سورة الكوثر: الآية 1 - إنا أعطيناك الكوثر...

تفسير الآية 1, سورة الكوثر

إِنَّآ أَعْطَيْنَٰكَ ٱلْكَوْثَرَ

الترجمة الإنجليزية

Inna aAAtaynaka alkawthara

تفسير الآية 1

إنا أعطيناك -أيها النبي- الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة الذي حافتاه خيام اللؤلؤ المجوَّف، وطينه المسك.

«إنا أعطيناك» يا محمد «الكوثر» هو نهر في الجنة هو حوضه ترد عليه أمته، والكوثر: الخير الكثير من النبوَّة والقرآن والشفاعة ونحوها.

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، من النهر الذي يقال له الكوثر ومن الحوضطوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.

تفسير سورة الكوثر وهي مدنية ، وقيل : مكية .قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك قال : أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة ، فرفع رأسه مبتسما ، إما قال لهم وإما قالوا له : لم ضحكت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه أنزلت علي آنفا سورة " . فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر ) حتى ختمها ، قال : " هل تدرون ما الكوثر ؟ " ، قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب ، يختلج العبد منهم فأقول : يا رب ، إنه من أمتي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " .هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي ، وهذا السياق .وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يشخب فيه ميزابان من السماء عن نهر الكوثر ، وأن عليه آنية عدد نجوم السماء . وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي من طريق محمد بن فضيل وعلي بن مسهر ، كلاهما عن المختار بن فلفل ، عن أنس . ولفظ مسلم قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد ، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما ، قلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : " أنزلت علي آنفا سورة " ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ثم قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم ، فأقول : رب إنه من أمتي . فيقول : إنك لا تدري ما أحدث بعدك " .وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية ، وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة ، وأنها منزلة معها .فأما قوله تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة . وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن أنس فقال : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أخبرنا ثابت عن أنس أنه قرأ هذه الآية ( إنا أعطيناك الكوثر ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري ، ولم يشق شقا ، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ ، فضربت بيدي في تربته ، فإذا مسكه ذفرة ، وإذا حصاه اللؤلؤ "وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت الجنة فإذا أنا بنهر ، حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء ، فإذا مسك أذفر . قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل " .ورواه البخاري في صحيحه ، ومسلم من حديث شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال : " أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر " . وهذا لفظ البخاري رحمه الله .وقال ابن جرير : حدثنا الربيع ، أخبرنا ابن وهب ، عن سليمان بن هلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدثنا قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مضى به جبريل في السماء الدنيا ، فإذا هو بنهر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك . قال : " يا جبريل ، ما هذا النهر ؟ قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك " .وقد تقدم [ في ] حديث الإسراء في سورة " سبحان " ، من طريق شريك ، عن أنس [ عن النبي صلى الله عليه وسلم ] وهو مخرج في الصحيحين .وقال سعيد ، عن قتادة ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر ، حافتاه قباب اللؤلؤ مجوف ، فقال الملك الذي معه : أتدري ما هذا ؟ هذا الكوثر الذي أعطاك الله . وضرب بيده إلى أرضه ، فأخرج من طينه المسك " وكذا رواه سليمان بن طرخان ومعمر وهمام وغيرهم ، عن قتادة به .وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن أبي سريج ، حدثنا أبو أيوب العباسي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، حدثني محمد بن عبد الله ، ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : " هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ترابه مسك ، [ ماؤه ] أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها " .وقال أحمد : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الوهاب ، عن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما الكوثر ؟ قال : " نهر في الجنة أعطانيه ربي ، لهو أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر " . قال عمر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها يا عمر " .رواه ابن جرير ، من حديث الزهري ، عن أخيه عبد الله ، عن أنس : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فذكر مثله سواء .وقال البخاري : حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة ، عن عائشة قال : سألتها عن قوله تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) قالت : نهر [ عظيم ] أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه عليه در مجوف ، آنيته كعدد النجوم .ثم قال البخاري : رواه زكريا وأبو الأحوص ومطرف ، عن أبي إسحاق .ورواه أحمد والنسائي من طريق مطرف به .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة عن عائشة قالت : الكوثر نهر في الجنة ، شاطئاه در مجوف . وقال إسرائيل : نهر في الجنة عليه من الآنية عدد نجوم السماء .وحدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية عن شقيق - أو مسروق - قال : قلت لعائشة : يا أم المؤمنين ، حدثيني عن الكوثر . قالت : نهر في بطنان الجنة . قلت : وما بطنان الجنة ؟ قالت : وسطها ، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ، ترابه المسك ، وحصاؤه اللؤلؤ والياقوت .وحدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن أبي جعفر الرازي ، عن ابن أبي نجيح عن عائشة قالت : من أحب أن يسمع خرير الكوثر ، فليجعل أصبعيه في أذنيه .وهذا منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة وفي بعض الروايات : " عن رجل ، عنها " . ومعنى هذا أنه يسمع نظير ذلك ، لا أنه يسمعه نفسه ، والله أعلم .قال السهيلي : ورواه الدارقطني مرفوعا ، من طريق مالك بن مغول ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .ثم قال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .ورواه أيضا من حديث هشيم ، عن أبي بشر وعطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير .[ وقال الثوري ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير ] .وهذا التفسير يعم النهر وغيره ; لأن الكوثر من الكثرة ، وهو الخير الكثير ، ومن ذلك النهر ، كما قال ابن عباس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومحارب بن دثار ، والحسن بن أبي الحسن البصري . حتى قال مجاهد : هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة .وقال عكرمة : هو النبوة والقرآن ، وثواب الآخرة .وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضا ، فقال ابن جرير :حدثنا أبو كريب ، حدثنا عمر بن عبيد ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل .وروى العوفي ، عن ابن عباس نحو ذلك .وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر أنه قال : الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الدر والياقوت ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل .وكذا رواه الترمذي ، عن ابن حميد ، عن جرير ، عن عطاء بن السائب به مثله موقوفا . وقد روي مرفوعا فقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن حفص ، حدثنا ورقاء قال . . . وقال عطاء [ بن السائب ] ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ، والماء يجري على اللؤلؤ ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " .وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير ، من طريق محمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب به مرفوعا ، وقال الترمذي : حسن صحيح .وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا عطاء بن السائب قال : قال لي محارب بن دثار : ما قال سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن ابن عباس أنه قال : هو الخير الكثير . فقال : صدق والله إنه للخير الكثير . ولكن حدثنا ابن عمر قال : لما نزلت : ( إنا أعطيناك الكوثر ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، يجري على الدر والياقوت " .وقال ابن جرير : حدثني ابن البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، أخبرني حرام بن عثمان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أسامة بن زيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده ، فسأل امرأته عنه - وكانت من بني النجار - فقالت : خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك ، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار ، أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل ، فقدمت إليه حيسا ، فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله ، هنيئا لك ومريئا ، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك ; أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر . فقال : " أجل ، وعرضه - يعني أرضه - ياقوت ومرجان ، وزبرجد ولؤلؤ " .حرام بن عثمان ضعيف . ولكن هذا سياق حسن ، وقد صح أصل هذا ، بل قد تواتر من طريق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ، وكذلك أحاديث الحوض [ ولنذكرها هاهنا ] .وهكذا روي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة . وقال عطاء : هو حوض في الجنة .

