سورة غافر: الآية 6 - وكذلك حقت كلمت ربك على...

تفسير الآية 6, سورة غافر

وَكَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ أَنَّهُمْ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ

الترجمة الإنجليزية

Wakathalika haqqat kalimatu rabbika AAala allatheena kafaroo annahum ashabu alnnari

تفسير الآية 6

وكما حق العقاب على الأمم السابقة التي كذَّبت رسلها، حق على الذين كفروا أنهم أصحاب النار.

(وكذلك حقت كلمة ربك) أي "" لأملأن جهنم "" الآية (على الذين كفروا أنهم أصحاب النار) بدل من كلمة.

وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أي: كما حقت على أولئك، حقت عليهم كلمة الضلال التي نشأت عنها كلمة العذاب، ولهذا قال: أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ

وقوله : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) أي : كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة ، كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى ; لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك .

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ.أى: وكما حقت كلمة ربك- أيها الرسول الكريم- ووجبت بإهلاك الأمم الماضية التي كذبت أنبياءها، وجعلهم وقودا للنار، فكذلك تكون سنتنا مع المكذبين لك من قومك، إذا ما استمروا في تكذيبهم لك، ولم يعودوا إلى طريق الحق.فالآيات الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلم وتحذير لمشركي قريش من الاستمرار في غيهم.

( وكذلك حقت كلمة ربك ) يعني : كما حقت كلمة العذاب على الأمم المكذبة حقت ( على الذين كفروا ) من قومك ، ( أنهم أصحاب النار ) قال الأخفش : لأنهم أو بأنهم أصحاب النار .

قوله تعالى : وكذلك حقت أي وجبت ولزمت ، مأخوذ من الحق لأنه اللازم . كلمة ربك هذه قراءة العامة على التوحيد . وقرأ نافع وابن عامر : " كلمات " جمعا . على الذين كفروا أنهم قال الأخفش : أي : لأنهم وبأنهم . قال الزجاج : ويجوز إنهم بكسر الهمزة . أصحاب النار أي : المعذبون بها . وتم الكلام .

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)يقول تعالى ذكره: وكما حق على الأمم التي كذبت رسلها التي قصصت عليك يا محمد قصصها عذابي, وحل بها عقابي بتكذيبهم رسلهم, وجدالهم إياهم بالباطل, ليدحضوا به الحق, كذلك وجبت كلمة ربك على الذين كفروا بالله من قومك, الذين يجادلون في آيات الله.وقوله: ( أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ) اختلف أهل العربية في موضع قوله ( أنَّهُمْ ) , فقال بعض نحويّي البصرة: معنى ذلك: حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار: أي لأنهم, أو بأنهم, وليس أنهم في موضع مفعول ليس مثل قولك: أحققت أنهم لو كان كذلك كان أيضا أحققت, لأنهم. وكان غيره يقول: " أنهم " بدل من الكلمة, كأنه أحقت الكلمة حقا أنهم أصحاب النار.والصواب من القول في ذلك, أن قوله " أنهم " ترجمة عن الكلمة, بمعنى: وكذلك حقّ عليهم عذاب النار, الذي وعد الله أهل الكفر به.

وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)الواو عاطفة على جملة { فكيف كان عِقَاب } [ غافر : 5 ] ، أي ومثل ذلك الحَقّ حقت كلمات ربك فالمشار إليه المصدَر المأخوذ من قوله : { حَقَّت كَلِماتُ رَبك } على نحو ما قرر غير مرة ، أولاها عند قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) ، وهو يفيد أن المشبه بلغ الغاية في وجه الشبه حتى لو أراد أحد أن يشبهه لم يشبهه إلا بنفسه .ولك أن تجعل المشار إليه الأخْذَ المأخوذ من قوله : { فأخذتهم } [ غافر : 5 ] ، أي ومثل ذلك الأخذ الذي أخذ الله به قوم نوح والأحزابَ من بعدهم حقت كلمات الله على الذين كفروا ، فعلم من تشبيه تحقق كلمات الله على الذين كفروا بذلك الأخذِ لأن ذلك الأخذ كان تحقيقاً لكلمات الله ، أي تصديقاً لما أخبرهم به من الوعيد ، فالمراد بالذين كفروا } جميع الكافرين ، فالكلام تعميم بعد تخصيص فهو تذييل لأن المراد بالأحزاب الأمم المعهودة التي ذكرت قصصها فيكون { الذينَ كَفَروا } أعم . وبذلك يكون التشبيه في قوله : { وكذلك حقت كلمات ربك } جارياً على أصل التشبيه من المغايرة بين المشبه والمشبه به ، وليس هو من قبيل قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } [ البقرة : 143 ] ونظائره .ويجوز أن يكون المراد ب { الذين كفروا } عين المراد بقوله آنفاً : { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } [ غافر : 4 ] أي مثل أخذ قوم نوح والأحزاب حقت كلمات ربك على كفار قومك ، أي حقت عليهم كلمات الوعيد إذا لم يقلعوا عن كفرهم .و ( كلمات الله ) هي أقواله التي أوحى بها إلى الرسل بوعيد المكذبين ، و { على الذين كفروا } يتعلق ب { حقت .وقوله : أنهم أصحابُ النَّار } يجوز أن يكون بدلاً من { كلمات ربك } بدلاً مطابقاً فيكون ضمير { أنَّهُم } عائد إلى { الذين كفروا } ، أي حق عليهم أن يكونوا أصحاب النار ، وفي هذا إيماء إلى أن الله غير معاقب أمة الدعوة المحمدية بالاستئصال لأنه أراد أن يخرج منهم ذرية مؤمنين .ويجوز أن يكون على تقدير لام التعليل محذوفةٍ على طريقة كثرة حذفها قبل ( أنَّ ) . والمعنى : لأنهم أصحاب النار ، فيكون ضمير { أنَّهُم } عائداً إلى جميع ما ذكر قبله من قوم نوح والأحزاب من بعدهم ومن الذين كفروا .وقرأ الجمهور { كلمة ربك } بالإِفراد . وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بصيغة الجمع ، والإِفراد هنا مساو للجمع لأن المراد به الجنس بقرينة أن الضمير المجرور ب ( على ) تعلق بفعل { حَقَّت } وهو ضمير جمع فلا جرم أن تكون الكلمة جنساً صادقاً بالمتعدد بحسب تعدد أزمان كلمات الوعيد وتعدد الأمم المتوعَّدة .
الآية 6 - سورة غافر: (وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار...)