سورة الدخان: الآية 9 - بل هم في شك يلعبون...

تفسير الآية 9, سورة الدخان

بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ يَلْعَبُونَ

الترجمة الإنجليزية

Bal hum fee shakkin yalAAaboona

تفسير الآية 9

بل هؤلاء المشركون في شك من الحق، فهم يلهون ويلعبون، ولا يصدقون به.

(بل هم في شك) من البعث (يلعبون) استهزاء بك يا محمد، فقال: "" اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف "".

فلما قرر تعالى ربوبيته وألوهيته بما يوجب العلم التام ويدفع الشك أخبر أن الكافرين مع هذا البيان فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ أي: منغمرون في الشكوك والشبهات غافلون عما خلقوا له قد اشتغلوا باللعب الباطل، الذي لا يجدي عليهم إلا الضرر.

يقول تعالى : بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون ، أي : قد جاءهم اليقين ، وهم يشكون فيه ، ويمترون ولا يصدقون به ،

وبَلْ في قوله- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ للاضراب الإبطالى، لأن المقصود من الآية الكريمة، نفى إيقانهم بأن خالق السموات والأرض هو الله، لعدم جريهم على ما يقتضيه هذا الإيقان، لأنهم لو كانوا موقنين حقا بذلك، لأخلصوا لله- تعالى- العبادة والطاعة.فيكون المعنى: إن هؤلاء الكفار لم يكونوا موقنين بأن رب السموات والأرض وما بينهما هو الله، بل قالوا ما قالوا في ذلك على سبيل الشك واللعب.قال الآلوسى: «قوله: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ ... إضراب إبطالى، أبطل به إيقانهم لعدم جريهم على موجبه، وتنوين شَكٍّ للتعظيم، أى: في شك عظيم. يَلْعَبُونَ أى: لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان، بل يقولونه مخلوطا بهزء ولعب. وهذه الجملة خبر بعد خبر لهم.. والالتفات عن خطابهم لفرط عنادهم، وإهمال أمرهم..»

( بل هم في شك ) من هذا القرآن ( يلعبون ) يهزءون به لاهون عنه .

بل هم في شك يلعبون أي ليسوا على يقين فيما يظهرونه من الإيمان والإقرار في قولهم : إن الله خالقهم ، وإنما يقولونه لتقليد آبائهم من غير علم فهم في شك . وإن توهموا أنهم مؤمنون فهم يلعبون في دينهم بما يعن لهم من غير حجة . وقيل : ( يلعبون ) يضيفون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الافتراء استهزاء . ويقال لمن أعرض عن المواعظ : لاعب ، وهو كالصبي الذي يلعب فيفعل ما لا يدري عاقبته .

وقوله ( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ) يقول تعالى ذكره ما هم بموقنين بحقيقة ما يقال لهم ويخبرون من هذه الأخبار, يعني بذلك مشركي قريش, ولكنهم في شكّ منه, فهم يلهون بشكهم في الذي يخبرون به من ذلك.

بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9){ بل } للإضراب الإبطالي ردّ به أن يكونوا موقنين ومقرّين بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما فإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ثابت بل هو كالْعَدَممِ لأنهم خلطوه بالشك واللعب فارتفعت عنه خاصية اليقين والإقرار التي هي الجري على موجَب العلم ، فإن العلم إذا لم يجر صاحبه على العمل به وتجديد ملاحظته تطرق إليه الذهول ثم النسيان فضعف حتى صار شكّاً لانحجاب الأدلة التي يرسخ بها في النفس ، أي هم شاكّون في وحدانية الله تعالى .والإتيان بحرف الظرفية للدلالة على شدة تمكن الشك من نفوسهم حتى كأنه ظرف محيط بهم لا يجدون عنه مخرجاً ، أي لا يفارقهم الشك ، فالظرفية استعارة تبعية مثل الاستعلاء في قوله : { أولئك على هدى من ربّهم } [ البقرة : 5 ] .وجملة { يلعبون } حال من ضمير { هم } أي اشتغلوا عن النظر في الأدلة التي تزيل الشك عنهم وتجعلهم مهتدين ، بالهزء واللعب في تلقي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فكأن انغماسهم في الشك مقارِناً لحالهم من اللعب ، ولهذه الجملة الحالية موقع عظيم إذ بها أفيد أنّ الشك حامِل لهم على الهزء واللعب ، وأن الشغل باللعب يزيد الشك فيهم رسوخاً بخلاف ما لو قيل : بل هم في شك ولعب ، فتفطّنْ .
الآية 9 - سورة الدخان: (بل هم في شك يلعبون...)