سورة الجن: الآية 5 - وأنا ظننا أن لن تقول...

تفسير الآية 5, سورة الجن

وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلْإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا

الترجمة الإنجليزية

Waanna thananna an lan taqoola alinsu waaljinnu AAala Allahi kathiban

تفسير الآية 5

وأنَّا حَسِبْنا أن أحدًا لن يكذب على الله تعالى، لا من الإنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه.

«وأنا ظننا أن» مخففة، أي أنه «لن تقول الإنس والجن على الله كذبا» بوصفه بذلك حتى تبينا كذبهم بذلك قال تعالى:

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أي: كنا مغترين قبل ذلك، وغرنا القادة والرؤساء من الجن والإنس، فأحسنا بهم الظن، وظنناهم لا يتجرأون على الكذب على الله، فلذلك كنا قبل هذا على طريقهم، فاليوم إذ بان لنا الحق، رجعنا إليه ، وانقدنا له، ولم نبال بقول أحد من الناس يعارض الهدى.

( وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) أي : ما حسبنا أن الإنس والجن يتمالئون على الكذب على الله في نسبة الصاحبة والولد إليه ، فلما سمعنا هذا القرآن وآمنا به ، علمنا أنهم كانوا يكذبون على الله في ذلك .

وقوله: وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً اعتذار منهم عن كفرهم السابق، فكأنهم يقولون بعد أن استمعوا إلى القرآن، وآمنوا بالله- تعالى- وحده: إننا ننزه الله- تعالى- عما قاله السفهاء في شأنه.. وإذا كنا قد اتبعناهم قبل إيماننا، فسبب ذلك أننا صدقنا هؤلاء السفهاء فيما قالوه لنا، وما كنا نعتقد أو نتصور أو نظن أن هؤلاء السفهاء يصل بهم الفجور والكذب.. إلى هذا الحد الشنيع.وقوله: كَذِباً مفعول به لتقول، أو صفة لمصدر محذوف، أى: قولا مكذوبا.

"وأنا ظننا"، حسبنا، "أن لن تقول الإنس والجن"، قرأ يعقوب " تقول " بفتح الواو وتشديدها، "على الله كذباً"، أي: كنا نظنهم صادقين في قولهم إن لله صاحبةً وولداً حتى سمعنا القرآن.

قوله تعالى : وأنا ظننا أي حسبنا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ، فلذلك صدقناهم في أن لله صاحبة وولدا ، حتى سمعنا القرآن وتبينا به الحق . وقرأ يعقوب والجحدري وابن أبي إسحاق ( أن لن تقول ) .

حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة: (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) فقال: عصاه والله سفيه الجنّ، كما عصاه سفيه الإنس.وأما الشَّطط من القول، فإنه ما كان تعدِّيًا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) قال: ظلمًا.وقوله: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) يقول: قالوا: وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذبا من القول، والظنّ هاهنا بمعنى الشك، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحدًا يجترئ على الكذب على الله لما سمعت القرآن، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولدًا، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر؛ فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذبا في كلّ ذلك، فلذلك قالوا: (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) فسموه سفيهًا.

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)قرأ همزة { أن } بالكسر الجمهور وأبو جعفر ، وقرأها بالفتح ابن عامر وحفص وحمزة وَالكسائي وخلف .فعلى قراءة كسر ( إِن ) هو من المحكي بالقول ، ومعناه الاعتذار عما اقتضاه قولهم : { فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً } [ الجن : 2 ] من كونهم كانوا مشركين لجهلهم وأخذهم قول سفهائهم يحسبونهم لا يكذبون على الله .والتأكيد ب { إِن } لقصد تحقيق عذرهم فيما سلف من الإِشراك ، وتأكيد المظنون ب { لن } المفيدة لتأييد النفي يفيد أنهم كانوا متوغلين في حسن ظنهم بمن ضللوهم ويدل على أن الظن هنا بمعنى اليقين وهو يقين مخطىء .وعلى قراءة الفتح هو عطف على المجرور بالباء في قوله : { فآمنا به } [ الجن : 2 ] فالمعنى : وآمنا فإنما ظننا ذلك فأخطأنا في ظننا .وفي هذه الآية إشارة إلى خطر التقليد في العقيدة ، وأنها لا يجوز فيها الأخذ بحسن الظن بالمقلّد بفتح اللام بل يتعين النظر واتهام رأي المقلَّد حتى ينهض دليله .وقرأ الجمهور { تَقُول } بضم القاف وسكون الواو . وقرأه يعقوب بفتح القاف والواو مشددة ، من التقوّل وهو نسبة كلام إلى من لم يقله وهو في معنى الكذب وأصله تتقول بتاءين فعلى هذه القراءة يكون { كذباً } مصدراً مؤكداً لفعل { تَقَوَّلَ } لأنه مرادفه .
الآية 5 - سورة الجن: (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا...)