سورة الأحقاف: الآية 4 - قل أرأيتم ما تدعون من...

تفسير الآية 4, سورة الأحقاف

قُلْ أَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا۟ مِنَ ٱلْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ ۖ ٱئْتُونِى بِكِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَآ أَوْ أَثَٰرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ

الترجمة الإنجليزية

Qul araaytum ma tadAAoona min dooni Allahi aroonee matha khalaqoo mina alardi am lahum shirkun fee alssamawati eetoonee bikitabin min qabli hatha aw atharatin min AAilmin in kuntum sadiqeena

تفسير الآية 4

قل -أيها الرسول- لهؤلاء الكفار: أرأيتم الآلهة، والأوثان التي تعبدونها من دون الله، أروني أيَّ شيء خلقوا من الأرض، أم لهم مع الله نصيب من خلق السموات؟ ائتوني بكتاب من عند الله من قبل هذا القرآن أو ببقيَّة من علم، إن كنتم صادقين فيما تزعمون.

«قل أرأيتم» أخبروني «ما تدعون» تعبدون «من دون الله» أي الأصنام مفعول أول «أروني» أخبروني ما تأكيد «ماذا خلقوا» مفعول ثان «من الأرض» بيان ما «أم لهم شرك» مشاركة «في» خلق «السماوات» مع الله وأم بمعنى همزة الإنكار «ائتوني بكتاب» منزل «من قبل هذا» القرآن «أو أثارة» بقية «من علم» يؤثر عن الأولين بصحة دعواكم في عبادة الأصنام أنها تقربكم إلى الله «إن كنتم صادقين» في دعواكم.

أي: قُلْ لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثانا وأندادا لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قل لهم -مبينا عجز أوثانهم وأنها لا تستحق شيئا من العبادة-: أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئا؟ هل خلقوا جبالا؟ هل أجروا أنهارا؟ هل نشروا حيوانا؟ هل أنبتوا أشجارا؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك؟لا شيء من ذلك بإقرارهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم، فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى الله فعبادته باطلة.ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال: اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا الكتاب يدعو إلى الشرك أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وكل رسول قال لقومه: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة. يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبع علومهم وأعمالهم والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته هل أفادهم شيئا في الدنيا أو في الآخرة؟

ثم قال : ( قل ) أي : لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره : ( أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض ) أي : أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض ، ( أم لهم شرك في السموات ) أي : ولا شرك لهم في السموات ولا في الأرض ، وما يملكون من قطمير ، إن الملك والتصرف كله إلا لله ، عز وجل ، فكيف تعبدون معه غيره ، وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعاكم إليه ؟ أهو أمركم به ؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم ؟ ولهذا قال : ( ائتوني بكتاب من قبل هذا ) أي : هاتوا كتابا من كتب الله المنزلة على الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، يأمركم بعبادة هذه الأصنام ، ( أو أثارة من علم ) أي : دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه ( إن كنتم صادقين ) أي : لا دليل لكم نقليا ولا عقليا على ذلك ; ولهذا قرأ آخرون : " أو أثرة من علم " أي : أو علم صحيح يأثرونه عن أحد ممن قبلهم ، كما قال مجاهد في قوله : ( أو أثارة من علم ) أو أحد يأثر علما .وقال العوفي ، عن ابن عباس : أو بينة من الأمر .وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، حدثنا صفوان بن سليم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن ابن عباس قال سفيان : لا أعلم إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أو أثرة من علم " قال : " الخط " .وقال أبو بكر بن عياش : أو بقية من علم . وقال الحسن البصري : ( أو أثارة ) شيء يستخرجه فيثيره .وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو بكر بن عياش أيضا : ( أو أثارة من علم ) يعني الخط .وقال قتادة : ( أو أثارة من علم ) خاصة من علم .وكل هذه الأقوال متقاربة ، وهي راجعة إلى ما قلناه ، وهو اختيار ابن جرير رحمه الله وأكرمه ، وأحسن مثواه .