تفسير سورة الكوثرمقدمة وتمهيدسورة «الكوثر» وتسمى- أيضا- سورة «النحر» ، تعتبر أقصر سورة في القرآن الكريم، وهي من السور المكية عند الجمهور، وقيل مدنية.قال بعض العلماء: والأظهر أن هذه السورة مدنية، وعلى هذا سنسير في تفسير آياتها، وعلى القول بأنها مكية عددها الخامسة عشرة، في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة «العاديات» ، وقيل سورة «التكاثر» ، وعلى القول بأنها مدنية، فقد قيل إنها نزلت في الحديبية. وعدد آياتها ثلاث آيات بالاتفاق.والسورة الكريمة بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله- تعالى- سيعطيه الخير الجزيل، والذكر الخالد.والكوثر: فوعل من الكثرة، مثل النّوفل من النفل، ومعناه: الشيء البالغ في الكثرة حد الإفراط، والعرب تسمى كل شيء كثر عدده، وعظم شأنه: كوثرا، وقد قيل لأعرابية بعد رجوع ابنها من سفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بكوثر. أى: بشيء كثير.قال الإمام القرطبي ما ملخصه: واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولا: الأول: أنه نهر في الجنة، رواه البخاري عن أنس، ورواه الترمذي- أيضا- عن ابن عمر ... الثاني: أنه حوض للنبي صلى الله عليه وسلم في الموقف ...الثالث: أنه النبوة والكتاب ... الرابع: أنه القرآن ... الخامس: الإسلام.ثم قال- رحمه الله- قلت: أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في الكوثر ... وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه ... » .وافتتح- سبحانه- الكلام بحرف التأكيد، للاهتمام بالخبر، وللإشعار بأن المعطى شيء عظيم ... أى: إنا أعطيناك بفضلنا وإحساننا- أيها الرسول الكريم- الكوثر، أى: الخير الكثير الذي من جملته هذا النهر العظيم، والحوض المطهر ... فأبشر بذلك أنت وأمتك، ولا تلتفت إلى ما يقوله أعداؤك في شأنك.

