سورة البروج: الآية 14 - وهو الغفور الودود...

تفسير الآية 14, سورة البروج

وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ

الترجمة الإنجليزية

Wahuwa alghafooru alwadoodu

تفسير الآية 14

إن انتقام ربك من أعدائه وعذابه لهم لَعظيم شديد، إنه هو يُبدئ الخلق ثم يعيده، وهو الغفور لمن تاب، كثير المودة والمحبة لأوليائه، صاحب العرشِ المجيدُ الذي بلغ المنتهى في الفضل والكرم، فَعَّال لما يريد، لا يمتنع عليه شيء يريده.

«وهو الغفور» للمذنبين المؤمنين «الودود» المتودد إلى أوليائه بالكرامة.

وَهُوَ الْغَفُورُ الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب. الْوَدُودُ الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال، والمعاني والأفعال، فمحبته في قلوب خواص خلقه، التابعة لذلك، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب، ولهذا كانت محبته أصل العبودية، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها، وإن لم يكن غيرها تبعًا لها، كانت عذابًا على أهلها، وهو تعالى الودود، الواد لأحبابه، كما قال تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ والمودة هي المحبة الصافية، وفي هذا سر لطيف، حيث قرن الودود بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم، فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود، كما قاله بعض الغالطين.بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجل له راحلة، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها في أرض فلاة مهلكة، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، فبينما هو على تلك الحال، إذا راحلته على رأسه، فأخذ بخطامها، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته، وهذا أعظم فرح يقدر.فلله الحمد والثناء، وصفو الوداد، ما أعظم بره، وأكثر خيره، وأغزر إحسانه، وأوسع امتنانه"

أي يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء كان والودود قال ابن عباس وغيره هو الحبيب.

( وَهُوَ الغفور الودود ) أى : وهو - سبحانه - الواسع المغفرة لمن تاب وآمن ، وهو الكثير المحبة والود لمن أطاعه واتبع هداه .

"وهو الغفور"، لذنوب المؤمنين، "الودود"، المحب لهم، وقيل: معناه المودود، كالحلوب والركوب، بمعنى المحلوب والمركوب. وقيل: يغفر ويود أن يغفر، وقيل: المتودد إلى أوليائه بالمغفرة.

وهو الغفور أي الستور لذنوب عباده المؤمنين لا يفضحهم بها .الودود أي المحب لأوليائه . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : كما يود أحدكم أخاه بالبشرى والمحبة . وعنه أيضا الودود أي المتودد إلى أوليائه بالمغفرة ، وقال مجاهد الواد لأوليائه ، فعول بمعنى فاعل . وقال ابن زيد : الرحيم ، وحكى المبرد عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قول الشاعر :وأركب في الروع عريانة ذلول الجناح لقاحا ودوداأي لا ولد لها تحن إليه ، ويكون معنى الآية : إنه يغفر لعباده وليس له ولد يغفر لهم من أجله ، ليكون بالمغفرة متفضلا من غير جزاء . وقيل : الودود بمعنى المودود ، كركوب وحلوب ، أي يوده عباده الصالحون ويحبونه .

وقوله: ( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) يقول تعالى ذكره: وهو ذو المغفرة لمن تاب إليه من ذنوبه، وذو المحبة له.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) يقول: الحبيب.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ( الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) قال: الرحيم.

وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) جملة معطوفة على جملة : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] . ومضمونها قسيم لمضمون { إن بطش ربك لشديد } لأنه لما أفيد تعليل مضمون جملة : { إن الذين فتنوا المؤمنين } [ البروج : 10 ] إلى آخره ، ناسب أن يقابَل بتعليل مضمون جملة { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات } [ البروج : 11 ] إلى آخره ، فعلِّل بقوله : { وهو الغفور الودود } ، فهو يغفر للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ما فَرَط منهم وهو يحب التّوابين ويَوَدُّهم .و { الودود } : فَعول بمعنى فاعل مشتق من الودّ وهو المحبة فمعنى الودود : المحبّ وهو من أسمائه تعالى ، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته . والمحبة التي يوصف الله بها مستعملة في لازم المحبة في اللغة تقريباً للمعنى المتعالي عن الكيف وهو من معنى الرحمة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { إن ربي رحيم ودود } في آخر سورة هود ( 90 ) .
الآية 14 - سورة البروج: (وهو الغفور الودود...)