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يوبخ هؤلاء الكافرين على جهالاتهم وعنادهم، فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ، أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ....وقوله: أَرَأَيْتُمْ بمعنى أخبرونى، ومفعوله الأول قوله ما تَدْعُونَ وجمله «ماذا خلقوا» سدت مسد مفعوله الثاني.وجملة: «أرونى» مؤكدة لقوله: أَرَأَيْتُمْ لأنها- أيضا- بمعنى أخبرونى.والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين- على سبيل التوبيخ والتأنيب-: أخبرونى عن هذه الآلهة التي تعبدونها من دول الله- تعالى-، أى شيء في الأرض أوجدته هذه الآلهة؟ إنها قطعا لم تخلق شيئا من الأرض. فالأمر في قوله أَرُونِي للتعجيز والتبكيت.و «أم» في قوله أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ للإضراب عن أن يكونوا قد خلقوا شيئا، إلى بيان أنهم لا مشاركة لهم مع الله في خلق السموات أو الأرض أو غيرهما. فقوله:شِرْكٌ بمعنى مشاركة..أى: بل ألهم مشاركة من الله- تعالى- في خلق شيء من السموات؟ كلا، لا مشاركة لهم في خلق أى شيء، وإنما الخالق لكل شيء هو الله رب العالمين.فالاستفهام للتوبيخ والتقريع.فالمراد من الآية الكريمة نفى استحقاق معبوداتهم لأى لون من ألوان العبادة بأبلغ وجه، لأن هذه المعبودات لا مدخل لها في خلق أى شيء لا من العوالم السفلية ولا من العوالم العلوية، وإنما الكل مخلوق لله- تعالى- وحده.ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ.وبعد أن أفحمهم- سبحانه- من الناحية العقلية، أتبع ذلك بإفحامهم بالأدلة النقلية، فقال- تعالى-: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا، أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.والأمر في قوله- تعالى- ائْتُونِي للتعجيز والتهكم- أيضا- كما في قوله:أَرُونِي.وقوله: أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ أى: بقية من علم يؤثر عن الأولين، وينسب إليهم.قال القرطبي: وفي الصحاح: «أو أثارة من علم» أى: بقية منه. وكذلك الأثرة- بالتحريك- ويقال: سمنت الإبل على أثارة، أى: على بقية من شحم كان فيها قبل ذلك..والأثارة: مصدر كالسماحة والشجاعة، وأصل الكلمة من الأثر، وهي الرواية، يقال:أثرت الحديث آثره أثرا وأثارة وأثرة فأنا آثر، إذا ذكرته عن غيرك، ومنه قيل: حديث مأثور، أى نقله الخلف عن السلف.أى: هاتوا لي- أيها المشركون- كتابا من قبل هذا القرآن يدل على صحة ما أنتم عليه من شرك، فإن لم تستطيعوا ذلك- ولن تستطيعوا- فأتونى ببقية من علم يؤثر عن السابقين، ويسند إليهم، ويشهد لكم بصحة ما أنتم فيه من كفر.إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تزعمونه من أنكم على الحق.وهكذا أخذ عليهم القرآن الحجة، وألزمهم ببطلان ما هم عليه من ضلال، بالأدلة العقلية المتمثلة في شهادة هذا الكون المفتوح، وبالأدلة النقلية المتمثلة في أنه لا يوجد عندهم كتاب أو ما يشبه الكتاب. يستندون إليه في استحقاق تلك المعبودات للعبادة.والحق أن هذا الآية الكريمة على رأس الآيات التي تخرس أصحاب الأقوال التي لا دليل على صحتها، وتعلم الناس مناهج البحث الصحيح الذي يوصلهم إلى الحق والعدل..

( قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا ) أي بكتاب جاءكم من الله قبل القرآن فيه بيان ما تقولون ( أو أثارة من علم ) قال الكلبي : أي بقية من علم يؤثر عن الأولين ، أي يسند إليهم . قال مجاهد وعكرمة ومقاتل : رواية عن الأنبياء . وقال قتادة : خاصة من علم . وأصل الكلمة من الأثر وهو الرواية ، يقال : أثرت الحديث أثرا وأثارة ، ومنه قيل للخبر : أثر . ( إن كنتم صادقين ) .