مكية( إنا أعطيناك الكوثر ) أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر عن المختار - يعني ابن فلفل - عن أنس قال : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " ، ثم قال : " أتدرون ما الكوثر " ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول : رب إنه مني ، فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمرو بن محمد ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر وعطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " الكوثر " : الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير : إن أناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .قال الحسن : هو القرآن العظيم .قال عكرمة : النبوة والكتاب .وقال أهل اللغة : الكوثر : فوعل [ من الكثرة ، كنوفل : فوعل ] من النفل والعرب تسمي كل شيء [ كثير في العدد أو ] كثير في القدر والخطر : كوثرا . والمعروف : أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث :أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن [ علي ] الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا حميد عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري بياضه [ بياض ] اللبن وأحلى من العسل وحافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي فإذا الثرى مسك أذفر فقلت لجبريل : ما هذا ؟ قال الكوثر الذي أعطاكه الله - عز وجل - : .أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج " . .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا نافع [ بن عمر ، عن ] ابن أبي مليكة قال : قال عبد الله بن عمرو : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء ، من يشرب منها لم يظمأ أبدا " .أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " [ أنا عند عقر حوضي ] أذود الناس عنه لأهل اليمن " إني لأضربهم بعصاي حتى يرفضوا عنه " وإنه [ ليغت ] فيه ميزابان من الجنة ، أحدهما من ورق والآخر من ذهب طوله ما بين بصرى وصنعاء ، أو ما بين أيلة ومكة أو من مقامي هذا إلى عمان " .

