيء: الصدود عنه، وعدم الإقبال عليه، وأصله من العرض- بضم العين- وهو الجانب، لأن المعرض عن الشيء يعطيه جانب عنقه، مبتعدا عنه.أى: نحن الذين خلقنا بقدرتنا وحكمتنا، السموات والأرض وما بينهما، بالحق الذي اقتضته مشيئتنا، وبتقدير أمد معين، عند انتهائه «تبدل الأرض غير الأرض والسموات..»ومع كل هذه الدلائل الساطعة الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، فالذين كفروا بالحق، عن الذي أنذروه من الحساب والجزاء معرضون، وفي طغيانهم يعمهون..فالآية الكريمة قد وضحت أن هذا الكون لم يخلقه الله- تعالى- عبثا، وأن لهذا الكون نهاية ينتهى عندها، وأن الكافرين- لجهلهم وعنادهم- لم يستجيبوا لمن دعاهم إلى إخلاص العبادة لله الواحد القهار، ولم يستعدوا لاستقبال يوم القيامة بالإيمان والعمل الصالح.
Qul araaytum ma tadAAoona min dooni Allahi aroonee matha khalaqoo mina alardi am lahum shirkun fee alssamawati eetoonee bikitabin min qabli hatha aw atharatin min AAilmin in kuntum sadiqeena
ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يوبخ هؤلاء الكافرين على جهالاتهم وعنادهم، فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ، أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ....وقوله: أَرَأَيْتُمْ بمعنى أخبرونى، ومفعوله الأول قوله ما تَدْعُونَ وجمله «ماذا خلقوا» سدت مسد مفعوله الثاني.وجملة: «أرونى» مؤكدة لقوله: أَرَأَيْتُمْ لأنها- أيضا- بمعنى أخبرونى.والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين- على سبيل التوبيخ والتأنيب-: أخبرونى عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دول الله- تعالى-، أى شيء في الأرض أوجدته هذه الآلهة؟ إنها قطعا لم تخلق شيئا من الأرض. فالأمر في قوله أَرُونِي للتعجيز والتبكيت.و «أم» في قوله أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ للإضراب عن أن يكونوا قد خلقوا شيئا، إلى بيان أنهم لا مشاركة لهم مع الله في خلق السموات أو الأرض أو غيرهما. فقوله:شِرْكٌ بمعنى مشاركة..أى: بل ألهم مشاركة من الله- تعالى- في خلق شيء من السموات؟ كلا، لا مشاركة لهم في خلق أى شيء، وإنما الخالق لكل شيء هو الله رب العالمين.فالاستفهام للتوبيخ والتقريع.فالمراد من الآية الكريمة نفى استحقاق معبوداتهم لأى لون من ألوان العبادة بأبلغ وجه، لأن هذه المعبودات لا مدخل لها في خلق أى شيء لا من العوالم السفلية ولا من العوالم العلوية، وإنما الكل مخلوق لله- تعالى- وحده.ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ.وبعد أن أفحمهم- سبحانه- من الناحية العقلية، أتبع ذلك بإفحامهم بالأدلة النقلية، فقال- تعالى-: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا، أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.والأمر في قوله- تعالى- ائْتُونِي للتعجيز والتهكم- أيضا- كما في قوله:أَرُونِي.وقوله: أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ أى: بقية من علم يؤثر عن الأولين، وينسب إليهم.قال القرطبي: وفي الصحاح: «أو أثارة من علم» أى: بقية منه. وكذلك الأثرة- بالتحريك- ويقال: سمنت الإبل على أثارة، أى: على بقية من شحم كان فيها قبل ذلك..والأثارة: مصدر كالسماحة والشجاعة، وأصل الكلمة من الأثر، وهي الرواية، يقال:أثرت الحديث آثره أثرا وأثارة وأثرة فأنا آثر، إذا ذكرته عن غيرك، ومنه قيل: حديث مأثور، أى نقله الخلف عن السلف.أى: هاتوا لي- أيها المشركون- كتابا من قبل هذا القرآن يدل على صحة ما أنتم عليه من شرك، فإن لم تستطيعوا ذلك- ولن تستطيعوا- فأتونى ببقية من علم يؤثر عن السابقين، ويسند إليهم، ويشهد لكم بصحة ما أنتم فيه من كفر.إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تزعمونه من أنكم على الحق.وهكذا أخذ عليهم القرآن الحجة، وألزمهم ببطلان ما هم عليه من ضلال، بالأدلة العقلية المتمثلة في شهادة هذا الكون المفتوح، وبالأدلة النقلية المتمثلة في أنه لا يوجد عندهم كتاب أو ما يشبه الكتاب. يستندون إليه في استحقاق تلك المعبودات للعبادة.والحق أن هذا الآية الكريمة على رأس الآيات التي تخرس أصحاب الأقوال التي لا دليل على صحتها، وتعلم الناس مناهج البحث الصحيح الذي يوصلهم إلى الحق والعدل..
Waman adallu mimman yadAAoo min dooni Allahi man la yastajeebu lahu ila yawmi alqiyamati wahum AAan duAAaihim ghafiloona
ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المشركين قد بلغوا الذروة في ضلالهم وجهلهم فقال: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.أى: لا أحد أشد ضلالا وجهلا من هؤلاء المشركين الذين يعبدون من دون الله- تعالى- آلهة، هذه الآلهة لا تسمع كلامهم، ولا تعقل نداءهم، ولا تشعر بعبادتهم لها منذ أن عبدوها، إلى أن تقوم الساعة.فإذا ما قامت الساعة، تحولت هذه الآلهة- بجانب عدم شعورها بشيء إلى عدوة لهؤلاء العابدين لها.قال بعض العلماء: وفي قوله: إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ نكتة حسنة، وذلك أنه جعل يوم القيامة غاية لعدم الاستجابة، ومن شأن الغاية انتهاء المغيا عندها. لكن عدم الاستجابة مستمر بعد هذه الغاية، لأنهم في يوم القيامة لا يستجيبون لهم.فالوجه- والله أعلم- أنها من الغايات المشعرة، بأن ما بعدها وإن وافق ما قبلها، إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالثاني، حتى كأن الحالتين وإن كانتا نوعا واحدا، لتفاوت ما بينهما كالشىء وضده، وذلك أن الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة، والحالة الثانية التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة، بالعداوة بالكفر بعبادتهم إياهم .ثم أكد- سبحانه- عدم إحساس الأصنام بعابديها فقال: وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ.أى: وهذه الأصنام عن عبادة عابديها غافلة، لا تدرك شيئا، ولا تحس بمن حولها.قال صاحب الكشاف: وإنما قيل «من» و «هم» لأنه أسند إليهم ما يسند إلى أولى العلم من الاستجابة والغفلة، ولأنهم كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة.ويجوز أن يريد: كل معبود من دون الله من الجن والإنس والأوثان .