سورة المسد: الآية 5 - في جيدها حبل من مسد...

تفسير الآية 5, سورة المسد

فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍۭ

الترجمة الإنجليزية

Fee jeediha hablun min masadin

تفسير الآية 5

في عنقها حبل محكم الفَتْلِ مِن ليف شديد خشن، تُرْفَع به في نار جهنم، ثم تُرْمى إلى أسفلها.

«في جيدها» عنقها «حبل من مسد» أي ليف وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر مبتدأ مقدر.

وتجمع على ظهرها من الأوزار بمنزلة من يجمع حطبًا، قد أعد له في عنقه حبلًا مِنْ مَسَدٍ أي: من ليف.أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلًا من مسد، وعلى كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيعذبان في النار ولا بد، ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة.

في جيدها حبل من مسد ) يعني : تحمل الحطب فتلقي على زوجها ، ليزداد على ما هو فيه ، وهي مهيأة لذلك مستعدة له .( في جيدها حبل من مسد ) قال مجاهد وعروة : من مسد النار .وعن مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والثوري ، والسدي : ( حمالة الحطب ) كانت تمشي بالنميمة ، [ واختاره ابن جرير ] .وقال العوفي ، عن ابن عباس ، وعطية الجدلي ، والضحاك ، وابن زيد : كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واختاره ابن جرير .قال ابن جرير : وقيل : كانت تعير النبي صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحتطب ، فعيرت بذلك .كذا حكاه ، ولم يعزه إلى أحد . والصحيح الأول ، والله أعلم .قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنها في عداوة محمد يعني : فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار .وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سليم مولى الشعبي ، عن الشعبي قال : المسد : الليف .وقال عروة بن الزبير : المسد : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .وعن الثوري : هو قلادة من نار ، طولها سبعون ذراعا .وقال الجوهري : المسد : الليف . والمسد أيضا : حبل من ليف أو خوص ، وقد يكون من جلود الإبل أو أوبارها ، ومسدت الحبل أمسده مسدا : إذا أجدت فتله .وقال مجاهد : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : طوق من حديد ، ألا ترى أن العرب يسمون البكرة مسدا ؟وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي وأبو زرعة ، قالا : حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الوليد بن كثير ، عن ابن تدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر ، وهي تقول :مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصيناورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها لن تراني " . وقرأ قرآنا اعتصم به ، كما قال تعالى : ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) [ الإسراء : 45 ] . فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر ، إني أخبرت أن صاحبك هجاني ؟ قال : لا ورب هذا البيت ما هجاك . فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها . قال : وقال الوليد في حديثه أو غيره : فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوف بالبيت ، فقالت : تعس مذمم . فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب : إني لحصان فما أكلم ، وثقاف فما أعلم ، وكلنا من بني العم ، وقريش بعد أعلم .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق ، قالا : حدثنا أبو أحمد ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ومعه أبو بكر . فقال له أبو بكر : لو تنحيت لا تؤذيك بشيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه سيحال بيني وبينها " . فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك . فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية ما نطق بالشعر ولا يتفوه به . فقالت : إنك لمصدق ، فلما ولت قال أبو بكر ، رضي الله عنه : ما رأتك ؟ قال : " لا ، ما زال ملك يسترني حتى ولت " .ثم قال البزار : لا نعلمه يروى بأحسن من هذا الإسناد ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه .وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : في عنقها حبل في نار [ جهنم ] ترفع به إلى شفيرها ، ثم يرمى بها إلى أسفلها ، ثم كذلك دائما .قال أبو الخطاب بن دحية في كتابه التنوير - وقد روى ذلك - وعبر بالمسد عن حبل الدلو ، كما قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب " النبات " : كل مسد : رشاء ، وأنشد في ذلك :وبكرة ومحورا صرارا ومسدا من أبق مغاراقال : والأبق : القنب .وقال الآخر :يا مسد الخوص تعوذ مني إن تك لدنا لينا فإنيما شئت من أشمط مقسئنقال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة ، فإنه منذ نزل قوله تعالى : ( سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان ، لم يقيض لهما أن يؤمنا ، ولا واحد منهما لا ظاهرا ولا باطنا ، لا مسرا ولا معلنا ، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة على النبوة الظاهرة .[ آخر تفسير " تبت " ولله الحمد والمنة ]

