سورة الأحزاب: الآية 3 - وتوكل على الله ۚ وكفى...

تفسير الآية 3, سورة الأحزاب

وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلًا

الترجمة الإنجليزية

Watawakkal AAala Allahi wakafa biAllahi wakeelan

تفسير الآية 3

واعتمد على ربك، وفَوِّضْ جميع أمورك إليه، وحسبك به حافظًا لمن توكل عليه وأناب إليه.

«وتوكل على الله» في أمرك «وكفى بالله وكيلا» حافظا لك، وأمته تبع له في ذلك كله.

وثق باللّه في حصول ذلك الأمر على أي: حال كان. وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا توكل إليه الأمور، فيقوم بها، وبما هو أصلح للعبد، وذلك لعلمه بمصالح عبده، من حيث لا يعلم العبد، وقدرته على إيصالها إليه، من حيث لا يقدر عليها العبد، وأنه أرحم بعبده من نفسه، ومن والديه، وأرأف به من كل أحد، خصوصًا خواص عبيده، الذين لم يزل يربيهم ببره، ويُدِرُّ عليهم بركاته الظاهرة والباطنة، خصوصًا وقد أمره بإلقاء أموره إليه، ووعده، فهناك لا تسأل عن كل أمر يتيسر، وصعب يسهل، وخطوب تهون، وكروب تزول، وأحوال وحوائج تقضى، وبركات تنزل، ونقم تدفع، وشرور ترفع.وهناك ترى العبد الضعيف، الذي فوض أمره لسيده، قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس، وقد سهل اللّه [عليه] ما كان يصعب على فحول الرجال وباللّه المستعان.

( وتوكل على الله ) أي : في جميع أمورك وأحوالك ، ( وكفى بالله وكيلا ) أي : وكفى به وكيلا لمن توكل عليه وأناب إليه .

وقوله- سبحانه-: وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أى: وفوض أمرك إليه- عز وجل- وحده.وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا أى: وكفى بربك حافظا لك، وكفيلا بتدبير أمرك.فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد تضمنت ثلاثة أوامر: تقوى الله، واتباع وحيه، والتوكل عليه- تعالى- وحده. كما تضمنت نهيه صلى الله عليه وسلم عن طاعة الكافرين والمنافقين.وباتباع هذه الأوامر والنواهي، يسعد الأفراد، وتسعد الأمم.ثم أبطل- سبحانه- بعض العادات التي كان متفشية في المجتمع، وكانت لا تتناسب مع شريعة الإسلام وآدابه، فقال- تعالى-:

( وتوكل على الله ) ثق بالله ( وكفى بالله وكيلا ) حافظا لك ، وقيل : كفيلا برزقك .

وتوكل على الله أي اعتمد عليه في كل أحوالك ; فهو الذي يمنعك ولا يضرك من خذلك . وكفى بالله وكيلا حافظا . وقال شيخ من أهل الشام : قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد من ثقيف فطلبوا منه أن يمتعهم باللات سنة - وهي الطاغية التي كانت ثقيف تعبدها - وقالوا : لتعلم قريش منزلتنا عندك ; فهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فنزلت وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أي كافيا لك ما تخافه منهم . و ( بالله ) في موضع رفع لأنه الفاعل . و ( وكيلا ) نصب على البيان أو الحال .

القول في تأويل قوله تعالى : وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (3)يقول تعالى ذكره: وفوّض إلى الله أمرك يا محمد، وثق به (وكَفَى بالَّلهِ وَكيلا) يقول: وحسبك بالله فيما يأمرك وكيلا وحفيظا بك.

وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)زيادة تمهيد وتوطئة لتلقي تكليف يترقب منه أذى من المنافقين مثل قولهم : إن محمداً نهى عن تزوج نساء الأبناء وتزوج امرأة ابنه زيد بن حارثة ، وهو ما يشير إليه قوله تعالى : { ودَعْ أذَاهُم وتوكَّلْ على الله وكفى بالله وَكِيلاً } [ الأحزاب : 48 ] ؛ فأمره بتقوى ربه دون غيره ، وأتبعه بالأمر باتباع وحيه ، وعززه بالأمر بما فيه تأييده وهو أن يفوّض أموره إلى الله .والتوكل : إسناد المرء مُهمه وشأنه إلى من يتولى عمله وتقدم عند قوله تعالى : { فإذا عَزَمْتَ فَتَوكَّلْ على الله } في سورة آل عمران ( 159 ) .والوكيل : الذي يسند إليه غيره أمره ، وتقدم عند قوله تعالى : { وقالوا حسبنا الله ونِعم الوكيل } في سورة آل عمران ( 173 ) .وقوله وَكيلاً } تمييز نسبة ، أي : كفى الله وكيلاً ، أي وكالته ، وتقدم نظيره في قوله : { وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً } في سورة النساء ( 81 ) .
الآية 3 - سورة الأحزاب: (وتوكل على الله ۚ وكفى بالله وكيلا...)