سورة العلق: الآية 12 - أو أمر بالتقوى...

تفسير الآية 12, سورة العلق

أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰٓ

الترجمة الإنجليزية

Aw amara bialttaqwa

تفسير الآية 12

أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها. فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم، سندعو ملائكة العذاب. ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.

«أو» للتقسيم «أمر بالتقوى».

أَوْ أَمْرٍ غيره بِالتَّقْوَى .فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.

بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته.

قوله- سبحانه-: أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى خطاب آخر للنبي صلى الله عليه وسلم أى: أرأيت- أيها الرسول الكريم- إن صار هذا الإنسان- الطاغي الكافر- على الهدى، فاتبع الحق، ودعا إلى البر والتقوى ... أما كان ذلك خيرا له من الإصرار على الكفر، ومن نهيه إياك عن الصلاة، فجواب الشرط محذوف للعلم به.فالمراد بالهدى: اهتداؤه إلى الصراط المستقيم، والمراد بالتقوى: صيانة نفسه عن كل ما يغضب الله- تعالى-، وأمره غيره بذلك.

"أو أمر بالتقوى" يعني بالإخلاص والتوحيد.

أي أرأيت يا أبا جهل إن كان محمد على هذه الصفة , أليس ناهيه عن التقوى والصلاة هالكا ؟

( أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ) أو أمر محمد هذا الذي ينهي عن الصلاة، باتقاء الله، وخوف عقابه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى) قال محمد: كان على الهدى، وأمر بالتقوى.

أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)ويوشك أن ينهى عن أن يأمر أحدٌ بالتقوى .وجواب الشرط محذوف وأتى بحرف الشرط الذي الغالب فيه عدم الجزم بوقوع فعل الشرط مُجاراة لحال الذي ينهى عبداً .والرؤية هنا علمية ، وحُذف مفعولا فعل الرؤية اختصاراً لدلالة { الذي ينهى } [ العلق : 9 ] على المفعول الأول ودلالة { ينهى } على المفعول الثاني في الجملة قبلها .و { على } للاستعلاء المجازي وهو شدّة التمكن من الهُدى بحيث يشبه تمكنَ المستعلِي على المكان كما تقدم في قوله تعالى : { أولئك على هدى من ربهم } [ لقمان : 5 ] .فالضميرَاننِ المستتَران في فعلَي { كان على الهدى أو أمر بالتقوى } عائدان إلى { عبداً } وإن كانت الضمائر الحافّة به عائدة إلى { الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] فإن السياق يرد كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس: ... عُدنا ولولا نَحْنُ أحدقَ جمعُهمبالمسلمين وأحرَزوا ما جَمَّعوا ... والمفعول الثاني لفعل «رأيتَ» محذوف دل عليه قوله : { ألم يعلم بأن الله يرى } [ العلق : 14 ] أو دل عليه قوله : { ينهى } المتقدم . والتقدير : أرأيته .وجواب : { إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى } محذوف تقديره : أينهاه أيضاً .وفُصِلت جملة : { أرأيت إن كان على الهدى } لوقوعها موقع التكرير لأن فيها تكريرَ التَّعجيب من أحوال عديدة لشخص واحد .
الآية 12 - سورة العلق: (أو أمر بالتقوى...)