وقوله- سبحانه-: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ زيادة في تبشيع صورتها، وتحقير هيئتها.والجيد: العنق، والمسد: الليف المتين الذي فتل بشدة، يقال: حبل ممسود، أى مفتول فتلا قويا.والمعنى: سيصلى أبو لهب نارا شديدة، وستصلى معه امرأته التي تضع الشوك في طريق النبي صلى الله عليه وسلم هذه النار المشتعلة- أيضا-، وسيزيد الله- تعالى- في إذلالها وتحقيرها، بأن يأمر ملائكته بأن تضع في عنقها حبلا مفتولا فتلا قويا، على سبيل الإذلال والإهانة لها، لأنها كانت في الدنيا تزعم أنها من بنات الأشراف الأكابر.روى عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان لها قلادة ثمينة فقالت: لأبيعنها ولأنفقن ثمنها في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم فأبدلها الله عنها حبلا في جيدها من مسد النار.والذي يتأمل هذه السورة الكريمة، يراها قد اشتملت على أوضح الأدلة وأبلغ المعجزات الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه، فإن الله- تعالى- قد أخبر بشقاء أبى لهب وامرأته. وأنهما سيصليان نارا ذات لهب ... وقد علما بما جاء في هذه السورة من عقاب الله لهما ... ومع ذلك فقد بقيا على كفرهما حتى فارقا الحياة، دون أن ينطقا بكلمة التوحيد، ولو في الظاهر- فثبت أن هذا القرآن من عند الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يبلغه عن ربه- عز وجل-.نسأل الله- تعالى- أن يلحقنا بعباده الصالحين.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

( في جيدها ) في عنقها ، وجمعه أجياد ، ( حبل من مسد ) واختلفوا فيه ، قال ابن عباس ، وعروة بن الزبير : سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا ، تدخل في فيها وتخرج من دبرها ، ويكون سائرها في عنقها ، وأصله من " المسد " وهو الفتل ، و " المسد " ما فتل وأحكم من أي شيء كان ، يعني : السلسلة التي في عنقها ففتلت من الحديد فتلا محكما .وروى الأعمش عن مجاهد : " من مسد " أي من حديد ، والمسد : الحديدة التي تكون في البكرة ، يقال لها المحور .وقال الشعبي ومقاتل : من ليف . قال الضحاك وغيره : في الدنيا من ليف ، وفي الآخرة من نار . وذلك الليف هو الحبل الذي كانت تحتطب به ، فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة فأعيت فقعدت على حجر تستريح فأتاها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها .قال ابن زيد : حبل من شجر ينبت باليمن يقال له مسد .قال قتادة : قلادة من ودع وقال الحسن : كانت خرزات في عنقها [ فاخرة ] وقال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة في عنقها فاخرة ، فقالت : لأنفقنها في عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