قوله تعالى : قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين .فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى : قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أي ما تعبدون من الأصنام والأنداد من دون الله . أروني ماذا خلقوا من الأرض أي هل خلقوا شيئا من الأرض أم لهم شرك أي نصيب في السماوات أي في خلق السماوات مع الله . ائتوني بكتاب من قبل هذا أي من قبل هذا القرآن .الثانية : قوله تعالى : أو أثارة من علم قراءة العامة أو أثارة بألف بعد الثاء . قال ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ هو خط كانت تخطه العرب في الأرض ] ، ذكره المهدوي والثعلبي .وقال ابن العربي : ولم يصح . وفي مشهور الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : [ كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك ] ولم يصح أيضا .قلت : هو ثابت من حديث معاوية بن الحكم السلمي ، خرجه مسلم . وأسند النحاس : حدثنا محمد بن أحمد ( يعرف بالجرايجي ) قال حدثنا محمد بن بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله - عز وجل - : أو أثارة من علم قال : [ الخط ] وهذا صحيح أيضا .قال ابن العربي : واختلفوا في تأويله ، فمنهم من قال : جاء لإباحة الضرب لأن بعض الأنبياء كان يفعله . ومنهم من قال جاء للنهي عنه ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال : [ فمن وافق خطه فذاك ] . ولا سبيل إلى معرفة طريق النهي المتقدم فيه ، فإذا لا سبيل إلى العمل به . قال :لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا ولا زاجرات الطير ما الله صانعوحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب ، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم ، فصار ظنا مبنيا على ظن ، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه وفات تحقيقه ، وقد نهت الشريعة عنه ، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به ، وقطعه عن الخلق ، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الأشياء المغيبة ، فإن الله قد رفع تلك الأسباب وطمس تلك الأبواب وأفرد نفسه بعلم الغيب ، فلا يجوز مزاحمته في ذلك ، ولا يحل لأحد دعواه . وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي . فإذ وقد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب .قلت : ما اختاره هو قول الخطابي . قال الخطابي : قوله - عليه السلام - : [ فمن وافق خطه فذاك ] هذا يحتمل الزجر إذ كان ذلك علما لنبوته وقد انقطعت ، فنهينا عن التعاطي لذلك .قال القاضي عياض : الأظهر من اللفظ خلاف هذا ، وتصويب خط من يوافق خطه ، لكن من أين تعلم الموافقة والشرع منع من التخرص وادعاء الغيب جملة - فإنما معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته ، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم . وحكى مكي في تفسير قوله : [ كان نبي من الأنبياء يخط ] أنه كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر .وقال ابن عباس في تفسير قوله [ ومنا رجال يخطون ] : هو الخط الذي يخطه الحازي فيعطى حلوانا فيقول : اقعد حتى أخط لك ، وبين يدي الحازي غلام معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطا معجلة لئلا يلحقها العدد ، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين ، فإن بقي خطان فهو علامة النجح ، وإن بقي خط فهو علامة الخيبة . والعرب تسميه الأسحم وهو مشئوم عندهم .