سورة الهمزة: الآية 3 - يحسب أن ماله أخلده...

تفسير الآية 3, سورة الهمزة

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخْلَدَهُۥ

الترجمة الإنجليزية

Yahsabu anna malahu akhladahu

تفسير الآية 3

يظن أنه ضَمِنَ لنفسه بهذا المال الذي جمعه، الخلود في الدنيا والإفلات من الحساب.

«يحسب» لجهله «أن ماله أخلده» جعله خالدا لا يموت.

يَحْسَبُ بجهله أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ في الدنيا، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر.

وقوله : ( يحسب أن ماله أخلده ) أي : يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟ ( كلا ) أي : ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب

وقوله- تعالى-: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ، صفة أخرى من صفاته القبيحة، والجملة يصح أن تكون مستأنفة استئنافا بيانيا، جوابا لسؤال مقدر، كأنه قيل: ما باله يجمع المال ويهتم به؟ فكان الجواب: يحسب أن ماله أخلده.ويصح أن تكون حالا من فاعل «جمع» أى: هذا الجاهل المغرور جمع المال وعدده، حالة كونه يظن أن ماله يخلده في الدنيا، ويجعله في مأمن من حوادث الدهر.قال الأستاذ الإمام محمد عبده: أى أن الذي يحمل هذا الهمزة اللمزة على الحط من أقدار الناس، هو جمعه المال وتعديده ... فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه، انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة، بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه ... ويظن أن ما عنده من المال، قد حفظ له حياته التي هو فيها، وأرصدها عليه، فهو لا يفارقها إلى حياة أخرى، يعاقب فيها على ما كسب من سيئ الأعمال ....

"يحسب أن ماله أخلده"، في الدنيا، يظن أنه لا يموت مع يساره.

قوله تعالى : يحسب أي يظن أن ماله أخلده أي يبقيه حيا لا يموت ; قاله السدي . وقال عكرمة : أي يزيد في عمره . وقيل : أحياه فيما مضى ، وهو ماض بمعنى المستقبل . يقال : هلك والله فلان ودخل النار ; أي يدخل .

وقوله: ( يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ )يقول: يحسب أن ماله الذي جمعه وأحصاه, وبخل بإنفاقه, مخلده في الدنيا, فمزيل عنه الموت. وقيل: أخلده, والمعنى: يخلده, كما يقال للرجل الذي يأتي الأمر الذي يكون سببا لهلاكه: عطب والله فلان, هلك والله فلان, بمعنى: أنه يعطب من فعله ذلك, ولما يهلك بعد ولم يعطب; وكالرجل يأتي الموبقة من الذنوب: دخل والله فلان النار.

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) وجملة : { يحسب أن ماله أخلده } يجوز أن تكون حالاً من هُمَزة فيكون مستعملاً في التَّهكم عليه في حرصه على جمع المال وتعديده لأنه لا يُوجد من يَحْسب أن ماله يُخلده ، فيكون الكلام من قبيل التمثيل ، أو تكون الحال مراداً بها التشبيه وهو تشبيه بليغ .ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والخبر مستعملاً في الإِنكار ، أو على تقدير همزة استفهام محذوفة مستعملاً في التهكم أو التعجيب .وجيء بصيغة المضي في { أخلده } لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لتحققه عنده ، وذلك زيادة في التهكم به بأنه موقن بأن ماله يخلده حتى كأنه حصل إخلاده وثبت .والهَمزة في { أخلده } للتعدية ، أي جعله خالداً .وقرأ الجمهور : { يحسِب } بكسر السين . وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر بفتح السين وهما لغتان .ومعنى الآية : أن الذين جمعوا المال يشبه حالهم حال من يحسب أن المال يقيهم الموت ويجعلهم خالدين لأن الخلود في الدنيا أقصى متمناهم إذ لا يؤمنون بحياة أخرى خالدة .
الآية 3 - سورة الهمزة: (يحسب أن ماله أخلده...)