تفسير سورة الكوثروهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتلوهي ثلاث آياتبسم الله الرحمن الرحيمإنا أعطيناك الكوثرفيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر قراءة العامة . إنا أعطيناك بالعين . وقرأ الحسن وطلحة بن مصرف : ( أنطيناك ) بالنون ; وروته أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وهي لغة في العطاء ; أنطيته : أعطيته . والكوثر : فوعل من الكثرة ; مثل النوفل من النفل ، والجوهر من الجهر . والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر والخطر كوثرا . قال سفيان : قيل لعجوز رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت بكوثر ; أي بمال كثير . والكوثر من الرجال : السيد الكثير الخير . قال الكميت :وأنت كثير يا بن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثراوالكوثر : العدد الكثير من الأصحاب والأشياع . والكوثر من الغبار : الكثير . وقد تكوثر إذا كثر ; قال الشاعر :وقد ثار نقع الموت حتى تكوثراالثانية : واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ستة عشر قولا :الأول : أنه نهر في الجنة ; رواه البخاري عن أنس والترمذي أيضا وقد ذكرناه في كتاب التذكرة . وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج . هذا حديث حسن صحيح .الثاني : أنه حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموقف ; قاله عطاء . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي آنفا سورة - فقرأ - بسم الله الرحمن الرحيم : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر - ثم قال - أتدرون ما الكوثر ؟ . قلنا الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - ، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم فأقول إنه من أمتي ، فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك .والأخبار في حوضه في الموقف كثيرة ، ذكرناها في كتاب ( التذكرة ) . وأن على أركانه الأربعة خلفاءه الأربعة ; - رضوان الله عليهم - . وأن من أبغض واحدا منهم لم يسقه الآخر ، وذكرنا هناك من يطرد عنه . فمن أراد الوقوف على ذلك تأمله هناك . ثم يجوز أن يسمى ذلك النهر أو الحوض كوثرا ، لكثرة الواردة والشاربة من أمة محمد - عليه السلام - هناك . ويسمى به لما فيه من الخير الكثير والماء الكثير .الثالث : أن الكوثر النبوة والكتاب ; قاله عكرمة .الرابع : القرآن ; قاله الحسن .الخامس : الإسلام ; حكاه المغيرة .السادس : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع ; قاله الحسين بن الفضل .السابع : هو كثرة الأصحاب والأمة والأشياع ; قاله أبو بكر بن عياش ويمان بن رئاب .الثامن : أنه الإيثار ; قاله ابن كيسان .التاسع : أنه رفعة الذكر . حكاه الماوردي .العاشر : أنه نور في قلبك دلك علي ، وقطعك عما سواي .وعنه : هو الشفاعة ; وهو الحادي عشر .وقيل : معجزات الرب هدي بها أهل الإجابة لدعوتك ; حكاه الثعلبي ، وهو الثاني عشر .الثالث عشر : قال هلال بن يساف : هو لا إله إلا الله محمد رسول الله .وقيل : الفقه في الدين . وقيل : الصلوات الخمس ; وهما الرابع عشر والخامس عشر . وقال ابن إسحاق : هو العظيم من الأمر ; وذكر بيت لبيد :وصاحب ملحوب فجعنا بفقده وعند الرداع بيت آخر كوثرأي عظيم .قلت : أصح هذه الأقوال الأول والثاني ; لأنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في الكوثر . وسمع أنس قوما يتذاكرون الحوض فقال : ما كنت أرى أن أعيش حتى أرى أمثالكم يتمارون في الحوض ، لقد تركت عجائز خلفي ، ما تصلي امرأة منهن إلا سألت الله أن يسقيها من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي حوضه يقول الشاعر :يا صاحب الحوض من يدانيكا وأنت حقا حبيب باريكاوجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيادة على حوضه ، - صلى الله عليه وسلم - تسليما كثيرا .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)يقول تعالى ذكره: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ ) يا محمد ( الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر, فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر: أنه قال: " الكوثر: نهر في الجنة, حافتاه من ذهب وفضة, يجري على الدرّ والياقوت, ماؤه أشدّ بياضا من اللبن, وأحلى من العسل ".حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء, عن محارب بن دثار الباهلي, عن ابن عمر, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: " نهر في الجنة حافتاه الذهب, ومجراه على الدرّ والياقوت, وماؤه اشدّ بياضا من الثلج, وأشدّ حلاوة من العسل, وتربته أطيب من ريح المسك ".حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عمر بن عبيد, عن عطاء, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: " الكوثر: نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدرّ, ماؤه أبيض من الثلج, وأحلى من العسل ".حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, عن شقيق أو مسروق, قال: قلت لعائشة: يا أمّ المؤمنين, وما بُطْنان الجنة؟ قالت: " وسط الجنة: حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت, ترابه المسك, وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت ".حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو النضر وشبابة, قالا ثنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن رجل, عن عائشة قالت: الكوثر: نهر في الجنة ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبي جعفر; وحدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: أخبرنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن أنس, قال: الكوثر: نهر في الجنة.قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: الكوثر نهر في الجنة, درّ مجوّف.حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة: " الكوثر: نهر في الجنة, عليه من الآنية عدد نجوم السماء ".قال ثنا وكيع, عن أبي جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن عائشة قالت: من أحبّ أن يسمع خرير الكوثر, فليجعل أصبعيه في أُذنيه.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة, قالت: نهر في الجنة, شاطئاه الدرّ المجوّف.قال: ثنا مهران, عن أبي معاذ عيسى بن يزيد, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: " الكوثر: نهر في بطنان الجنة وسط الجنة, فيه نهر شاطئاه در مجوف, فيه من الآنية لأهل الجنة, مثل عدد نجوم السماء ".حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر أعطاه الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الجنة.حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا مسعدة, عن عبد الوهاب, عن مجاهد, قال: " الكَوْثر: نهر في الجنة, ترابه مسك أذفر, وماؤه الخمر ".حدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا عبيد الله, قال: أخبرنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر في الجنة.حدثنا الربيع, قال: أخبرنا ابن وهب, عن سليمان بن بلال, عن شريك بن أبي نمر, قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا, قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم, مضى به جبريل في السماء الدنيا, فإذا هو بنهر, عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد, فذهب يَشَمّ ترابه, فإذا هو مسك, فقال: " يا جبريل ما هذا النهر؟" قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربُّك .وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب, قال: ثني هشيم, قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة, قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم, عن عطاء بن السائب, قال: قال محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال: قال ابن عباس: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, قال: سألت سعيد بن جبير, عن الكوثر, فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله, فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة, فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا ابن المثنى, قال: ثني عبد الصمد, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد, قال: ثنا شعبة, عن عمارة بن أبى حفصة, عن عكرمة, قال: هو النبوّة, والخير الذي أعطاه الله إياه.