سورة الإنفطار: الآية 18 - ثم ما أدراك ما يوم...

تفسير الآية 18, سورة الإنفطار

ثُمَّ مَآ أَدْرَىٰكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ

الترجمة الإنجليزية

Thumma ma adraka ma yawmu alddeeni

تفسير الآية 18

وما أدراك ما عظمة يوم الحساب، ثم ما أدراك ما عظمةُ يوم الحساب؟ يوم الحساب لا يقدر أحد على نفع أحد، والأمر في ذلك اليوم لله وحده الذي لا يغلبه غالب، ولا يقهره قاهر، ولا ينازعه أحد.

«ثم ما أدراك ما يومُ الدين» تعظيم لشأنه.

وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ففي هذا تهويل لذلك اليوم الشديد الذي يحير الأذهان.

ثم أكده بقوله تعالى "ثم ما أدراك ما يوم الدين".

ثم فخم - سبحانه - وعظم من شأن يوم الجزاء فقال : ( وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين . ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين ) .و " ما " اسم استفهام مبتدأ . وجملة " أدراك " خبره ، والكاف مفعول أول .وجملة ( مَا يَوْمُ الدين ) المكونة من مبتدأ وخبر سدت مسد المفعول الثانى لأدراك والتكرار للتهويل والتعظيم ليوم الدين ، كما فى قوله - تعالى - ( الحاقة . مَا الحآقة . وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحاقة ) أى : وأى شئ أدراك عظم وشدة يوم الحساب والجزاء ، ثم أى شئ أدراك بذلك؟إننا نحن وحدنا الذين ندرك شدة هوله .. وقد أخبرناك بجانب مما يحدث فيه من شدائد لتنذر الناس ، حتى يستعدوا له بالإِيمان والعمل الصالح .

ثم كرر تعجباً لشأنه فقال: "ثم ما أدراك ما يوم الدين".

نحو قوله تعالى : " القارعة ما القارعة .وما أدراك ما القارعة " [ القارعة : 1 - 3 ] وقال ابن عباس فيما روي عنه : كل شيء من القرآن من قوله : " وما أدراك " فقد أدراه .وكل شيء من قوله " وما يدريك " فقد طوي عنه .

وقوله: ( ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ) يقول: ثم أيّ شيء أشعرك يوم المجازاة والحساب يا محمد، تعظيما لأمره، ثم فسَّر جلّ ثناؤه بعض شأنه فقال: ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا ) يقول: ذلك اليوم، ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ ) يقول: يوم لا تُغني نفس عن نفس شيئا، فتدفع عنها بليَّة نزلت بها، ولا تنفعها بنافعة، وقد كانت في الدنيا تحميها، وتدفع عنها من بغاها سوءا، فبطل ذلك يومئذ، لأن الأمر صار لله الذي لا يغلبه غالب، ولا يقهره قاهر، واضمحلت هنالك الممالك، وذهبت الرياسات، وحصل الملك للملك الجبار، وذلك قوله: ( وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) يقول: والأمر كله يومئذ، يعني: الدين لله دون سائر خلقه، ليس لأحد من خلقه معه يومئذ أمر ولا نهي.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) قال: ليس ثم أحد يومئذ يقضي شيئا، ولا يصنع شيئا إلا ربّ العالمين.

ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18)تكرير للتهويل تكريراً يؤذن بزيادته ، أي تجاوزه حدّ الوصف والتعبير فهو من التوكيد اللفظي ، وقرن هذا بحرف { ثمّ } الذي شأنه إذا عطف جملة على أخرى أن يفيد التراخي الرتبي ، أي تباعد الرتبة في الغرض المسوق له الكلام ، وهي في هذا المقام رتبة العظمة والتهويل ، فالتراخي فيها هو الزيادة .
الآية 18 - سورة الإنفطار: (ثم ما أدراك ما يوم الدين...)