سورة الإنشقاق: الآية 15 - بلى إن ربه كان به...

تفسير الآية 15, سورة الإنشقاق

بَلَىٰٓ إِنَّ رَبَّهُۥ كَانَ بِهِۦ بَصِيرًا

الترجمة الإنجليزية

Bala inna rabbahu kana bihi baseeran

تفسير الآية 15

وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره، وهو الكافر بالله، فسوف يدعو بالهلاك والثبور، ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا، لا يفكر في العواقب، إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله، إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

«بلى» يرجع إليه «إن ربه كان به بصيرا» عالما برجوعه إليه.

بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا فلا يحسن أن يتركه سدى، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب.

يعني بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها فإنه (كان به بصيرا) أي عليما خبيرا.

وقوله - سبحانه - ( بلى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ) إيجاب لما نفاه ، وإثبات لما استبعده ، وجملة " إن ربه " بمنزلة التعليل لما أفادته بلى من إبطال لما نفاه .أى : ليس الأمر كما زعم من أنه لن يبعث ولن يرجع إلى ربه . . بل الحق الذى لا يشوبه باطل ، أن هذا الشقى سيرجع إلى ربه يوم البعث والنشور ، ليجازيه على أعماله ، لأنه - سبحانه - كان - وما زال - عليما بأحوال هذا الشقى وغيره ، إذ لا يخفى عليه - سبحانه - شئ فى الأرض ولا فى السماء .فالمراد بالبصر هنا : العلم التام بأحوال الخلق .

ثم قال: "بلى"، أي: ليس كما ظن، بل يحور إلينا ويبعث، " إن ربه كان به بصيرا "، من يوم خلقه إلى أن بعثه.

قوله تعالى : بلى أي ليس الأمر كما ظن ، بل يحور إلينا ويرجع . إن ربه كان به بصيرا قبل أن يخلقه ، عالما بأن مرجعه إليه . وقيل : بلى ليحورن وليرجعن . ثم استأنف فقال : إن ربه كان به بصيرا من يوم خلقه إلى أن بعثه . وقيل : عالما بما سبق له من الشقاء والسعادة .

وقوله: ( بَلَى ) يقول تعالى ذكره: بلى لَيَحُورَنَّ وَلَيَرْجِعَنّ إلى ربه حيا كما كان قبل مماته.وقوله: ( إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ) يقول جلّ ثناؤه: إن ربّ هذا الذي ظن أن لن يحور، كان به بصيرا، إذ هو في الدنيا بما كان يعمل فيها من المعاصي، وما إليه يصير أمره في الآخرة، عالم بذلك كلِّه.

بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)وموقع { بلى } الاستئناف كأحرف الجواب .وجملة : { إن ربه كان به بصيراً } مبينة للإِبطال الذي أفاده حرف { بلى } على وجه الإجمال يعني أن ظنه باطل لأن ربه أنبأه بأنه يبعث .والمعنى : إن ربه عليم بمآله . وتأكيد ذلك بحرف { إنَّ } لرده إنكاره البعث الذي أخبر الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فآل المعنى الحاصل من حرف الإِبطال ومن حرف التأكيد إلى معنى : أن ربه بصير به وأما هو فغير بصير بحاله كقوله : { واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون } [ البقرة : 216 ] .وتعدية { بصيراً } بالباء لأنه من بَصُر القاصر بضم الصاد به إذا رآه رؤية محققة ، فالباء فيه معناها الملابسة أو الإِلصاق .وفيه إشارة إلى حكمة البعث للجزاء لأن رب الناس عليم بأحوالهم فمنهم المصلح ومنهم المفسد والكل متفاوتون في ذلك فليس من الحكمة أن يذهب المفسد بفساده وما ألحَقَهُ بالموجودات من مضار وأن يهمل صلاح المصلح ، فجَعَل الله الحياة الأبدية وجعلها للجزاء على ما قدّم صاحبها في حياته الأولى .وأطلق البصر هنا على العلم التام بالشيء .وعلق وصف ( بصير ) بضمير الإنسان الذي ظن أن لن يحور ، والمراد : العِلم بأحواله لا بذاته .وتقديم المجرور على متعلَّقه للاهتمام بهذا المجرور ، أي بصير به لا محالة مع مراعاة الفواصل .
الآية 15 - سورة الإنشقاق: (بلى إن ربه كان به بصيرا...)