الثالثة : قال ابن العربي : إن الله تعالى لم يبق من الأسباب الدالة على الغيب التي أذن في التعلق بها والاستدلال منها إلا الرؤيا ، فإنه أذن فيها ، وأخبر أنها جزء من النبوة وكذلك الفأل ، وأما الطيرة والزجر فإنه نهى عنهما . والفأل : هو الاستدلال بما يسمع من الكلام على ما يريد من الأمر إذا كان حسنا ، فإذا سمع مكروها فهو تطير ، أمره الشرع بأن يفرح بالفأل ويمضي على أمره مسرورا . وإذا سمع المكروه أعرض عنه ولم يرجع لأجله ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ] . وقد روى بعض الأدباء :الفأل والزجر والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفالوهذا كلام صحيح ، إلا في الفأل فإن الشرع استثناه وأمر به ، فلا يقبل من هذا الشاعر ما نظمه فيه ، فإنه تكلم بجهل ، وصاحب الشرع أصدق وأعلم وأحكم .قلت : قد مضى في الطيرة والفأل وفي الفرق بينهما ما يكفي في ( المائدة ) وغيرها . ومضى في ( الأنعام ) أن الله سبحانه منفرد بعلم الغيب ، وأن أحدا لا يعلم ذلك إلا ما أعلمه الله ، أو يجعل على ذلك دلالة عادية يعلم بها ما يكون على جري العادة ، وقد يختلف . مثاله إذا رأى نخلة قد أطلعت فإنه يعلم أنها ستثمر ، وإذا رآها قد تناثر طلعها علم أنها لا تثمر . وقد يجوز أن يأتي عليها آفة تهلك ثمرها فلا تثمر ، كما أنه جائز أن تكون النخلة التي تناثر طلعها يطلع الله فيها طلعا ثانيا فتثمر . وكما أنه جائز أيضا ألا يلي شهره شهر ولا يومه يوم إذا أراد الله إفناء العالم ذلك الوقت . إلى غير ذلك مما تقدم في ( الأنعام ) بيانه .الرابعة : قال ابن خويز منداد : قوله تعالى : أو أثارة من علم يريد الخط . وقد كان مالك رحمه الله يحكم بالخط إذا عرف الشاهد خطه . وإذا عرف الحاكم خطه أو خط من كتب إليه حكم به ، ثم رجع عن ذلك حين ظهر في الناس ما ظهر من الحيل والتزوير . وقد روي عنه أنه قال : [ يحدث الناس فجورا فتحدث لهم أقضية ] . فأما إذا شهد الشهود على الخط المحكوم به ، مثل أن يشهدوا أن هذا خط الحاكم وكتابه ، أشهدنا على ما فيه وإن لم يعلموا ما في الكتاب . وكذلك الوصية أو خط الرجل باعترافه بمال لغيره يشهدون أنه خطه ونحو ذلك - فلا يختلف مذهبه أن يحكم به . وقيل : أو أثارة من علم أو بقية من علم ، قاله ابن عباس والكلبي وأبو بكر بن عياش وغيرهم . وفي الصحاح أو أثارة من علم بقية منه . وكذلك الأثرة ( بالتحريك ) . ويقال : سمنت الإبل على أثارة ، أي : بقية شحم كان قبل ذلك . وأنشد الماوردي والثعلبي قول الراعي :وذات أثارة أكلت عليها نباتا في أكمته ففاراوقال الهروي : والأثارة والأثر : البقية ، يقال : ما ثم عين ولا أثر . وقال ميمون بن مهران وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة : أو أثارة من علم خاصة من علم . وقال مجاهد : رواية تأثرونها عمن كان قبلكم . وقال عكرمة ومقاتل : رواية عن الأنبياء . وقال القرظي : هو الإسناد الحسن المعنى ، شيء يثار أو يستخرج . وقال الزجاج : أو أثارة أي : علامة . والأثارة مصدر كالسماحة والشجاعة . وأصل الكلمة من الأثر ، وهي الرواية ، يقال : أثرت الحديث آثره أثرا وأثارة وأثرة فأنا آثر ، إذا ذكرته عن غيرك . ومنه قيل : حديث مأثور ، أي : نقله خلف عن سلف . قال الأعشى :إن الذي فيه تماريتما بين للسامع والآثرويروى ( بين ) وقرئ ( أو أثرة ) بضم الهمزة وسكون الثاء . ويجوز أن يكون معناه بقية من علم . ويجوز أن يكون معناه شيئا مأثورا من كتب الأولين . والمأثور : ما يتحدث به مما صح سنده عمن تحدث به عنه . وقرأالسلمي والحسن وأبو رجاء بفتح الهمزة والثاء من غير ألف ، أي : خاصة من علم أوتيتموها أو أوثرتم بها على غيركم . وروي عن الحسن أيضا وطائفة ( أثرة ) مفتوحة الألف ساكنة الثاء ، ذكر الأولى الثعلبي والثانية الماوردي . وحكى الثعلبي عن عكرمة : أو ميراث من علم . إن كنتم صادقينالخامسة : قوله تعالى : ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم فيه بيان مسالك الأدلة بأسرها ، فأولها المعقول ، وهو قوله تعالى : قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات وهو احتجاج بدليل العقل في أن الجماد لا يصح أن يدعى من دون الله فإنه لا يضر ولا ينفع . ثم قال : ائتوني بكتاب من قبل هذا فيه بيان أدلة السمع أو أثارة من علم

