سورة المعارج: الآية 5 - فاصبر صبرا جميلا...

تفسير الآية 5, سورة المعارج

فَٱصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا

الترجمة الإنجليزية

Faisbir sabran jameelan

تفسير الآية 5

فاصبر -أيها الرسول- على استهزائهم واستعجالهم العذاب، صبرًا لا جزع فيه، ولا شكوى منه لغير الله.

«فاصبر» وهذا قبل أن يؤمر بالقتال «صبرا جميلا» أي لا جزع فيه.

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا أي: اصبر على دعوتك لقومك صبرا جميلا، لا تضجر فيه ولا ملل، بل استمر على أمر الله، وادع عباده إلى توحيده، ولا يمنعك عنهم ما ترى من عدم انقيادهم، وعدم رغبتهم، فإن في الصبر على ذلك خيرا كثيرا.

وقوله : ( فاصبر صبرا جميلا ) أي : اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك ، واستعجالهم العذاب استبعادا لوقوعه ، كقوله : ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ) [ الشورى : 18 ]

أى: أن يوم القيامة يتفاوت طوله بحسب اختلاف الشدة، فهو يعادل في حالة ألف سنة من سنى الدنيا، ويعادل في حالة أخرى خمسين ألف سنة.وقوله- تعالى-: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا. إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً.. متفرع على قوله- سبحانه- سَأَلَ سائِلٌ لأن السؤال كان سؤال استهزاء، يضيق به الصدر، وتغتم له النفس.والصبر الجميل: هو الصبر الذي لا شكوى معه لغير الله- عز وجل- ولا يخالطه شيء من الجزع، أو التبرم بقضاء الله وقدره.أى: لقد سألوك- أيها الرسول الكريم- عن يوم القيامة، وعن العذاب الذي تهددهم به ... سؤال تهكم واستعجال.. فاصبر صبرا جميلا على غرورهم وجحودهم وجهالاتهم.إنهم يرون هذا اليوم وما يصحبه من عذاب.. يرونه «بعيدا» من الإمكان أو من الوقوع، ولذلك كذبوا بما جئتهم به من عندنا، واستهزؤا بك.. ونحن نراه قريبا من الإمكان، بل هو كائن لا محالة في الوقت الذي تقتضيه حكمتنا ومشيئتنا.

"فاصبر صبراً جميلاً"، يا محمد على تكذيبهم وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.

قوله تعالى : فاصبر صبرا جميلا أي على أذى قومك . والصبر الجميل : هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله . وقيل : هو أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يدرى من هو . والمعنى متقارب . وقال ابن زيد : هي منسوخة بآية السيف .

وقوله: ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا )يقول تعالى ذكره: ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا )يعني: صبرا لا جزع فيه. يقول له: اصبر على أذى هؤلاء المشركين لك، ولا يثنيك ما تلقى منهم من المكروه عن تبليغ ما أمرك ربك أن تبلغهم من الرسالة.وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا ) قال: هذا حين كان يأمره بالعفو عنهم لا يكافئهم، فلما أمر بالجهاد والغلظة عليهم أمر بالشدّة والقتل حتى يتركوا، ونسخ هذا، وهذا الذي قاله ابن زيد أنه كان أمر بالعفو بهذه الآية، ثم نسخ ذلك قول لا وجه له، لأنه لا دلالة على صحة ما قال من بعض الأوجه التي تصحّ منها الدعاوى، وليس في أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الصبر الجميل على أذى المشركين ما يوجب أن يكون ذلك أمرا منه له به في بعض الأحوال؛ بل كان ذلك أمرا من الله له به في كل الأحوال، لأنه لم يزل صلى الله عليه وسلم من لدن بعثه الله إلى أن اخترمه في أذى منهم، وهو في كل ذلك صابر على ما يلقى منهم من أذى قبل أن يأذن الله له بحربهم، وبعد إذنه له بذلك.

فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)اعتراض مفرع : إِما على ما يومىء إليه { سأَل سائل } [ المعارج : 1 ] من أنه سؤال استهزاء ، فهذا تثبيت للنبيء صلى الله عليه وسلم وإما على { سأل سائل } بمعنى : دعا داع .فالفاء لتفريع الأمر بالصبر على جملة { سال سائل إذا كان ذلك السؤال بمعنييه استهزاء وتعريضاً بالتكذيب فشأنه أن لا تصبر عليه النفوس في العرف .والصبر الجميل : الصبر الحسن في نوعه وهو الذي لا يخالطه شيء مما ينافي حقيقة الصبر ، أي اصبر صبراً محضاً ، فإن جمال الحقائق الكاملة بخلوصها عما يعَكر معناها من بقايا أضدادها ، وقد مضى قوله تعالى عن يعقوب فصبْرٌ جميل في سورة يوسف ( 18 ) وسيجيء قوله تعالى : { واهجرهم هجراً جميلاً } في المزمل ( 10 ) .
الآية 5 - سورة المعارج: (فاصبر صبرا جميلا...)