سورة الأحقاف: القراءة والتفسير والتحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الأحقاف بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تنوير المقباس من تفسير ابن عباس (عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الأحقاف مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الأحقاف

سُورَةُ الأَحۡقَافِ
الصفحة 502 (آيات من 1 إلى 5)

الاستماع إلى سورة الأحقاف

تفسير سورة الأحقاف (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي)

الترجمة الإنجليزية

Hameem

حم (1(تقدم القول في نظيره في أول سورة غافر . وهذه جملة مستقلّة مثل نظائرها من الحروف المقطعة في أوائل من سور القرآن .

الترجمة الإنجليزية

Tanzeelu alkitabi mina Allahi alAAazeezi alhakeemi

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2(تقدم القول في نظيره في أول الجاثية .

الترجمة الإنجليزية

Ma khalaqna alssamawati waalarda wama baynahuma illa bialhaqqi waajalin musamman waallatheena kafaroo AAamma onthiroo muAAridoona

مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3(لما كان من أهم ما جاء به القرآن إثباتُ وحدانية الله تعالى ، وإثباتُ البعث والجزاء ، لتوقف حصول فائدة الإنذار على إثباتهما ، جُعِل قوله : { تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم } [ الأحقاف : 2 ] تمهيداً للاستدلال على إثبات الوحدانية والبعث والجزاء ، فجُعل خلق السماوات والأرض محل اتفاق ، ورتب عليه أنه ما كان ذلك الخَلق إلا ملابساً للحق ، وتقتضي ملابسته للحق أنه لا يكون خلْقاً عبثاً بل هو دال على أنه يعقبه جزاء على ما يفعله المخلوقون . واستثناءُ { بالحق } من أحوال عامة ، أي ما خلقناهما إلا في حالة المصاحبة للحق .وقوله : { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } في موضع الحال من الضمير المقدر في متعلّق الجار والمجرور من قوله : { بالحق } ، فيكون المقصود من الحال التعجيب منهم وليس ذلك عطفاً لأن الإخبار عن الذين كفروا بالإعراض مستغنى عنه إذ هو معلوم ، والتقدير : إلا خلقاً كائناً بملابسة الحق في حال إعراض الذين كفروا عما أنذروا به مما دل عليه الخلق بالحق .وصاحب الحال هو { السماوات والأرض } ، والمعنى : ما خلقناهما إلا في حالة ملابسة الحق لهما وتعيين أجل لهما . وإعراض الذين كفروا عما أنذروا به من آيات القرآن التي تذكرهم بما في خلق السماوات والأرض من ملابسة الحق .وعطف { وأجل مسمى } على { بالحق } ، عطفُ الخاص على العام للاهتمام به كعطف جبريل وميكائيل على ملائكته في قوله تعالى : { وملائِكتهِ ورسله وجبريل وميكائيل } في سورة البقرة ( 98 ( لأن دلالة الحدوث على قبول الفناء دلالة عقلية فهي ممّا يقتضيه الحق ، وأن تعرض السماوات والأرض للفناء دليل على وقوع البعث لأن انعدام هذا العالم يقتضي بمقتضى الحكمة أن يخلفه عالم آخر أعظم منه ، على سنة تدرج المخلوقات في الكمال ، وقد كان ظن الدهريين قدمَ هذا العالم وبقاءَه أكبر شبهة لهم في إنكارهم البعث { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيَا وما يُهلكنا إلا الدهر } [ الجاثية : 24 ] . فالدهر عندهم متصرف وهو باق غير فان ، فلو جوزوا فناء هذا العالم لأمكن نزولهم إلى النظر في الأدلة التي تقتضي حياة ثانية . فجملة { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } مرتبطة بالاستثناء في قوله : { إلا بالحق } ، أي هم معرضون عما أنذروا به من وعيد يوم البعث .وحذف العائد من الصلة لأنه ضمير منصوب ب { أنذروا } . والتقدير : عما أنذروه معرضون . ويجوز أن تكون { ما } مصدرية فلا يقدر بعدها ضمير . والتقدير عن إنذارهم معرضون فشمل كل إنذار أنذروه .وتقديم { عما أنذروا } على متعلقه وهو { معرضون } للاهتمام بما أنذروا ويتبع ذلك رعاية الفاصلة .