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا حرمي بن عمارة, قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عمارة, عن عكرمة في قول الله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير, والقرآن والحكمة.حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا عمارة بن أبي حفصة, عن عكرمة أنه قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن هلال, قال: سألت سعيد بن جُبير ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: أكثر الله له من الخير, قلت: نهر في الجنة؟ قال: نهر وغيره.حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا أبو عاصم, عن عيسى بن ميمون, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن مجاهد: الكوثر: قال: الخير كله.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: خير الدنيا والآخرة.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة في الكوثر, قال: هو الخير الكثير.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, قال: الكوثر: الخير الكثير.قال: ثنا وكيع, عن بدر بن عثمان, سمع عكرمة يقول في الكوثر: قال: ما أُعطي النبّي من الخير والنبوّة والقرآن.حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو داود, عن بدر, عن عكرمة, قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الذي أعطاه الله النبوّة والإسلام.وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مطر, عن عطاء ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض في الجنة أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: ثنا مطر, قال: سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي, قول من قال: هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, وصفه الله بالكثرة, لعِظَم قدره.وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك, لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك.* ذكر الأخبار الواردة بذلك:حدثنا أحمد بن المقدام العجلي, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة, عن أنس قال: لما عُرج بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, أو كما قال, عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف, أو قال: المجوب, فضرب الملك الذي معه بيده فيه, فاستخرج مسكا, فقال محمد للملك الذي معه: " ما هَذَا؟" قال: " هذا الكوثر الذي أعطاك الله; قال: ورفعت له سدرة المنتهى, فأبصر عندها أثرا عظيما " أو كما قال.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: " بَيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ, إذْ عَرَض ليَ نَهْرٌ, حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ, فقالَ المَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أتَدْرِي ما هَذَا؟ هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَ اللهُ إيَّاهُ, وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلى أرْضِه, فأخْرَجَ مِنْ طِينِه المِسْكَ" .حدثني ابن عوف, قال: ثنا آدم, قال: ثنا شيبان, عن قتادة, عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمَّا عُرِجَ بِي إلى السَّماء, أَتَيْتُ على نَهْرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّف, قُلتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَ رَبُّكَ, فأهْوَى المَلكُ بِيَدِهِ, فاسْتَخْرَجَ طِينَه مِسْكًا أذفَرَ" .حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن حميد, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّة, فإذَا أنا بِنَهْرٍ حافَتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ, فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ, فإذَا مِسْكٌ أذْفَرُ; قال: قُلْتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللهُ" .حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الصمد, قال: ثنا همام, قال: ثنا قتادة, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحو حديث يزيد, عن سعيد.حدثنا بشر, قال: ثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو أيوب العباس, قال: ثنا إبراهيم بن مسعدة, قال: ثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب, عن أبيه, عن أنس, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر, فقال: " هُوَ نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ في الجَنَّةِ, تُرَابُهُ مِسْكٌ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, تَرِدُهُ طَيْرٌ أعنَاقُهَا مِثْلُ أعناقِ الجُزُرِ", قال أبو بكر: يا رسول الله, إنها لناعمة؟ قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .حدثنا خلاد بن أسلم, قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي وقاص الليثي, عن كثير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِيَ, فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ, فإذَا هُوَ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, عُضَادَتاهُ بُيُوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ" .حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث, عن الليث, عن يزيد بن الهاد, عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس: أن رجلا جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, ما الكوثر؟ قال: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, لَهُوَ أشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ". قال عمر: يا رسول الله إنها لناعمة, قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .حدثنا يونس, قال: ثنا يحيى بن عبد الله, قال: ثني الليث, عن ابن الهاد, عن عبد الوهاب عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس, أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فذكر مثله.حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري، أن أخاه عبد الله, أخبره أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: ما الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, مَاؤهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ", فقال عمر: إنها لناعمة يا رسول الله, فقال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْهَا " .فقال: عمر بن عثمان: قال ابن أبي أُوَيس; وحدثني أبي, عن ابن أخي الزهريّ, عن أبيه, عن أنس, عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكوثر, مثله.حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن فضيل, قال: ثنا عطاء, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حَافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, وَمجْرَاهُ عَلى الْياقُوتِ والدُّرِّ, تُرْبَتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ, ماؤُهُ أحْلَى مِنَ العَسَلِ, وأشَدُّ بَياضًا مِنَ الثَّلْجِ" .حدثنا يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس, أنه قال: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله, إنه للخير الكثير, ولكن حدثنا ابن عمر, قال: لما نزلت: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, يَجْرِي على الدُّرِّ واليَاقُوتِ" .حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس بن مالك, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ", قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْتُ نَهَرًا حَافَتاهُ اللُّؤْلُؤ, فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذَا؟ قالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَهُ اللهُ" .حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير, قال: أخبرنا حزام بن عثمان, عن عبد الرحمن الأعرج, عن أُسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما, فلم يجده, فسأل امرأته عنه, وكانت من بني النجار, فقالت: خرج, بأبي أنت آنفا عامدا نحوك, فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار, أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل, فقدمت إليه حيسا, فأكل منه, فقالت: يا رسول الله, هنيئا لك ومريئا, لقد جئت وإني لأريد أن آتيك فأهنيك وأمريك (6) أخبرني أبو عمارة أنك أُعطيت نهرا في الجنة يُدعى الكوثر, فقال: " أَجَلْ, وَعَرْضُهُ - يعني أرضه - يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ" .------------------------الهوامش:(6) تريد : أقول لك : هنأك الله وأمرأك ، بما أعطاك من الكوثر .