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك: أرأيتم أيها القوم الآلهة والأوثان التي تعبدون من دون الله, أروني أيّ شيء خلقوا من الأرض, فإن ربي خلق الأرض كلها, فدعوتموها من أجل خلقها ما خلقت من ذلك آلهة وأربابا, فيكون لكم بذلك في عبادتكم إياها حجة, فإن من حجتي على عبادتي إلهي, وإفرادي له الألوهة, أنه خلق الأرض فابتدعها من غير أصل.وقوله ( أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ) يقول تعالى ذكره: أم لآلهتكم التي تعبدونها أيها الناس, شرك مع الله في السموات السبع, فيكون لكم أيضًا بذلك حجة في عبادتكموها, فإن من حجتي على إفرادي العبادة لربي, أنه لا شريك له في خلقها, وأنه المنفرد بخلقها دون كلّ ما سواه.وقوله ( اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا ) يقول تعالى ذكره: بكتاب جاء من عند الله من قبل هذا القرآن الذي أُنزل عليّ, بأن ما تعبدون من الآلهة والأوثان خلقوا من الأرض شيئًا, أو أن لهم مع الله شركًا في السموات, فيكون ذلك حجة لكم على عبادتكم إياها, لأنها إذا صحّ لها ذلك صحت لها الشركة في النِّعم التي أنتم فيها, ووجب لها عليكم الشكر, واستحقت منكم الخدمة, لأن ذلك لا يقدر أن يخلقه إلا الله.وقوله ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) بالألف, بمعنى: أو ائتوني ببقية من علم. ورُوي عن أبي عبد الرحمن السلميّ أنه كان يقرؤه " أَوْ أَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ"، بمعنى: أو خاصة من علم أوتيتموه, وأوثرتم به على غيركم, والقراءة التي لا أستجيز غيرها( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) بالألف, لإجماع قرّاء الأمصار عليها.واختلف أهل التأويل في تأويلها, فقال بعضهم: معناه: أو ائتوني بعلم بأن آلهتكم خَلَقت من الأرض شيئا, وأن لها شرك في السموات من قبل الخطّ الذي تخطونه في الأرض, فإنكم معشر العرب أهل عيافة وزجر وكهانة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر بن آدم, قال: ثنا أبو عاصم, عن سفيان, عن صفوان بن سليم, عن أبي سلمة, عن ابن عباس ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: خط كان يخطه العرب في الأرض.حدثنا أبو كُرَيْب, قال: قال أَبو بكر: يعني ابن عياش: الخط: هو العيافة.وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو خاصة من علم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتاده ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: أو خاصة من علم.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: أي خاصة من علم.حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث, قال: ثني أبي, عن الحسين, عن قتادة ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: خاصة من علم.وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو علم تُشيرونه فتستخرجونه.* ذكر من قال ذلك :حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن, في قوله: ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: أثارة شيء يستخرجونه فِطْرة.وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو تأثرون ذلك علمًا عن أحد ممن قبلكم؟* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعًا, عن ابن أَبي نجيح, عن مجاهد ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: أحد يأثر علما.وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو ببينة من الأمر.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) يقول: ببينة من الأمر.وقال آخرون: بل معنى ذلك: ببقية من علم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُريب, قال: سُئل أَبو بكر, يعني ابن عياش عن ( أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال: بقية من علم.