الترجمة الإنجليزية

Qul araaytum ma tadAAoona min dooni Allahi aroonee matha khalaqoo mina alardi am lahum shirkun fee alssamawati eetoonee bikitabin min qabli hatha aw atharatin min AAilmin in kuntum sadiqeena

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4(انتقل إلى الاستدلال على بطلان نفي صفة الإلهية عن أصنامهم . فجملة { قل أرأيتم ما تدعون } أمر بإلقاء الدليل على إبطال الإشراك وهو أصل ضلالهم .وجَاء هذا الاستدلالُ بأسلوب المناظرة فجُعل النبي صلى الله عليه وسلم مواجهاً لهم بالاحتجاج ليكون إلجاءً لهم إلى الاعتراف بالعجز عن معارضة حجته ، وكذلك جرى الاحتجاج بعده ثلاث مرات بطريقة أمر التعجيز بقوله : { أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أيتوني بكتاب } الآية . و { أرأيتم } استفهام تقريري فهو كناية عن معنى : أخبروني ، وقد تقدم في سورة الأنعام ( 40 ( قوله : { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون }وقوله : أروني } تصريح بما كنى عنه طريق التقرير لقوله : { أرأيتم ما تدعون } وموقع جملة { أروني } في موقع المفعول الثاني لفعل { أرأيتم } .والأمر في { أروني ماذا خلقوا من الأرض } مستعمل في التسخير والتعجيز كناية عن النفي إن لم يخلقوا من الأرض شيئاً فلا تستطيعوا أن تُروني شيئاً خلقوه في الأرض ، وهذا من رؤوس مسائل المناظرة ، وهو مطالبة المدّعي بالدليل على إثبات دعواه . و { ماذا } بمعنى ما الذي خلقوه ، ف ( ما ( استفهامية ، و ( ذا ( بمعنى الذي . وأصله اسم إشارة ناب عن الموصول . وأصل التركيب : ماذا الذي خلقوا ، فاقتصر على اسم الإشارة وحذف اسم الموصول غالباً في الكلام وقد يظهر كما في قوله تعالى : { من ذَا الذي يشفع عنده } [ البقرة : 255 ] . ولهذا قال النحاة : إن ( ذا ( بعد ( ما ( أو ( مَن ( الاستفهاميتين بمنزلة ( مَا ( الموصولة .والاستفهامُ في { ماذا خلقوا } إنكاري . وجملة { ماذا خلقوا } بدل من جملة { أروني } وفعل الرؤية معلق عن العمل بورود { ما } الاستفهامية بعده ، وإذا لم يكن شيء من الأرض مخلوقاً لهم بطل أن يكونوا آلهة لِخروج المخلوقات عن خَلقهم ، وإذا بطل أن يكون لها خلق بطل أن يكون لها تصرف في المخلوقات كما قال تعالى : { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسَهم ينصرون } في سورة الأعراف ( 191 ، 192 ( .وأم } حرف إضراب انتقالي . والاستفهام المقدر بعد { أم } المنقطعة استفهام إنكاري أي ليس لهم شرك مع الله في السماوات . وإنما أوثر انتفاء الشِركة بالنسبة للشركة في السماوات دون انتفاء الخلق كما أوثر انتفاء الخلق بالنسبة إلى الأرض لأن مخلوقات الأرض مشاهدة للناس ظاهر تطورها وحدوثها وأن ليس لما يدعونهم دون الله أدنى عمل في إيجادها ، وأما الموجودات السماوية فهي محجوبة عن العيون لا عهد للناس بظهور وجودها ولا تطورها فلا يحسن الاستدلال بعدم تأثير الأصنام في إيجاد شيء منها ولكن لمّا لم يدّع المشركون تصرفاً للأصنام إلا في أحوال الناس في الأرض من جلب نفع أو دفع ضر اقتصر في نفي تصرفهم في السماوات على الاستدلال بنفي أن يكون للأصنام شركة في أمور السماوات لأن انتفاء ذلك لا ينازعون فيه .وتقدم نظير هذه الآية في سورة فاطر ( 40 ( { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله } الآية فانظر ذلك .ثم انتقل من الاستدلال بالمشاهدة وبالإقرار إلى الاستدلال بالأخبار الصادقة بقوله : ائتوني بكتاب من قبل هذا } فجملة { ائتوني بكتاب } في موقع مفعول ثان لفعل { أرأيتم } ، كرر كما يتعدد خبر المبتدأ . ومناط الاستدلال أنه استدلال على إبطال دعوى المدعي بانعدام الحجة على دعواه ويسمى الإفحام كما تقدم . والمعنى : نفي أن يكون لهم حجة على إلهية الأصنام لا بتأثيرها في المخلوقات ، ولا بأقوال الكتب ، فهذا قريب من قوله في سورة فاطر ( 40 ( { أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه } والمراد ب ( كتاب ( أيُّ كتاب من الكتب المقروءة . وهذا قاطع لهم فإنهم لا يستطيعون ادعاء أن لأصنامهم في الكتب السابقة ذِكراً غير الإبطال والتحذير من عبادتها ، فلا يوجد في الكتب إلا أحد أمرين : إمّا إبطال عبادة الأصنام كما في الكتب السماوية ، وإمّا عدم ذكرها البتة ويدل على أن المراد ذلك قوله بعده : أو أثارة من علم } .والإتيان مستعار للإحضار ولو كان في مجلسهم على ما تقدم في قوله تعالى : { فأتوا بسورة من مثله } في سورة البقرة ( 23 ( .والإشارة في قوله : من قبل هذا } إلى القرآن لأنه حاضر في أذهان أصحاب المحاجة فإنه يُقرأ عليهم معاودة . ووجه تخصيص الكتاب بوصف أن يكون من قبل القرآن ليسد عليهم باب المعارضة بأن يأتوا بكتاب يُصنع لهم ، كمَا قالوا : { لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } [ الأنفال : 31 ] .و { أثارة } بفتح الهمزة : البقية من الشيء . والمعنى : أو بقية بقيت عندكم تروونها عن أهل العلم السابقين غير مسطورة في الكتب . وهذا توسيع عليهم في أنواع الحجة ليكون عجزهم عن الإتيان بشيء من ذلك أقطع لدعواهم . وفي قوله : { إن كنتم صادقين } إلهاب وإفحام لهم بأنهم غير آتين بحجة لا من جانب العقل ولا من جانب النقل المسطور أو المأثور ، وقد قال تعالى في سورة القصص ( 50 ( { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . }

