سورة العلق: الآية 13 - أرأيت إن كذب وتولى...

تفسير الآية 13, سورة العلق

أَرَءَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ

الترجمة الإنجليزية

Araayta in kaththaba watawalla

تفسير الآية 13

أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها. فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم، سندعو ملائكة العذاب. ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.

«أرأيت إن كذب» أي الناهي النبي «وتولى» عن الإيمان.

أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ الناهي بالحق وَتَوَلَّى عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟

أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ

وقوله - تعالى - : ( أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وتولى . أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى ) .أى : أرأيت - أيها الرسول الكريم - إن كذب هذا الكافر بما جئته به من عندنا ، وتولى وأعرض عما تدعوه إليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين . أرأيت إن فعل ذلك ، أفلا أرشده عقله إلى أن خالق هذا الكون يراه ، وسيجازيه بما يستحقه من عذاب مهين؟فالمقصود من هذه الآيات الكريمة التى تكرر فيها لفظ " أرأيت " ثلاث مرات : تسلية النبى صلى الله عليه وسلم . وتعجيبه من حال هذا الإِنسان الطاغى الشقى ، الذى أصر على كفره . وآثر الغى على الرشد . والشرك على الإِيمان . . وتهديد هذا الكافر الطاغى بسوء المصير ، لأن الله - تعالى - مطلع على أعماله القبيحة . . وسيعاقبه العقاب الأكبر .

"أرأيت إن كذب"، يعني أبا جهل، "وتولى"، عن الإيمان. وتقدير نظم الآية: أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى والمنهي على الهدى، آمر بالتقوى والناهي مكذب متول عن الإيمان، فما أعجب من هذا!

قوله تعالى : أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى يعني أبا جهل كذب بكتاب الله - عز وجل - ، وأعرض عن الإيمان . وقال الفراء : المعنى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى وهو على الهدى ، وأمر بالتقوى ، والناهي مكذب متول عن الذكر ; أي فما أعجب هذا !

* القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) .يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ ) أبو جهل بالحق الذي بعث به محمدًا( وَتَوَلَّى ) يقول: وأدبر عنه، فلم يصدِّّق به.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) يعني: أبا جهل.

أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) جملة مستأنفة للتهديد والوعيد على التكذيب والتولي ، أي إذا كذب بما يُدعى إليه وتولى أتظنه غيرَ عالم بأن الله مطلع عليه .فالمفعول الأول ل«رأيتَ» محذوف وهو ضمير عائد إلى { الذي ينهى } [ العلق : 9 ] والتقدير : أرأيتَه إن كذب . . . إلى آخره .وجواب { إن كذب وتولى } هو { ألم يعلم بأن الله يرى } كذا قدر صاحب «الكشاف» ، ولم يعتبر وجوب اقتران جملة جواب الشرط بالفاء إذا كانت الجملة استفهامية . وصرح الرضي باختيار عدم اشتراط الاقتران بالفاء ونظَّره بقوله تعالى : { قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون } [ الأنعام : 47 ] فأما قول جمهور النحاة والزمخشري في «المفصَّل» فهو وجوب الاقتران بالفاء
الآية 13 - سورة العلق: (أرأيت إن كذب وتولى...)