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الأثارة: البقية من علم, لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب, وهي مصدر من قول القائل: أثر الشيء أثارة, مثل سمج سماجة, وقبح قباحة, كما قال راعي الإبل:وذاتِ أثارةٍ أكَلَتْ عَلَيْها[ نَبَاتًا فِي أكمِتِهِ قَفَارا] (1)يعني: وذات بقية من شحم, فأما من قرأه (أَوْ أَثَرَةٍ) فإنه جعله أثرة من الأثر, كما قيل: قترة وغبرة. وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأه (أَوْ أَثْرَةٍ) بسكون الثاء, مثل الرجفة والخطفة, وإذا وجه ذلك إلى ما قلنا فيه من أنه بقية من علم, جاز أن تكون تلك البقية من علم الخط, ومن علم استثير من كُتب الأوّلين, ومن خاصة علم كانوا أوثروا به. وقد رُوي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في ذلك خبر بأنه تأوّله أنه بمعنى الخط, سنذكره إن شاء الله تعالى, فتأويل الكلام إذن: ائتوني أيها القوم بكتاب من قبل هذا الكتاب, بتحقيق ما سألتكم تحقيقه من الحجة على دعواكم ما تدّعون لآلهتكم, أو ببقية من علم يوصل بها إلى علم صحة ما تقولون من ذلك ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) في دعواكم لها ما تدّعون, فإن الدعوى إذا لم يكن معها حجة لم تُغن عن المدّعي شيئًا.------------------------الهوامش:(1) هذا بيت من قصيدة للراعي ، مدح بها سعد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، عدتها سبعة وخمسون بيتا . وقوله " ذات آثارة " أي رب ناقة ذات سمن . والأثارة ، بفتح الهمزة : شحم متصل بشحم آخر ، ويقال هي بقية من الشحم العتيق ، يقال : سمنت الناقة على أثارة ، أي على بقية شحم . وأكمته : غلفه ، جمع كمام ، وهو جمع كم بكسر الكاف ، وهو غطاء النور وغلافه . وقفارًا وقفارة : وصف للنبات : أي رعته خاليًا لها من مزاحمة غيرها في رعيه . وأصله من قولهم طعام قفار : أي أكل بلا إدام . ( انظر خزانة الأدب الكبرى للبغدادي 4 : 251 ) واستشهد بالبيت أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 222 ) . عند قوله تعالى : " أو أثارة من علم " أي بقية من شحم أكلت عليه . ومن قال : " أثرة " فهو مصدر أثره يأثره : يذكره . وفي ( اللسان : أثر ) : وأثرة العلم وأثرته وأثارته ، بقية منه تؤثر فتذكر . وقال الزجاج أثاره : في معنى علامة . ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم ونسب البيت للشماخ.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4(انتقل إلى الاستدلال على بطلان نفي صفة الإلهية عن أصنامهم . فجملة { قل أرأيتم ما تدعون } أمر بإلقاء الدليل على إبطال الإشراك وهو أصل ضلالهم .وجَاء هذا الاستدلالُ بأسلوب المناظرة فجُعل النبي صلى الله عليه وسلم مواجهاً لهم بالاحتجاج ليكون إلجاءً لهم إلى الاعتراف بالعجز عن معارضة حجته ، وكذلك جرى الاحتجاج بعده ثلاث مرات بطريقة أمر التعجيز بقوله : { أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أيتوني بكتاب } الآية . و { أرأيتم } استفهام تقريري فهو كناية عن معنى : أخبروني ، وقد تقدم في سورة الأنعام ( 40 ( قوله : { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون }وقوله : أروني } تصريح بما كنى عنه طريق التقرير لقوله : { أرأيتم ما تدعون } وموقع جملة { أروني } في موقع المفعول الثاني لفعل { أرأيتم } .والأمر في { أروني ماذا خلقوا من الأرض } مستعمل في التسخير والتعجيز كناية عن النفي إن لم يخلقوا من الأرض شيئاً فلا تستطيعوا أن تُروني شيئاً خلقوه في الأرض ، وهذا من رؤوس مسائل المناظرة ، وهو مطالبة المدّعي بالدليل على إثبات دعواه . و { ماذا } بمعنى ما الذي خلقوه ، ف ( ما ( استفهامية ، و ( ذا ( بمعنى الذي . وأصله اسم إشارة ناب عن الموصول . وأصل التركيب : ماذا الذي خلقوا ، فاقتصر على اسم الإشارة وحذف اسم الموصول غالباً في الكلام وقد يظهر كما في قوله تعالى : { من ذَا الذي يشفع عنده } [ البقرة : 255 ] . ولهذا قال النحاة : إن ( ذا ( بعد ( ما ( أو ( مَن ( الاستفهاميتين بمنزلة ( مَا ( الموصولة .