الترجمة الإنجليزية

Waman adallu mimman yadAAoo min dooni Allahi man la yastajeebu lahu ila yawmi alqiyamati wahum AAan duAAaihim ghafiloona

*وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5(اعتراض في أثناء تلقين الاحتجاج ، فلما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحاجّهم بالدليل وجّه الخطاب إليه تعجيباً من حالهم وضلالهم لأن قوله : { وإذا حُشر الناس كانوا لهم أعداء } الخ لا يناسب إلا أن يكون من جانب الله .و { مَن } استفهامية ، والاستفهام إنكار وتعجيب . والمعنى : لا أحد أشدّ ضلالاً وأعجب حالاً ممن يدعون من دون الله من لا يستجيب له دعاءه فهو أقصى حد من الضلالة . ووجه ذلك أنهم ضلوا عن دلائل الوحدانية وادّعوا لله شركاء بلا دليل واختاروا الشركاء من حجارة وهي أبعد الموجودات عن قبول صفات الخلق والتكوين والتصرف ثم يدعونها في نوائبهم وهم يشاهدون أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تجيب ثم سمعوا آيات القرآن توضح لهم الذكرى بنقائص آلهتهم ، فلم يعتبروا بها وزعموا أنها سحر ظاهر فكان ضلالهم أقصى حد في الضلال .و { من لا يستجيب } الأصنام عُبّر عن الأصنام باسم الموصول المختص بالعقلاء معاملة للجماد معاملة العقلاء إذْ أسند إليها ما يسند إلى أولي العلم من الغفلة ، ولأنه شاع في كلام العرب إجراؤها مجرى العقلاء فكثرت في القرآن مجاراة استعمالهم في ذلك ، ومثلُ هذا جعل ضمائر جمع العقلاء في قوله : { وهم } وقوله : { غافلون } وهي عائدة إلى { من لا يستجيب } .وجَعْلُ يوم القيامة غايةً لانتفاء الاستجابة . كنايةٌ عن استغراق مدة بقاء الدنيا . وعبر عن نهاية الحياة الدنيا ب { يوم القيامة } لأن الموَاجه بالخبر هو الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون كما علمت وهم يثبتون يوم القيامة .
502