سورة الإنشقاق: الآية 10 - وأما من أوتي كتابه وراء...

تفسير الآية 10, سورة الإنشقاق

وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهْرِهِۦ

الترجمة الإنجليزية

Waamma man ootiya kitabahu waraa thahrihi

تفسير الآية 10

وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره، وهو الكافر بالله، فسوف يدعو بالهلاك والثبور، ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا، لا يفكر في العواقب، إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله، إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

«وأما من أوتي كتابه وراء ظهره» هو الكافر تغل يمناه إلى عنقه وتجعل يسراه وراء ظهره فيأخذ بها كتابه.

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ أي: بشماله من خلفه.

أي بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى ورائه ويعطي كتابه بها كذلك.

ثم بين - سبحانه - حال الأشقياء ، بعد بيانه لحال السعداء فقال : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ . فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً . ويصلى سَعِيراً ) . أى : وأما من أعطى صحيفة أعماله - لسوادها وقبح أعمالها - بشماله من وراء ظهره وهو الكافر - والعياذ بالله - قيل تغل يمناه إلى عنقه ، وتجعل شماله وراء ظهره ، على سبيل الإِهانة والإذلال له .

( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ) فتغل يده اليمنى إلى عنقه وتجعل يده الشمال وراء ظهره ، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره . وقال مجاهد : تخلع يده اليسرى من وراء ظهره .

قوله تعالى : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره نزلت في الأسود بن عبد الأسد أخي أبي سلمة قال ابن عباس . ثم هي عامة في كل مؤمن وكافر . قال ابن عباس : يمد يده اليمنى ليأخذ كتابه فيجذبه ملك ، فيخلع يمينه ، فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره . وقال قتادة ومقاتل : يفك ألواح صدره وعظامه ثم تدخل يده وتخرج من ظهره ، فيأخذ كتابه كذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10)يقول تعالى ذكره: وأما من أعطي كتابه منكم أيها الناس يومئذ وراء ظهره، وذلك أن جعل يده اليمنى إلى عنقه وجعل الشمال من يديه وراء ظهره، فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره، ولذلك وصفهم جلَّ ثناؤه أحيانًا أنهم يؤتون كتبهم بشمائلهم، وأحيانًا أنهم يؤتونها من وراء ظهورهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ) قال: يجعل يده من وراء ظهره.

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) وظرف { وراء ظهره } في موضع الحال من { كتابه } .و { ينقلب إلى أهله } أي يرجع . والانقلاب : الرجوع إلى المكان الذي جيء منه ، وقد تقدم قريباً في سورة المطففين .والأهل : العشيرة من زوجة وأبناء وقرابة .وهذا التركيب تمثيل لحال المحاسَب حساباً يسيراً في المسرّة والفوز والنجاة بعد العمل الصالح في الدنيا ، بحال المسافر لتجارة حين يرجع إلى أهله سالماً رابحاً لما في الهيئة المشبه بها من وفرة المسرة بالفوز والربح والسلامة ولقاء الأهل وكلهم في مسرة ، فذلك وجه الشبه بين الهيْأتين وهو السرور المألوف للمخاطبين فالكلام استعارة تمثيلية .وليس المراد رجوعه إلى منزله في الجنة لأنه لم يكن فيه من قبل حتى يقال لمصيره إليه انقلاب ، ولأنه قد لا يكون له أهل . وهو أيضاً كناية عن طول الراحة لأن المسافر إذا رجع إلى أهله فارق المتاعب زمان .
الآية 10 - سورة الإنشقاق: (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره...)