سورة الغاشية: الآية 2 - وجوه يومئذ خاشعة...

تفسير الآية 2, سورة الغاشية

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَٰشِعَةٌ

الترجمة الإنجليزية

Wujoohun yawmaithin khashiAAatun

تفسير الآية 2

وجوه الكفار يومئذ ذليلة بالعذاب، مجهدة بالعمل متعبة، تصيبها نار شديدة التوهج، تُسقى من عين شديدة الحرارة. ليس لأصحاب النار طعام إلا من نبت ذي شوك لاصق بالأرض، وهو مِن شر الطعام وأخبثه، لا يُسْمن بدن صاحبه من الهُزال، ولا يسدُّ جوعه ورمقه.

«وجوه يومئذٍ» عبر بها عن الذوات في الموضوعين «خاشعة» ذليلة.

فأخبر عن وصف كلا الفريقين، فقال في [وصف] أهل النار: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة خَاشِعَة من الذل، والفضيحة والخزي.

أي ذليلة قاله قتادة وقال ابن عباس تخشع ولا ينفعها عملها.

ثم فصل- سبحانه- أحوال الناس في هذا اليوم فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ.قال الشوكانى: الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ما هو؟ أو مستأنفة استئنافا نحويا، لبيان ما تضمنته من كون ثمّ وجوه في ذلك اليوم متصفة بهذه الصفة المذكورة، و «وجوه» مرتفع على الابتداء- وإن كانت نكرة- لوقوعه في مقام التفصيل..والتنوين في «يومئذ» عوض عن المضاف إليه. أى: يوم غشيان الغاشية.والخاشعة: الذليلة الخاضعة، وكل متضائل ساكن يقال له خاشع...والمراد بالوجوه: أصحابها، من باب التعبير عن الكل بالبعض، وخصت الوجوه بالذكر، لأنها أشرف أعضاء الإنسان، ولأنها هي التي تظهر عليها الآثار المختلفة من حزن أو فرح. أى: وجوه في يوم قيام الساعة، تكون خاشعة ذليلة، تبدو عليها آثار الهوان والانتكاس والخزي، كما قال- تعالى-: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ ...

"وجوه يومئذ"، يعني: يوم القيامة، "خاشعة"، ذليلة.

قوله تعالى : وجوه يومئذ خاشعةقال ابن عباس : لم يكن أتاه حديثهم ، فأخبره عنهم ، فقال : وجوه يومئذ أي يوم القيامة . خاشعة قال سفيان : أي ذليلة بالعذاب . وكل متضائل ساكن خاشع . يقال : خشع في صلاته : إذا تذلل ونكس رأسه . وخشع الصوت : خفي قال الله تعالى : وخشعت الأصوات للرحمن . والمراد بالوجوه أصحاب الوجوه . وقال قتادة وابن زيد : خاشعة أي في النار . والمراد وجوه الكفار كلهم قاله يحيى بن سلام . وقيل : أراد وجوه اليهود والنصارى قاله ابن عباس .

وقوله: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ) يقول تعالى ذكره: وجوه يومئذ، وهي وجوه أهل الكفر بهخاشعة، يقول: ذليلة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ) : أي ذليلة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( خَاشِعَةٌ ) قال: خاشعة في النار.

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) { وجوه } مبتدأ و { خاشعة } خبر والجملة بيان لحديث الغاشية كما يفيده الظرف من قوله : { يومئذ } فإن مَا صدَقَه هو يومُ الغاشية . ويكون تنكير { وجوه } وهو مبتدأ قُصد منه النوع .و { خاشعة ، عاملة ، ناصبة } أخبار ثلاثة عن { وجوه } ، والمعنى : أناس خاشعون الخ .فالوجوه كناية عن أصحابها ، إذ يكنى بالوجه عن الذات كقوله تعالى : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } [ الرحمن : 27 ] . وقرينة ذلك هنا قوله بعده : { ليس لهم طعام إلا من ضريع } إذ جعل ضمير الوجوه جماعة العقلاء .وأوثرت الوجوه بالكناية عن أصحابها هنا وفي مثل هذا المقام لأن حالة الوجوه تنبىء عن حالة أصحابها إذ الوجه عنوان عما يجده صاحبه من نعيم أو شقوة كما يقال : خرج بوجه غير الوجه الذي دخل به .وتقدم في قوله تعالى : { وجوه يومئذ مسفرة } الآية في سورة عبس ( 38 ) .ويجوز أن يجعل إسناد الخشوع والعمل والنصَب إلى وجوه } من قبيل المجاز العقلي ، أي أصحاب وجوه .ويتعلق { يومئذ } ب { خاشعة } قدم على متعلقه للاهتمام بذلك اليوم ولما كانت ( إذ ) من الأسماء التي تلزم الإضافة إلى جملة فالجملة المضاف إليها ( إذْ ) محذوفة عُوّض عنها التنوين ، ويدل عليها ما في اسم { الغاشية } من لمح أصل الوصفية لأنها بمعنى التي تغشى الناس فتقدير الجملة المحذوفة يوم إذ تغشى الغاشية .أو يدل على الجملة سياق الكلام فتقدر الجملة : يوم إذ تحدث أو تقع .و { خاشعة } : ذليلة يطلق الخشوع على المذلة قال تعالى : { وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل } [ الشورى : 45 ] وقال : { خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة } [ المعارج : 44 ] .
الآية 2 - سورة الغاشية: (وجوه يومئذ خاشعة...)