سورة العاديات: الآية 2 - فالموريات قدحا...

تفسير الآية 2, سورة العاديات

فَٱلْمُورِيَٰتِ قَدْحًا

الترجمة الإنجليزية

Faalmooriyati qadhan

تفسير الآية 2

فالخيل اللاتي تنقدح النار من صلابة حوافرها؛ من شدَّة عَدْوها.

«فالموريات» الخيل توري النار «قدحا» بحوافرها إذا سارت في الأرض ذات الحجارة بالليل.

فَالْمُورِيَاتِ بحوافرهن ما يطأن عليه من الأحجار قَدْحًا أي: تقدح النار من صلابة حوافرهن [وقوتهن] إذا عدون،

"فالموريات قدحا" يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار.وقال أكثر هؤلاء في قوله : ( فالموريات قدحا ) يعني : بحوافرها . وقيل : أسعرن الحرب بين ركبانهن . قاله قتادة .وعن ابن عباس ومجاهد : ( فالموريات قدحا ) يعني : مكر الرجال .وقيل : هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل .وقيل : المراد بذلك : نيران القبائل .وقال من فسرها بالخيل : هو إيقاد النار بالمزدلفة .وقال ابن جرير : والصواب الأول ; أنها الخيل حين تقدح بحوافرها .

والموريات : جمع مُورِيَة ، اسم فاعل من الإِيراء ، وهو إخراج النار ، تقول : أَوْرَى فلان ، إذا أخرج النار بزند ونحوه .والقَدْح : ضَرْب شىءٍ لكى يخرج من بينهما شرر النار .والمراد به هنا : النار التى تخرج من أثر احتكاك حوافر الخيل بالحجارة خلال عدوها بسرعة .

( فالموريات قدحا ) قال عكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، ومقاتل ، والكلبي ، : هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة . يعني : والقادحات قدحا يقدحن بحوافرهن .وقال قتادة : هي الخيل تهيج الحرب ونار العداوة بين فرسانها .وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : هي الخيل تغزو في سبيل الله ثم تأوي بالليل [ إلى مأواها ] فيورون نارهم ، ويصنعون طعامهم .وقال مجاهد ، وزيد بن أسلم : هي مكر الرجال ، يعني رجال الحرب ، والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه : أما والله لأقدحن لك ثم لأورين لك .وقال محمد بن كعب : هي النيران تجتمع .

فالموريات قدحا قال عكرمة وعطاء والضحاك : هي الخيل حين توري النار بحوافرها ، وهي سنابكها ; وروي عن ابن عباس . وعنه أيضا : أورت بحوافرها غبارا . وهذا يخالف سائر ما روي عنه في قدح النار ; وإنما هذا في الإبل . وروى ابن نجيح عن مجاهد والعاديات ضبحا فالموريات قدحا قال قال ابن عباس : هو في القتال وهو في الحج . ابن مسعود : هي الإبل تطأ الحصى ، فتخرج منها النار . وأصل القدح الاستخراج ; ومنه قدحت العين : إذا أخرجت منها الماء الفاسد . واقتدحت بالزند . واقتدحت المرق : غرفته . وركي قدوح : تغترف باليد . والقديح : ما يبقى في أسفل القدر ، فيغرف بجهد . والمقدحة : ما تقدح به النار . والقداحة والقداح : الحجر الذي يوري النار . يقال : ورى الزند ( بالفتح ) يري وريا : إذا خرجت ناره . وفيه لغة أخرى : وري الزند ( بالكسر ) يري فيهما . وقد مضى هذا في سورة ( الواقعة ) . وقدحا انتصب بما انتصب به ضبحا . وقيل : هذه الآيات في الخيل ; ولكن إيراءها : أن تهيج الحرب بين أصحابها وبين عدوهم . ومنه يقال للحرب إذا التحمت : حمي الوطيس . ومنه قوله تعالى : كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله . وروي معناه عن ابن عباس أيضا ، وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا ، وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا : أن المراد بالموريات قدحا : مكر الرجال في الحرب ; وقاله مجاهد وزيد بن أسلم . والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه : والله لأمكرن بك ، ثم لأورين لك . وعن ابن عباس أيضا : هم الذين يغزون فيورون نيرانهم بالليل ، لحاجتهم وطعامهم . وعنه أيضا : أنها نيران المجاهدين إذا كثرت نارها إرهابا . وكل من قرب من العدو يوقد نيرانا كثيرة ليظنهم العدو كثيرا . فهذا إقسام بذلك . قال محمد بن كعب : هي النار تجمع . وقيل هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة .وقال عكرمة : هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به ، ويظهر بها من إقامة الحجج ، وإقامة الدلائل ، وإيضاح الحق ، وإبطال الباطل . وروى ابن جريح عن بعضهم قال : فالمنجحات أمرا وعملا ، كنجاح الزند إذا أوري .قلت : هذه الأقوال مجاز ; ومنه قولهم : فلان يوري زناد الضلالة . والأول : الحقيقة ، وأن الخيل من شدة عدوها تقدح النار بحوافرها . قال مقاتل : العرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب ، وكان أبو حباحب شيخا من مضر في الجاهلية ، من أبخل الناس ، وكان لا يوقد نارا لخبز ولا غيره حتى تنام العيون ، فيوقد نويرة تقد مرة وتخمد أخرى ; فإن استيقظ لها أحد أطفأها ، كراهية أن ينتفع بها أحد . فشبهت العرب هذه النار بناره ; لأنه لا ينتفع بها . وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت نارا ، فكذلك يسمونها . قال النابغة :ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائبتقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب

وقوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا )اختلف أهل التأويل, في ذلك, فقال بعضهم: هي الخيل توري النار بحوافرها.*ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا أبو رجاء, قال: سئل عكرِمة, عن قوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: أورت وقدحت.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: هي الخيل; وقال الكلبي: تقدح بحوافرها حتى يخرج منها النار.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن واصل, عن عطاء ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: أورت النار بحوافرها.حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) توري الحجارة بحوافرها.وقال آخرون: بل معنى ذلك أن الخيل هجن الحرب بين أصحابهن وركبانهن.ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: هجن الحرب بينهم وبين عدوهم.حدثنا ابن حميد, فال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: هجن الحرب بينهم وبين عدوهم.وقال آخرون: بل عني بذلك: الذين يورون النار بعد انصرافهم من الحرب.*ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن أبي معاوية البجلي, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: سألني علي بن أبي طالب رضى الله عنه, عن (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) فقلت له: الخيل تغير في سبيل الله, ثم تأوي إلى الليل, فيصنعون طعامهم ويورون نارهم.وقال آخرون: بل معنى ذلك: مكر الرجال.*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبى, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: المكر.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد, في قول الله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: مكر الرجال.وقال آخرون: هي الألسنة*ذكر من قال ذلك:حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا يونس بن محمد, قال: ثنا حماد بن سلمة, عن سماك بن حرب, عن عكرِمة قال: يقال في هذه الآية ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: هي الألسنة.وقال آخرون: هي الإبل حين تسير تنسف بمناسمها الحصى.*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ) قال: إذا نسفت الحصى بمناسمها, فضرب الحصى بعضه بعضا, فيخرج منه النار.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالموريات التي توري النيران قدحا; فالخيل توري بحوافرها, والناس يورونها بالزند, واللسان - مثلا - يوري بالمنطق, والرجال يورون بالمكر - مثلا - , وكذلك الخيل تهيج الحرب بين أهلها: إذا التقت في الحرب، ولم يضع الله دلالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض فكل ما أورت النار قدحا, فداخلة فيما أقسم به, لعموم ذلك بالظاهر.

فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) والقَدْح : حكّ جسم على آخر ليقدح ناراً ، يقال : قدح فأورَى . وانتصب { قدحا } على أنه مفعول مطلق مُؤكّد لعامله . وكل من سنابك الخيل ومناسم الإِبل تقدح إذا صَكَّت الحجر الصَّوَّان ناراً تسمى نار الحُباحب ، قال الشنفرى يشبِّه نفسه في العدو ببعير: ... إذا الأمْعَز الصَّوَّان لاقَى مَناسميتَطَايَر منه قَادح ومُفلَّل ... وذلك كناية عن الإِمعان في العدو وشدة السرعة في السير .ويجوز أن يراد قَدح النيرَان بالليل حين نزولهم لحاجتهم وطعامهم ، وجُوز أن يكون { الموريات قدحاً } مستعار لإِثارة الحرب لأن الحرب تشبَّه بالنار . قال تعالى : { كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللَّه } [ المائدة : 64 ] ، فيكون { قدحاً } ترشيحاً لاستعارة { الموريات } ومنصوباً على المفعول المطلق ل { الموريات } وجُوز أن يكون { قدحاً } بمعنى استخراج المرق من القِدر في القداح لإِطعام الجيش أو الركْب ، وهو مشتق من اسم القَدَح ، وهو الصحفة فيكون { قدحاً } مصدراً منصوباً على المفعول لأجله .والمغيرات : اسم فاعل من أغار ، والإِغارة تطلق على غزو الجيش داراً وهو أشهر إطلاقها فإسناد الإِغارة إلى ضمير { العاديات } مجاز عقلي فإن المغيرين راكبوها ولكن الخيل أو إبل الغزو أسباب للإِغارة ووسائل .وتطلق الإِغارة على الاندفاع في السير .
الآية 2 - سورة العاديات: (فالموريات قدحا...)