سورة العلق: الآية 14 - ألم يعلم بأن الله يرى...

تفسير الآية 14, سورة العلق

أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ

الترجمة الإنجليزية

Alam yaAAlam bianna Allaha yara

تفسير الآية 14

أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها. فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم، سندعو ملائكة العذاب. ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.

«ألم يعلم بأن الله يرى» ما صدر منه، أي يعلمه فيجازيه عليه، أي اعجب منه يا مخاطب من حيث نهيه عن الصلاة ومن حيث أن المنهي على الهدى آمر بالتقوى ومن حيث أن الناهي مكذب متولٍ عن الإيمان.

أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ما يعمل ويفعل؟.

ولهذا قال "ألم يعلم بأن الله يرى" أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء.

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : فأين جواب الشرط - أى فى قوله - تعالى - : ( أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى ) ؟ قلت : هو محذوف تقديره : إن كان على الهدى ، ألم يعلم بأن الله يرى ، وإنما حذف لدلالة ذكره فى جواب الشرط الثانى .فإن قلت : فكيف صح أن يكون " ألم يعلم " جوابا للشرط؟ قلت : كما صح فى قولك : إن أكرمتك أتكرمنى؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟ ..

"ألم يعلم"، يعني أبا جهل، "بأن الله يرى"، ذلك فيجازيه به.

ثم يقول : ويله ألم يعلم أبو جهل بأن الله يرى ; أي يراه ويعلم فعله ; فهو تقرير وتوبيخ . وقيل : كل واحد من أرأيت بدل من الأول . و ألم يعلم بأن الله يرى الخبر .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)يقول تعالى ذكره: ألم يعلم أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له، بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه. وقيل: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، أرأيت إن كان على الهدى، فكررت أرأيت مرات ثلاثًا على البدل. والمعنى: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، وهو مكذب متول عن ربه، ألم يعلم بأن الله يراه.

أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)وعلى قولهم يتعين تقدير جَواب الشرط بما يدل عليه : { ألم يعلم بأن الله يرى } والتقدير : إن كذب وتولى فالله عالم به ، كناية عن توعده ، وتكون جملة : { ألم يعلم بأن الله يرى } مستأنفة لإِنكار جهل المكذب بأن الله سيعاقبه ، والشرطُ وجوابه سادّان مسدّ المفعول الثاني .وكني بأن الله يرى عن الوعيد بالعقاب .وضمن فعل { يعلم } معنى يوقنْ فلذلك عُدي بالباء .وعلق فعل { أرأيت } هنا عن العمل لوجود الاستفهام في قوله : { ألم يعلم } .والاستفهام إنكاري ، أي كان حقه أن يعلم ذلك ويقي نفسه العقاب .وفي قوله : { إن كذب وتولى } إيذان للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن أبا جهل سيكذبه حين يدعوه إلى الإِسلام وسيتولى ، ووعْد بأن الله ينتصف له منه .وضمير { كذب وتولى } عائد إلى { الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] ، وقرينة المقام ترجِّع الضمائر إلى مراجعها المختلفة .وحذف مفعول { كذب } لدلالة ما قبله عليه . والتقدير : إن كذبه ، أي العبدَ الذي صلى ، وبذلك انتظمت الجمل الثلاث في نسبة معانيها إلى الذي ينهَى عبداً إذا صلى وإلى العبد الذي صلى ، واندفعت عنك ترددات عرضت في التفاسير .وحُذف مفعول { يرى } ليعمّ كل موجود ، والمراد بالرؤية المسندة إلى الله تعالى تعلق علمه بالمحسوسات .
الآية 14 - سورة العلق: (ألم يعلم بأن الله يرى...)