سورة الأحزاب: الآية 2 - واتبع ما يوحى إليك من...

تفسير الآية 2, سورة الأحزاب

وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا

الترجمة الإنجليزية

WaittabiAA ma yooha ilayka min rabbika inna Allaha kana bima taAAmaloona khabeeran

تفسير الآية 2

واتبع ما يوحى إليك من ربك من القرآن والسنة، إن الله مطَّلِع على كل ما تعملون ومجازيكم به، لا يخفى عليه شيء من ذلك.

«واتبع ما يوحى إليك من ربك» أي القرآن «إن الله كان بما تعملون خبيرا» وفي قراءة بالتحتانية.

وَ لكن اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فإنه هو الهدى والرحمة، وَارْجُ بذلك ثواب ربك، فإنه بما تعملون خبير، يجازيكم بحسب ما يعلمه منكم، من الخير والشر.فإن وقع في قلبك، أنك إن لم تطعهم في أهوائهم المضلة، حصل عليك منهم ضرر، أو حصل نقص في هداية الخلق، فادفع ذلك عن نفسك، واستعمل ما يقاومه ويقاوم غيره، وهو التوكل على اللّه، بأن تعتمد على ربك، اعتماد من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا، في سلامتك من شرهم، وفي إقامة الدين، الذي أمرت به.

ولهذا قال : ( واتبع ما يوحى إليك من ربك ) أي : من قرآن وسنة ، ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) أي : فلا تخفى عليه خافية .

ثم أمره- سبحانه- باتباع ما يوحيه إليه فقال: وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ..أى: واظب على تقوى الله، وابتعد عن طاعة أعدائك، واتبع في كل ما تأتى وتذر، كل ما نوحيه إليك من عندنا اتباعا تاما.فالجملة الكريمة معطوفة على ما قبلها. من قبيل عطف العام على الخاص.وفي النص على أن الوحى إليه صلّى الله عليه وسلّم وأن هذا الوحى من ربه الذي تولاه بالتربية والرعاية، إشعار بوجوب الاتباع التام الذي لا يشوبه انحراف أو تردد.ثم أكد- سبحانه- هذا الأمر تأكيدا قويا فقال: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً أى: إنه- تعالى- خبير ومحيط بحركات النفوس وبخفايا القلوب، وكل من يخالف ما أمرناه به، أو نهيناه عنه، فلا يخفى علينا أمره، وسنجازيه يوم القيامة بما يستحقه.

( واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا ) قرأ أبو عمرو : " يعملون خبيرا " و " يعملون بصيرا " بالياء فيهما ، وقرأ غيره بالتاء .

قوله تعالى : واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيراقوله تعالى : واتبع ما يوحى إليك من ربك يعني القرآن . وفيه زجر عن اتباع مراسم الجاهلية ، وأمر بجهادهم ومنابذتهم ، وفيه دليل على ترك اتباع الآراء مع وجود النص . والخطاب له ولأمته . إن الله كان بما تعملون خبيرا قراءة العامة بتاء على الخطاب ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . وقرأ السلمي وأبو عمرو وابن أبي إسحاق : ( يعملون ) بالياء على الخبر ; وكذلك في قوله : بما تعملون بصيرا .

(وَاتَّبعْ ما يُوحَى إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) يقول: واعمل بما ينزل الله عليك من وحيه، وآي كتابه (إنَّ اللَّهَ كانَ بما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) يقول: إن الله بما تعمل به أنت وأصحابك من هذا القرآن، وغير ذلك من أموركم وأمور عباده خبيرا أي: ذا خبرة، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو مجازيكم على ذلك بما وعدكم من الجزاء.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: (وَاتَّبعْ ما يُوحَى إلَيْكَ مِن رَبِّكَ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاتَّبعْ ما يُوحَى إلَيْكَ مِن رَبِّكَ) أي هذا القرآن (إنَّ اللَّهَ كانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبيرًا) .

وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2)( واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا [ 2 ] ) هذا تمهيد لما يرد من الوحي في شأن أحكام التبني وما يتصل بها ولذلك جيء بالفعل المضارع الصالح للاستقبال وجرد من علامة الاستقبال لأنه قريب من زمن الحال . والمقصود من الأمر باتباعه أنه أمر باتباع خاص تأكيد للأمر العام باتباع الوحي . وفيه إيذان بأن ما سيوحي إليه قريبا هو ما يشق عليه وعلى المسلمين من إبطال حكم التبني لأنهم ألفوه واستقر في عوائدهم وعاملوا المتبنين معاملة الأبناء الحقولذلك ذيلت جملة ( واتبع ما أوحي إليك ) بجملة ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) تعليلا للأمر بالاتباع وتأنيسا به لأن الله خبير بما في عوائدكم ونفوسكم فإذا أبطل شيئا من ذلك فإن إبطاله من تعلق العلم بلزوم تغييره فلا تتريثوا في امتثال أمره في ذلك فجملة ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) في موقع العلة فلذلك فصلت لأن حرف التوكيد مغن غناء فاء التفريع كما مر آنفاوفي إفراد الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( واتبع ) وجمعه بما يشمله وأمته في قوله ( بما تعملون ) إيماء إلى أن فيما سينزل من الوحي ما يشتمل على تكليف يشمل تغيير حالة كان النبي عليه الصلاة والسلام مشاركا لبعض الأمة في التلبس بها وهو حكم التبني إذ كان النبي متبنيا زيد بن حارثة من قبل بعثتهوقرأ الجمهور ( بما تعملون ) بتاء الخطاب على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم والأمة لأن هذا الأمر أعلق بالأمة . وقرأ أبو عمرو وحده ( بما يعملون ) بالمثناة التحتية على الغيبة على أنه راجع للناس كلهم شامل للمسلمين والكافرين والمنافقين ليفيد مع تعليل الأمر بالاتباع تعريضا بالمشركين والمنافقين بمحاسبة الله إياهم على ما يبيتونه من الكيد وكناية عن إطلاع الله رسوله على ما يعلم منهم في هذا الشأن كما سيجيء ( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ) أي لنطلعنك على ما يكيدون به ونأذنك بافتضاح شأنهموهذا المعنى الحاصل من هذه القراءة لا يفوت في قراءة الجمهور بالخطاب لأن كل فريق من المخاطبين يأخذ حظه منه
الآية 2 - سورة الأحزاب: (واتبع ما يوحى إليك من ربك ۚ إن الله كان بما تعملون خبيرا...)