سورة الليل: الآية 4 - إن سعيكم لشتى...

تفسير الآية 4, سورة الليل

إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ

الترجمة الإنجليزية

Inna saAAyakum lashatta

تفسير الآية 4

أقسم الله سبحانه بالليل عندما يغطي بظلامه الأرض وما عليها، وبالنهار إذا انكشف عن ظلام الليل بضيائه، وبخلق الزوجين: الذكر والأنثى. إن عملكم لمختلف بين عامل للدنيا وعامل للآخرة.

«إن سعيكم» عملكم «لشتى» مختلف فعامل للجنة بالطاعة وعامل للنار بالمعصية.

إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى هذا [هو] المقسم عليه أي: إن سعيكم أيها المكلفون لمتفاوت تفاوتا كثيًرا، وذلك بحسب تفاوت نفس الأعمال ومقدارها والنشاط فيها، وبحسب الغاية المقصودة بتلك الأعمال، هل هو وجه الله الأعلى الباقي؟ فيبقى السعي له ببقائه، وينتفع به صاحبه، أم هي غاية مضمحلة فانية، فيبطل السعي ببطلانها، ويضمحل باضمحلالها؟

( إن سعيكم لشتى ) أي : أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضا ومتخالفة ، فمن فاعل خيرا ومن فاعل شرا .

وقوله- تعالى-: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى هو جواب القسم. وشتى جمع شتيت. مثل:جريح وجرحى، ومريض ومرضى. والشيء الشتيت: هو المتفرق المتناثر بعضه عن بعض، من الشتات بمعنى الابتعاد والافتراق.والمعنى: وحق الليل إذا يغشى النهار فيستر ضياءه، وحق النهار إذا تجلى وأسفر وأزال الليل وظلامه، وحق الخالق العظيم القادر الذي أوجد الذكور والإناث.وحق كل ذلك، إن أعمالكم ومساعيكم- أيها الناس- في هذه الحياة، لهى ألوان شتى، وأنواع متفرقة، منها الهدى ومنها الضلال، ومنها الخير، ومنها الشر، ومنها الطاعة، ومنها المعصية.. وسيجازى- سبحانه- كل إنسان على حسب عمله.وحذف مفعول «يغشى» للتعميم، أى يغشى كل شيء ويواريه بظلامه.وأسند- سبحانه- التجلي إلى النهار، على سبيل المدح له بالاستنارة والإسفار.والمراد بالسعي: العمل. وقوله «سعيكم» مصدر مضاف فيفيد العموم فهو في معنى الجمع أى: إن مساعيكم لمتفرقة.قال القرطبي: السعى: العمل، فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها»

جواب القسم قوله : ( إن سعيكم لشتى ) إن أعمالكم لمختلفة ، فساع في فكاك نفسه ، وساع في عطبها .روى أبو مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل ، الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " .

إن سعيكم لشتى هذا جواب القسم . والمعنى : إن عملكم لمختلف . وقال عكرمة وسائر المفسرين : السعي : العمل فساع في فكاك نفسه ، وساع في عطبها يدل عليه قوله - عليه السلام - : الناس غاديان : فمبتاع نفسه فمعتقها ، وبائع نفسه فموبقها . وشتى واحده شتيت مثل مريض ومرضى . وإنما قيل للمختلف شتى لتباعد ما بين بعضه وبعضه . أي إن عملكم لمتباعد بعضه من بعض ; لأن بعضه ضلالة وبعضه هدى . أي فمنكم مؤمن وبر ، وكافر وفاجر ، ومطيع وعاص . وقيل : لشتى أي لمختلف الجزاء فمنكم مثاب بالجنة ، ومعاقب بالنار . وقيل : أي لمختلف الأخلاق فمنكم راحم وقاس ، وحليم وطائش ، وجواد وبخيل وشبه ذلك .

وقوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) يقول: إن عَمَلَكُمْ لمختلف أيها الناس، لأن منكم الكافر بربه، والعاصي له في أمره ونهيه، والمؤمن به، والمطيع له في أمره ونهيه.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) يقول: لمختلف.وقوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) جواب القسم، والكلام: والليل إذا يغشى إن سعيكم لشتى، وكذا قال أهل العلم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: وقع القسم ها هنا( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) .

إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)والخطاب في قوله : { إن سعيكم } لجميع الناس من مؤمن وكافر .واعلم أنه قد روي في «الصحيحين» عن علقمة قال : «دخلت في نفر من أصحاب عبد الله ( يعني ابنَ مسعود ) الشام فسمع بِنا أبو الدرداء فأتانا فقال : أيكم يقرأ على قراءة عبد الله؟ فقلت : أنا . قال : كيف سمعتَه يقرأ؟ { والليل إذا يغشى } قال سمعته يقرأ : «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى» قال : أشهد أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا» . وسماها في «الكشاف» : قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أي ثَبت أنه قرأ بها ، وتأويل ذلك : أنه أقرأها أبا الدرداء أيام كان القرآن مرخَّصاً فيه أن يُقرأ على بعض اختلاف ، ثم نُسخ ذلك الترخيص بما قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو الذي اتفق عليه قراء القرآن . وكتب في المصحف في زمن أبي بكر رضي الله عنه ، وقد بينت في المقدمة السادسة من مقدمات هذا التفسير معنى قولهم : قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
الآية 4 - سورة الليل: (إن سعيكم لشتى...)