والاستفهامُ في { ماذا خلقوا } إنكاري . وجملة { ماذا خلقوا } بدل من جملة { أروني } وفعل الرؤية معلق عن العمل بورود { ما } الاستفهامية بعده ، وإذا لم يكن شيء من الأرض مخلوقاً لهم بطل أن يكونوا آلهة لِخروج المخلوقات عن خَلقهم ، وإذا بطل أن يكون لها خلق بطل أن يكون لها تصرف في المخلوقات كما قال تعالى : { أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يُخلقون ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسَهم ينصرون } في سورة الأعراف ( 191 ، 192 ( .وأم } حرف إضراب انتقالي . والاستفهام المقدر بعد { أم } المنقطعة استفهام إنكاري أي ليس لهم شرك مع الله في السماوات . وإنما أوثر انتفاء الشِركة بالنسبة للشركة في السماوات دون انتفاء الخلق كما أوثر انتفاء الخلق بالنسبة إلى الأرض لأن مخلوقات الأرض مشاهدة للناس ظاهر تطورها وحدوثها وأن ليس لما يدعونهم دون الله أدنى عمل في إيجادها ، وأما الموجودات السماوية فهي محجوبة عن العيون لا عهد للناس بظهور وجودها ولا تطورها فلا يحسن الاستدلال بعدم تأثير الأصنام في إيجاد شيء منها ولكن لمّا لم يدّع المشركون تصرفاً للأصنام إلا في أحوال الناس في الأرض من جلب نفع أو دفع ضر اقتصر في نفي تصرفهم في السماوات على الاستدلال بنفي أن يكون للأصنام شركة في أمور السماوات لأن انتفاء ذلك لا ينازعون فيه .وتقدم نظير هذه الآية في سورة فاطر ( 40 ( { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله } الآية فانظر ذلك .ثم انتقل من الاستدلال بالمشاهدة وبالإقرار إلى الاستدلال بالأخبار الصادقة بقوله : ائتوني بكتاب من قبل هذا } فجملة { ائتوني بكتاب } في موقع مفعول ثان لفعل { أرأيتم } ، كرر كما يتعدد خبر المبتدأ . ومناط الاستدلال أنه استدلال على إبطال دعوى المدعي بانعدام الحجة على دعواه ويسمى الإفحام كما تقدم . والمعنى : نفي أن يكون لهم حجة على إلهية الأصنام لا بتأثيرها في المخلوقات ، ولا بأقوال الكتب ، فهذا قريب من قوله في سورة فاطر ( 40 ( { أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه } والمراد ب ( كتاب ( أيُّ كتاب من الكتب المقروءة . وهذا قاطع لهم فإنهم لا يستطيعون ادعاء أن لأصنامهم في الكتب السابقة ذِكراً غير الإبطال والتحذير من عبادتها ، فلا يوجد في الكتب إلا أحد أمرين : إمّا إبطال عبادة الأصنام كما في الكتب السماوية ، وإمّا عدم ذكرها البتة ويدل على أن المراد ذلك قوله بعده : أو أثارة من علم } .والإتيان مستعار للإحضار ولو كان في مجلسهم على ما تقدم في قوله تعالى : { فأتوا بسورة من مثله } في سورة البقرة ( 23 ( .والإشارة في قوله : من قبل هذا } إلى القرآن لأنه حاضر في أذهان أصحاب المحاجة فإنه يُقرأ عليهم معاودة . ووجه تخصيص الكتاب بوصف أن يكون من قبل القرآن ليسد عليهم باب المعارضة بأن يأتوا بكتاب يُصنع لهم ، كمَا قالوا : { لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } [ الأنفال : 31 ] .و { أثارة } بفتح الهمزة : البقية من الشيء . والمعنى : أو بقية بقيت عندكم تروونها عن أهل العلم السابقين غير مسطورة في الكتب . وهذا توسيع عليهم في أنواع الحجة ليكون عجزهم عن الإتيان بشيء من ذلك أقطع لدعواهم . وفي قوله : { إن كنتم صادقين } إلهاب وإفحام لهم بأنهم غير آتين بحجة لا من جانب العقل ولا من جانب النقل المسطور أو المأثور ، وقد قال تعالى في سورة القصص ( 50 ( { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . }
الآية 4 - سورة الأحقاف: (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ۖ ائتوني بكتاب...)