سورة الماعون: الآية 2 - فذلك الذي يدع اليتيم...

تفسير الآية 2, سورة الماعون

فَذَٰلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ

الترجمة الإنجليزية

Fathalika allathee yaduAAAAu alyateema

تفسير الآية 2

فذلك الذي يدفع اليتيم بعنف وشدة عن حقه؛ لقساوة قلبه.

«فذلك» بتقدير هو بعد الفاء «الذي يَدُعُّ اليتيم» أي يدفعه بعنف عن حقه.

فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ أي: يدفعه بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه، ولأنه لا يرجو ثوابًا، ولا يخشى عقابًا.

أي هو الذي يقهر اليتيم ويظلمه حقه ولا يطعمه ولا يحسن إليه.

فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ أى: فذلك الذي يكذب بالبعث والحساب والجزاء، من أبرز صفاته القبيحة. أنه «يدع اليتيم» أى: يقسو عليه، ويزجره زجرا عنيفا، ويسد كل باب خير في وجهه، ويمنع كل حق له ...فقوله: يَدُعُّ من الدع وهو الدفع الشديد، والتعنيف الشنيع للغير ...

"فذلك الذي يدع اليتيم"، يقهره ويدفعه عن حقه، والدع: الدفع بالعنف والجفوة.

يدع أي يدفع ، كما قال : يدعون إلى نار جهنم دعا وقد تقدم . وقال الضحاك عن ابن عباس : فذلك الذي يدع اليتيم أي يدفعه عن حقه . قتادة : يقهره ويظلمه . والمعنى متقارب . وقد تقدم في سورة ( النساء ) أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار ، ويقولون : إنما يحوز المال من يطعن بالسنان ، ويضرب بالحسام . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من ضم يتيما من المسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة . وقد مضى هذا المعنى في غير موضع .

وقوله: ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) يقول: فهذا الذي يكذِّب بالدين, هو الذي يدفع اليتيم عن حقه, ويظلمه. يقال منه: دععت فلانًا عن حقه, فأنا أدعه دعًا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس,( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفع حقّ اليتيم.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفع اليتيم فلا يُطعمه.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) : أي يقهره ويظلمه.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يقهره ويظلمه.حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يقهره.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان في قوله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفعه.

فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) فمعنى الآية عطفُ صفتي : دَع اليتيم ، وعدم إطعام المسكين على جزم التكذيب بالدين .وهذا يفيد تشويه إنكار البعث بما ينشأ عن إنكاره من المذام ومن مخالفة للحق ومنَافياً لما تقتضيه الحكمة من التكليف ، وفي ذلك كناية عن تحذير المسلمين من الاقتراب من إحدى هاتين الصفتين بأنهما من صفات الذين لا يؤمنون بالجزاء .وجيء في { يكذب } ، و { يدُعّ } ، و { يَحُضّ } بصيغة المضارع لإفادة تكرر ذلك منه ودوامه .وهذا إيذان بأن الإِيمان بالبعث والجزاء هو الوازع الحق الذي يغرس في النفس جذور الإقبال على الأعمال الصالحة حتى يصير ذلك لها خلقاً إذا شبت عليه ، فزكت وانساقت إلى الخير بدون كلفة ولا احتياج إلى آمر ولا إلى مخافة ممن يقيم عليه العقوبات حتى إذا اختلى بنفسه وآمن الرقباء جاء بالفحشاء والأعمال النَّكراء .والرؤية بصرية يتعدى فعلها إلى مفعول واحد ، فإن المكذبين بالدين معروفون وأعمالهم مشهورة ، فنزّلت شهرتهم بذلك منزلة الأمر المبصَر المشاهد .وقرأ نافع بتسهيل الهمزة التي بعد الراء من { أرأيت } ألفاً . وروى المصريون عن ورش عن نافع إبدالها ألفاً وهو الذي قرأنا به في تونس ، وهكذا في فعل ( رأى ) كلما وقع بعد همزة استفهام ، وذلك فرار من تحقيق الهمزتين ، وقرأه الجمهور بتحقيقهما .وقرأه الكسائي بإسقاط الهمزة التي بعد الراء في كل فعل من هذا القبيل . واسم الموصول وصلتُه مراد بهما جنس من اتصف بذلك . وأكثر المفسرين درجوا على ذلك .وقيل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وقيل : في الوليد بن المغيرة المخزومي ، وقيل : في عمرو بن عائذ المخزومي ، وقيل : في أبي سفيان بن حرب قبل إسلامه بسبب أنه كان يَنحر كل أسبوع جَزوراً فجاءه مرة يتيم فسأله من لحمها فقرعه بعصا .وقيل : في أبي جهل : كان وصياً على يتيم فأتاه عرياناً يسأله من مال نفسه فدفعه دفعاً شنيعاً .والذين جعلوا السورة مدنية قالوا : نزلت في منافق لم يسموه ، وهذه أقوال معزو بعضها إلى بعض التابعين ولو تعينت لشخص معين لم يكن سبب نزولها مخصِّصاً حكمَها بمن نزلتْ بسببه .ومعنى { يدع } يدفع بعنف وقهر ، قال تعالى : { يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً } [ الطور : 13 ] .
الآية 2 - سورة الماعون: (فذلك الذي يدع اليتيم...)