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) افتتاح الكلام بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر . والإِشعار بأنه شيء عظيم يستتبع الإِشعار بتنويه شأن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في { إنا أنزلناه في ليلة القدر } [ القدر : 1 ] . والكلام مسوق مساق البشارة وإنشاء العطاء لا مساق الإخبار بعطاء سابق .وضمير العظمة مشعر بالامتنان بعطاء عظيم .و { الكوثر } : اسم في اللغة للخير الكثير صيغ على زِنة فوْعل ، وهي من صيغ الأسماء الجامدة غالباً نحو الكوكب ، والجورب ، والحوشب والدوسر ، ولا تدل في الجوامد على غير مسماها ، ولما وقع هنا فيها مادة الكَثْر كانت صيغته مفيدة شدة ما اشتقت منه بناء على أن زيادة المبنى تؤذن بزيادة المعنى ، ولذلك فسره الزمخشري بالمفرط في الكثرة ، وهو أحسن ما فُسر به وأضبطُه ، ونظيره : جَوْهر ، بمعنى الشجاع كأنه يجاهر عدوّه ، والصومعة لاشتقاقها من وصف أصمع وهو دقيق الأعضاء لأن الصومعة دقيقة لأن طولها أفرط من غلظها .ويوصفُ الرجل صاحب الخير الكثير بكَوثر من باب الوصف بالمصدر كما في قول لبيد في رثاء عوف بن الأحوص الأسدي: ... وصاحب ملحوب فُجعنا بفقدهوعند الرّداع بيتُ آخر كوثر ... ( ملحوب والرداع ) كلاهما ماء لبني أسد بن خزيمة ، فوصف البيت بكوثر ولاحظ الكميت هذا في قوله في مدح عبد الملك بن مروان: ... وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مروان طيبٌوكان أبوك ابنُ العقايل كَوْثرا ... وسمي نهر الجنة كوثراً كما في حديث مسلم عن أنس بن مالك المتقدم آنفاً .وقد فسر السلف الكوثر في هذه الآية بتفاسير أعمها أنه الخير الكثير ، وروي عن ابن عباس ، قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس : إن ناساً يقولون هو نهر في الجنة ، فقال : هو من الخير الكثير . وعن عكرمة : الكوثر هنا : النبوءة والكتاب ، وعن الحسن : هو القرآن ، وعن المغيرة : أنه الإِسلام ، وعن أبي بكر بن عَيَّاش : هو كثرة الأمة ، وحكى الماوردي : أنه رفعة الذكر ، وأنه نور القلب ، وأنه الشفاعة ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم المروي في حديث أنس لا يقتضي حصر معاني اللفظ فيما ذكره .وأريد من هذا الخبر بشارة النبي صلى الله عليه وسلم وإزالةُ ما عسى أن يكون في خاطره من قول من قال فيه : هو أبتر ، فقوبل معنى الأبتر بمعنى الكوثر ، إبطالاً لقولهم .
الآية 1 - سورة الكوثر: (إنا أعطيناك الكوثر...)