سورة البلد: الآية 12 - وما أدراك ما العقبة...

تفسير الآية 12, سورة البلد

وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ

الترجمة الإنجليزية

Wama adraka ma alAAaqabatu

تفسير الآية 12

وأيُّ شيء أعلمك: ما مشقة الآخرة، وما يعين على تجاوزها؟

«وما أدراك» أعلمك «ما العقبة» التي يقتحمها تعظيما لشأنها، والجملة اعتراض وبين سبب جوازها بقوله:

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ

وقال قتادة "وما أدراك ما العقبة".ثم أخبر تعالى عن اقتحامها.

والاستفهام فى قوله - سبحانه - : ( وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة ) لتفخيم شأنها ، والتهويل من أمرها ، والتشويق إلى معرفتها .والكلام على حذف مضاف ، والتقدير : وما أدراك ما اقتحام العقبة؟

ثم بين ما هي فقال: "وما أدراك ما العقبة"، ما اقتحام العقبة. قال سفيان بن عيينة: كل شيء قال: وما أدراك فإنه أخبر به، وما قال: وما يدريك فإنه لم يخبر به.

قوله تعالى : وما أدراك ما العقبة فيه حذف ، أي وما أدراك ما اقتحام العقبة . وهذا تعظيم لالتزام أمر الدين ; والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلمه اقتحام العقبة . قال القشيري : وحمل العقبة على عقبة جهنم بعيد إذ أحد في الدنيا لم يقتحم عقبة جهنم إلا أن يحمل على أن المراد فهلا صير نفسه بحيث يمكنه اقتحام عقبة جهنم غدا . واختار البخاري قول مجاهد : إنه لم يقتحم العقبة في الدنيا . قال ابن العربي : وإنما اختار ذلك لأجل أنه قال بعد ذلك في الآية الثانية : وما أدراك ما العقبة ؟ ثم قال في الآية الثالثة : فك رقبة ، وفي الآية الرابعة أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، ثم قال في الآية الخامسة : يتيما ذا مقربة ، ثم قال في الآية السادسة : أو مسكينا ذا متربة فهذه الأعمال إنما تكون في الدنيا . المعنى : فلم يأت في الدنيا بما يسهل عليه سلوك العقبة في الآخرة .

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ) يقول تعالى ذكره: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما العقبة.ثم بين جلّ ثناؤه له، ما العقبة، وما النجاة منها، وما وجه اقتحامها؟ فقال: اقتحامها وقطعها فكّ رقبة من الرقّ، وأسر العبودة.كما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُليَّة، عن أبي رجاء، عن الحسن (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ) قال: ذُكر لنا أنه ليس مسلم يعتق رقبة مسلمة، إلا كانت فداءه من النار.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ) ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الرقاب أيها أعظم أجرا؟ قال: " أكثرها ثمنا ".حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا سالم بن أبي الجعد، عن مَعْدانِ بن أبي طلحة، عن أبي نجيح، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أيُّمَا مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلا مُسْلِمًا، فإنَّ اللهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ، عَظْما مِنْ عِظامِ مُحَرّرِهِ مِنْ النَّار؛ وأيُّمَا امْرأةٍ مُسْلِمَةٍ أعْتَقَتِ امْرَأةً مُسْلِمَةً، فإنَّ اللهَ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنَ عِظَامِهَا، عَظْما مِنَ عِظامِ مُحَرّرِها مِنَ النَّار ".قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن قيس الجذاميّ، عن عقبة بن عامر الجهنيّ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ ".

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) وقوله : { وما أدراك ما العقبة } حال من العقبة في قوله : { فلا اقتحم العقبة } للتنويه بها وأنها لأهميتها يَسأل عنها المخاطب هل أعلَمَهُ مُعْلِم ما هي ، أي لم يقتحم العقبة في حال جَدارتها بأن تُقتحم .وهذا التنويه يفيد التشويق إلى معرفة المراد من العقبة .و { ما } الأولى استفهام . و { ما } الثانية مثلها . والتقدير : أيُّ شيء أعلمك ما هي العقبة ، أي أعْلَمك جواب هذا الاستفهام ، كناية عن كونه أمراً عزيزاً يحتاج إلى من يُعلمك به .والخطاب في { ما أدراك } لغير معين لأن هذا بمنزلة المثل .وفِعل { أدراك } معلق عن العمل في المفعولين لوقوع الاستفهام بعده وقد تقدم نظيره في سورة الحاقة .وقرأ نافع وابنُ عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخَلف ، { فك رقبة } برفع { فكُّ } وإضافتِه إلى { رقبة } ورفععِ { إطعام } عطفاً على { فكّ } .
الآية 12 - سورة البلد: (وما أدراك ما العقبة...)