سورة العاديات: الآية 3 - فالمغيرات صبحا...

تفسير الآية 3, سورة العاديات

فَٱلْمُغِيرَٰتِ صُبْحًا

الترجمة الإنجليزية

Faalmugheerati subhan

تفسير الآية 3

فالمغيرات على الأعداء عند الصبح.

«فالمغيرات صبحا» الخيل تغير على العدو وقت الصبح بإغارة أصحابها.

فَالْمُغِيرَاتِ على الأعداء صُبْحًا وهذا أمر أغلبي، أن الغارة تكون صباحًا.

يعني الإغارة وقت الصباح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحا ويستمع الأذان فإن سمع أذانا وإلا أغار.وقوله ( فالمغيرات صبحا ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : يعني إغارة الخيل صبحا في سبيل الله .وقال من فسرها بالإبل : هو الدفع صبحا من المزدلفة إلى منى .

و ( المغيرات) جمع مغيرة . وفعله أغار ، تقول : أغار فلان على فلان ، إذا باغته بفعل يؤذيه . و ( صبحا ) منصوب على الظرفية .

( فالمغيرات صبحا ) هي الخيل تغير بفرسانها ، على العدو عند الصباح ، هذا قول أكثر المفسرين . وقال القرظي : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى ، والسنة أن لا تدفع [ بركبانها يوم النحر ] حتى تصبح والإغارة سرعة السير ، ومنه قولهم : أشرق ثبير كيما نغير .

قوله تعالى : فالمغيرات صبحاالخيل تغير على العدو عند الصبح ; عن ابن عباس وأكثر المفسرين . وكانوا إذا أرادوا الغارة سروا ليلا ، ويأتون العدو صبحا ; لأن ذلك وقت غفلة الناس . ومنه قوله تعالى : فساء صباح المنذرين . وقيل : لعزهم أغاروا نهارا ، وصبحا على هذا ، أي علانية ، تشبيها بظهور الصبح . وقال ابن مسعود وعلي - رضي الله عنهما - : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من منى إلى جمع . والسنة ألا تدفع حتى تصبح ; وقاله القرطبي . والإغارة : سرعة السير ; ومنه قولهم : أشرق ثبير ، كيما نغير .

وقوله: ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا )اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: فالمغيرات صبحا على عدوّها علانية.*ذكر من قال ذلك:29259 - حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن أبي معاوية البجلي, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: سألني رجل عن المغيرات صبحا, فقال: الخيل تغير في سبيل الله.29260 - حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا أبو رجاء, قال: سألت عكرِمة, عن قوله ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: أغارت على العدو صبحا.29261 - حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: هي الخيل.29262 - حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: هي الخيل.29263 - حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: أغار القوم بعد ما أصبحوا على عدوهم.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: أغارت حين أصبحوا.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) قال: أغار القوم حين أصبحوا.وقال آخرون: عني بذلك الإبل حين تدفع بركبانها من " جمع " يوم النحر إلى " منى ".*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) حين يفيضون من جمع.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله جل ثناؤه أقسم بالمغيرات صبحا, ولم يخصص^ من ذلك مغيرة دون مغيرة, فكل مغيرة صبحا, فداخلة فيما أقسم به ; وقد كان زيد بن أسلم يذكر تفسير هذه الأحرف ويأباها, ويقول: إنما هو قسم أقسم الله به.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) قال: هذا قسم أقسم الله به. وفي قوله: ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ) قال: كل هذا قسم, قال: ولم يكن أبي ينظر فيه إذا سئل عنه, ولا يذكره, يريد به القسم.

فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) و { صبحاً } ظرف زمان فإذا فسر «المغيرات» بخيل الغزاة فتقييد ذلك بوقت الصبح لأنهم كانوا إذا غزوا لا يغيرون على القوم إلا بعد الفجر ولذلك كان مُنذر الحَيِّ إذا أنذر قومه بمجيء العدوّ نادى : يا صَبَاحاه ، قال تعالى : { فإذا نَزَل بساحتهم فساء صباح المنذرين } [ الصافات : 177 ] .وإذا فسر «المغيرات» بالإِبل المسرعات في السير ، فالمراد : دفعها من مزدلفة إلى منى صباحَ يوم النحر وكانوا يدفعون بكرة عندما تُشرق الشمس على ثبير ومن أقوالهم في ذلك : «أشْرِق ثَبير كيما نغير» .«وأثَرنَ به نقعاً» : أصعَدْن الغبار من الأرض من شدة عدْوِهن ، والإِثارة : الإِهاجة ، والنقع : الغبار .والباء في { به } يجوز أن تكون سببية ، والضمير المجرور عائد إلى العَدْوِ المأخوذ من { العاديات } . ويجوز كون الباء ظرفية والضمير عائداً إلى { صبحاً } ، أي أثرن في ذلك الوقت وهو وقت إغارتها .ومعنى : «وسَطْن» : كُنَّ وسط الجمع ، يقال : وسط القومَ ، إذا كان بينهم .و { جمعاً } مفعول : «وسَطْن» وهو اسم لجماعة الناس ، أي صِرْن في وسط القوم المغزوون . فأما بالنسبة إلى الإِبل فيتعين أن يكون قوله : { جمعاً } بمعنى المكان المسمى { جمعاً } وهو المزدلفة فيكون إشارة إلى حلول الإِبل في مزدلفة قبل أن تغير صبحاً منها إلى عرفة إذ ليس ثمة جماعة مستقرة في مكان تصل إليه هذه الرواحل .ومن بديع النظم وإعجازه إيثار كلمات «العاديات وضبحاً والموريات وقدحا ، والمغيرات وصبحاً ، ووسطن وجمعاً» دون غيرها لأنها برشقاتها تتحمل أن يكون المقسم به خيل الغزو ورواحل الحج .وعطفت هذه الأوصاف الثلاثة الأولى بالفاء لأن أسلوب العرب في عطف الصفات وعطف الأمكنة أن يكون بالفاء وهي للتعقيب ، والأكثر أن تكون لتعقيب الحصول كما في هذه الآية ، وكما في قول ابن زيَّابة: ... يا لهفَ زيَّابةَ للحارِث الصَّابح فالغانم فالآيب ... وقد يكون لمجرد تعقيب الذِّكر كما في سورة الصافات .
الآية 3 - سورة العاديات: (فالمغيرات صبحا...)