سورة البروج: الآية 17 - هل أتاك حديث الجنود...

تفسير الآية 17, سورة البروج

هَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ

الترجمة الإنجليزية

Hal ataka hadeethu aljunoodi

تفسير الآية 17

هل بلغك -أيها الرسول- خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائها، فرعون وثمود، وما حلَّ بهم من العذاب والنكال، لم يعتبر القوم بذلك، بل الذين كفروا في تكذيب متواصل كدأب مَن قبلهم، والله قد أحاط بهم علما وقدرة، لا يخفى عليه منهم ومن أعمالهم شيء. وليس القرآن كما زعم المكذبون المشركون بأنه شعر وسحر، فكذَّبوا به، بل هو قرآن عظيم كريم، في لوح محفوظ، لا يناله تبديل ولا تحريف.

«هل أتاك» يا محمد «حديث الجنود».

ثم ذكر من أفعاله الدالة على صدق ما جاءت به رسله، فقال: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُود وكيف كذبوا المرسلين، فجعلهم الله من المهلكين.

أي هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد؟ وهذا تقرير لقوله تعالى "إن بطش ربك لشديد" أي إذا أخذ الظالم أخذه أخذا أليما شديدا أخذ عزيز مقتدر قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ "هل أتاك حديث الجنود" فقام يستمع فقال "نعم قد جاءني".

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ، ما يدل على شدة بطشه ، ونفاذ أمره فقال : ( هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ الجنود .فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ) .والاستفهام هنا : للتقرير والتهويل . والمراد بالجنود : الجموع الكثيرة التى عتت عن أمر ربها ، فأخذها - سبحانه - أخذ عزيز مقتدر .

قوله عز وجل: "هل أتاك حديث الجنود"، قد أتاك خبر الجموع الكافرة الذين تجندوا على الأنبياء.

أي قد أتاك يا محمد خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ; يؤنسه بذلك ويسليه .ثم بينهم فقال .

وقوله: ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هل جاءك يا محمد حديث الجنود الذين تجندوا على الله ورسوله بأذاهم ومكروههم؛ يقول: قد أتاك ذلك وعلمته، فاصبر لأذى قومك إياك لما نالوك به من &; 24-347 &; مكروه كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي، ولا يثنيك عن تبليغهم رسالتي، كما لم يُثْن الذين أرسلوا إلى هؤلاء، فإن عاقبة من لم يصدقك ويؤمن بك منهم إلى عطب وهلاك، كالذي كان من هؤلاء الجنود، ثم بين جلّ ثناؤه عن الجنود من هم.

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) متصل بقوله : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] فالخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم للاستدلال على كون بطشه تعالى شديداً ببطشَيْننِ بَطَشَهُما بفرعون وثمود بعد أن علل ذلك بقوله : { إنه هو يبدىء ويعيد } [ البروج : 13 ] فذلك تعليل ، وهذا تمثيل ودليل .والاستفهام مستعمل في إرادة لتهويل حديث الجنود بأنه يسأل عن علمه ، وفيه تعريض للمشركين بأنهم قد يحلّ بهم ما حَلّ بأولئك : { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمودا فما أبقى } إلى قوله : { فبأي ءآلاء ربك تتمارى } [ النجم : 50 55 ] .والخطاب لغير معين ممن يراد موعظته من المشركين كناية عن التذكير بخبرهم لأن حال المتلبسين بمثل صنيعهم الراكبين رؤوسهم في العناد ، كحال من لا يعلم خبرهم فيُسْأل هل بلغه خبرهم أوْ لا ، أو خطاباً لغير معيّن تعجيباً من حال المشركين في إعراضهم عن الاتعاظ بذلك فيكون الاستفهام مستعملاً في التعجيب .والإِتيان : مستعار لبلوغ الخبر ، والحديث : الخبرُ . وتقدم في سورة النازعات .و { الجنود } : جمع جند وهو العسكر المتجمع للقتال . وأطلق على الأمم التي تجمعت لمقاومة الرسل كقوله تعالى : { جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب } [ ص : 11 ] واستعير الجند للملأ لقوله : { وانطلق الملأ منهم } [ ص : 6 ] ثم رشحت الاستعارة باستعارة مهزوم وهو المغلوب في الحرب فاستعير للمهلك المستأصل من دون حرب .
الآية 17 - سورة البروج: (هل أتاك حديث الجنود...)