سورة الإنشقاق: الآية 8 - فسوف يحاسب حسابا يسيرا...

تفسير الآية 8, سورة الإنشقاق

فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا

الترجمة الإنجليزية

Fasawfa yuhasabu hisaban yaseeran

تفسير الآية 8

فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه، وهو مؤمن بربه، فسوف يحاسب حسابًا سهلا ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا.

(فسوف يحاسب حسابا يسيرا) هو عرض عمله عليه كما في حديث الصحيحين وفيه "" من نوقش الحساب هلك "" وبعد العرض يتجاوز عنه.

فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وهو العرض اليسير على الله، فيقرره الله بذنوبه، حتى إذا ظن العبد أنه قد هلك، قال الله [تعالى] له: " إني قد سترتها عليك في الدنيا، فأنا أسترها لك اليوم ".

( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) أي سهلا بلا تعسير ، أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله فإن من حوسب كذلك يهلك لا محالة .قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوقش الحساب عذب قالت : فقلت أليس قال الله ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) ؟ ، قال ليس ذاك بالحساب ولكن ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذبوهكذا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث أيوب السختياني بهوقال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا روح بن عبادة حدثنا أبو عامر الخراز عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذبا فقلت أليس الله يقول ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) ؟ ، قال ذاك العرض إنه من نوقش الحساب عذب وقال بيده على إصبعه كأنه ينكتوقد رواه أيضا عن عمرو بن علي عن ابن أبي عدي عن أبي يونس القشيري عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث أخرجاه من طريق أبي يونس القشيري واسمه حاتم بن أبي صغيرة به .قال ابن جرير حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا مسلم عن الحريش بن الخريت أخي الزبير عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت من نوقش الحساب أو من حوسب عذب . قال ثم قالت إنما الحساب اليسير عرض على الله عز وجل وهو يراهم .وقال أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا محمد بن إسحاق حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته اللهم حاسبني حسابا يسيرا فلما انصرف قلت يا رسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك صحيح على شرط مسلم .

والمراد بالحساب اليسير : عرض الأعمال ، مع التجاوز عن الهفوات ، بفضل الله - تعالى - : أى : الناس جميعا يكدحون فى هذه الحياة ، ثم يعودون إلى خالقهم للحساب والجزاء ، فأما من أعطى كتابه بيمينه ، وهم المؤمنون الصادقون فسوف يحاسب من ربه - تعالى - حسابا يسيرا سهلا ، بأن تعرض أعماله على خالقه - تعالى - ثم يكون التجاوز عن المعاصى والثواب على الطاعة ، بدون مناقشة أو مطالبة بعذر أو حجة .

"فسوف يحاسب حساباً يسيراً"أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا نافع ، عن ابن عمر ، حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من حوسب عذب " قالت عائشة رضي الله عنها فقلت : يا رسول الله أوليس يقول الله - عز وجل - : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قالت : فقال : " إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش [ في الحساب هلك ] .

فسوف يحاسب حسابا يسيرا لا مناقشة فيه . كذا روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حوسب يوم القيامة عذب ، قالت : فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا فقال : ليس ذاك الحساب ; إنما ذلك العرض ، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " أخرجه البخاري ومسلم والترمذي . وقال حديث حسن صحيح .

( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) بأن ينظر في أعماله، فيغفر له سيئها، ويُجازى على حُسنها.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الواحد بن حمزة، عن عباد بن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة، قالت: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: " اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا " قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: " أن يُنْظَرَ فِي سَيِّئاتِهِ فَيُتَجَاوَزُ عَنْهُ، إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَئِذٍ هَلَكَ" .حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزيير، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: " اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا "، فلما انصرف قلت: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: " يُنْظَرُ فِي كِتَابِهِ، وَيُتَجَاوَزُ عَنْهُ، إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَئِذٍ يا عَائِشَةُ هَلَكَ" .حدثنا نصر بن عليّ الجَهْضَمِيّ، قال: ثنا مسلم، عن الحريش بن الخرّيت أخي الزبير، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: من نُوقش الحساب، أو من حوسب عذّب، قال: ثم قالت: إنما الحساب اليسير: عَرْض على الله وهو يراهم .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا أيوب، وحدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذَّبَ"، فقلت: أليس الله يقول: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) قال: " لَيْسَ ذَلِكَ الْحِسَابُ إنَّمَا ذلكَ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِبَ" .حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا أبو عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إلا مُعَذَّبًا "، فقلت: أليس يقول الله: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) ؟ قال: " ذَلِكَ الْعَرضُ، إنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذّبَ"، وقال بيده على أصبعه كأنه ينكته .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) قال: الحساب اليسير: الذي يغفر ذنوبه، ويتقبَّل حسناته، ويسير الحساب الذي يعفى عنه، وقرأ: وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ، وقرأ: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن عثمان بن الأسود، قال: ثني ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: يا رسول الله ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) قال: " ذَلِكَ الْعَرْضُ يَا عَائِشَةُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ" .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عثمان بن عمرو وأبو داود، قالا ثنا أبو عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حُوسِبَ عُذّبَ " ، قَالَتْ: فقلت: أليس الله يقول: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) قال: " ذَلِكَ الْعَرْضُ يَا عَائِشَةُ، وَمَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذّبَ" .إن قال قائل: وكيف قيل: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ ) ، والمحاسبة لا تكون إلا من اثنين، والله القائم بأعمالهم ولا أحد له قِبَل ربه طَلِبة فيحاسبه؟ قيل: إن ذلك تقرير من الله للعبد بذنوبه، وإقرار من العبد بها وبما أحصاه كتاب عمله، فذلك المحاسبة على ما وصفنا، ولذلك قيل: يحاسب.حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن أبي يونس القشيري، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ أحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلا هَلَكَ" قالت: فقلت: يا رسول الله &; 24-315 &; ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) فقال: " ذَلِكَ الْعَرْضُ، لَيْس أحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلا هَلَكَ" .

فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) هذا تفصيل الإِجمال الذي في قوله : { إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } [ الانشقاق : 6 ] أي رجوع جميع الناس أولئك إلى الله ، فمن أوتي كتابه بيمينه فريق من الناس هم المؤمنون ومن أوتي كتابه وراء ظهره فريق آخر وهم المشركون كما دلّ عليه قوله : { إنه ظن أن لن يحور } ، وبين منتهاهما مراتب . وإنما جاءت هذه الآية على اعتبار تقسيم الناس يومئذ بين أتقياء ومشركين .والكِتاب : صحيفة الأعمال ، وجعل إيتاؤه إياه بيمينه شعاراً للسعادة لِما هو متعارف من أن اليد اليمنى تتناول الأشياء الزكية وهذا في غريزة البشر نشأ عن كون الجانب الأيمن من الجسد أقدر وأبدر للفعل الذي يتعلق العزم بعمله فارتكز في النفوس أن البركة في الجانب الأيمن حتى سَموا البركة والسعادة يُمناً ، ووسموا ضدها بالشؤم فكانت بركة اليمين مما وضعه الله تعالى في أصل فطرة الإنسان ، وتقدم عند قوله تعالى : { قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } في سورة [ الصافات : 28 ] ، وقوله : { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين } [ الواقعة : 27 ] . وقوله : { وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال } في سورة [ الواقعة : 41 ] ، وقوله : { فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة } في سورة [ الواقعة : 8 ، 9 ] .والباء في قوله : بيمينه } للملابسة أو المصاحبة ، أو هي بمعنى ( في ) ، وهي متعلقة ب { أوتي } .وحرف ( سوف ) أصله لحصول الفعل في المستقبل ، والأكثر أن يراد به المستقبل البعيد وذلك هو الشائع ، ويقصد به في الاستعمال البليغ تحقق حصول الفعل واستمراره ومنه قوله تعالى : { قال سوف أستغفر لكم ربي } في سورة [ يوسف : 98 ] ، وهو هنا مفيد للتحقق والاستمرار بالنسبة إلى الفعل القابل للاستمرارِ وهو ينقلب إلى أهله مسروراً وهو المقصود من هذا الوعد . وقد تقدم عند قوله تعالى : { فسوف نصليه ناراً } في سورة [ النساء : 30 ] .والحساب اليسير : هو عَرْض أعماله عليه دون مناقشة فلا يَطول زمنه فيعجَّلُ به إلى الجنة ، وذلك إذا كانت أعماله صالحة ، فالحساب اليسير كناية عن عدم المؤاخذة .ومن أوتي كتابه وراء ظهره } هو الكافر . والمعنى : إنه يؤتى كتابه بشماله كما تقتضيه المقابلة ب { من أوتي كتابه بيمينه } وذلك أيضاً في سورة الحاقة قوله : { وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه } ، أي يعطى كتابه من خلفه فيأخذه بشماله تحقيراً له ويناول له من وراء ظهره إظهاراً للغضب عليه بحيث لا ينظر مُناوِلُه كتابَه إلى وجهه .
الآية 8 - سورة الإنشقاق: (فسوف يحاسب حسابا يسيرا...)