قوله تعالى : في جيدها حبل من مسد قوله تعالى : في جيدها أي عنقها . وقال امرؤ القيس :وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطلحبل من مسد أي من ليف ؛ قال النابغة :مقذوفة بدخيس النحض بازلها له صريف صريف القعو بالمسدوقال آخر :يا مسد الخوص تعوذ مني إن كنت لدنا لينا فإنيما شئت من أشمط مقسئنوقد يكون من جلود الإبل ، أو من أوبارها ؛ قال الشاعر :ومسد أمر من أيانق لسن بأنياب ولا حقائقوجمع الجيد أجياد ، والمسد أمساد . أبو عبيدة : هو حبل يكون من صوف . قال الحسن : هي حبال من شجر تنبت باليمن تسمى المسد ، وكانت تفتل . قال الضحاك وغيره : هذا في الدنيا ؛ فكانت تعير النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفقر وهي تحتطب في حبل تجعله في جيدها من ليف ، فخنقها الله جل وعز به فأهلكها ؛ وهو في الآخرة حبل من نار . وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : في جيدها حبل من مسد قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا - وقاله مجاهد وعروة بن الزبير : تدخل من فيها ، وتخرج من أسفلها ، ويلوى سائرها على عنقها . وقال قتادة : حبل من مسد قال : قلادة من ودع . الودع : خرز بيض تخرج من البحر ، تتفاوت في الصغر والكبر . قال الشاعر :والحلم حلم صبي يمرث الودعهوالجمع : ودعات . الحسن : إنما كان خرزا في عنقها . سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة من جوهر ، فقالت : واللات والعزى لأنفقتها في عداوة محمد . ويكون ذلك عذابا في جيدها يوم القيامة . وقيل : إن ذلك إشارة إلى الخذلان ؛ يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء ، كالمربوط في جيده بحبل من مسد . والمسد : الفتل . يقال : مسد حبله يمسده مسدا ؛ أي أجاد فتله . قال :يمسد أعلى لحمه ويأرمهيقول : إن البقل يقوي ظهر هذا الحمار ويشده . ودابة ممسودة الخلق : إذا كانت شديدة الأسر . قال الشاعر :ومسد أمر من أيانق صهب عتاق ذات مخ زاهقلسن بأنياب ولا حقائقويروى :ولا ضعاف مخهن زاهققال الفراء : هو مرفوع والشعر مكفأ . يقول : بل مخهن مكتنز ؛ رفعه على الابتداء . قال : ولا يجوز أن يريد ولا ضعاف زاهق مخهن . كما لا يجوز أن تقول : مررت برجل أبوه قائم ؛ بالخفض . وقال غيره : الزاهق هنا : بمعنى الذاهب كأنه قال : ولا ضعاف مخهن ، ثم رد الزاهق على الضعاف . ورجل ممسود : أي مجدول الخلق . وجارية حسنة المسد والعصب والجدل والأرم ؛ وهي ممسودة ومعصوبة ومجدولة ومأرومة . والمساد ، على فعال : لغة في المساب ، وهي نحي السمن ، وسقاء العسل . قال جميعه الجوهري . وقد اعترض فقيل : إن كان ذلك حبلها الذي تحتطب به ، فكيف يبقى في النار ؟ وأجيب عنه بأن الله - عز وجل - قادر على تجديده كلما احترق . والحكم ببقاء أبي لهب وامرأته في النار مشروط ببقائهما على الكفر إلى الموافاة ؛ فلما ماتا على الكفر صدق الإخبار عنهما . ففيه معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - . فامرأته خنقها الله بحبلها ، وأبو لهب رماه الله بالعدسة بعد وقعة بدر بسبع ليال ، بعد أن شجته أم الفضل . وذلك أنه لما قدم الحيسمان مكة يخبر خبر بدر ؛ قال له أبو لهب : أخبرني خبر الناس . قال : نعم ، والله ما هو إلا أن لقينا القوم ، فمنحناهم أكتافنا ، يضعون السلاح منا حيث شاءوا ، ومع ذلك ما لمست الناس . لقينا رجالا بيضا على خيل بلق ، لا والله ما تبقي منا ؛ يقول : ما تبقي شيئا . قال أبو رافع : وكنت غلاما للعباس أنحت الأقداح في صفة زمزم ، وعندي أم الفضل جالسة ، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر ، فرفعت طنب الحجرة ، فقلت : تلك والله الملائكة . قال : فرفع أبو لهب يده ، فضرب وجهي ضربة منكرة ، وثاورته ، وكنت رجلا ضعيفا ، فاحتملني ، فضرب بي الأرض ، وبرك على صدري يضربني . وتقدمت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة ، فتأخذه وتقول : استضعفته أن غاب عنه سيده ! وتضربه بالعمود على رأسه فتفلقه شجة منكرة . فقام يجر رجليه ذليلا ، ورماه الله بالعدسة ، فمات ، وأقام ثلاثة أيام يدفن حتى أنتن ؛ ثم إن ولده غسلوه بالماء ، قذفا من بعيد ، مخافة عدوى العدسة . وكانت قريش تتقيها كما يتقى الطاعون . ثم احتملوه إلى أعلى مكة ، فأسندوه إلى جدار ، ثم رضموا عليه الحجارة .

وقوله ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ )يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة:فعَيْنَاكِ عَيْناها وَلَوْنُكِ لَوْنُهاوجِيدُكِ إلا أنَّهَا غَيْرُ عَاطِلِ (3)وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ ) قال: في رقبتها.وقوله: ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم: هي حبال تكون بمكة.* ذكر من قال ذلك:حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: حبل من شجر, وهو الحبل الذي كانت تحتطب به.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, &; عن ابن عباس ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: هي حبال تكون بمكة; ويقال: المَسَد: العصا التي تكون في البكرة, ويقال المَسَد: قلادة من وَدَع.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: في قوله: ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد, وكانت تفتل; وقال ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) : حبل من نار في رقبتها.وقال آخرون: المسد: الليف.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن السدي, عن يزيد, عن عروة ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: سلسلة من حديد, ذرعها سبعون ذراعا.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السدي, عن رجل يقال له يزيد, عن عروة بن الزبير ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: سلسلة ذرعها سبعون ذراعا.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن يزيد, عن عروة بن الزبير ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: سلسلة ذرعها سبعون ذراعا.حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبيه, عن الأعمش, عن مجاهد ( مِنْ مَسَدٍ ) قال: من حديد.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا.وقال آخرون: المَسَد: الحديد الذي يكون في البَكرة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: الحديدة تكون في البكرة.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: عود البكرة من حديد.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: الحديدة للبكرة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: ثنا المعمر بن سليمان, قال: قال أبو المعتمر: زعم محمد أن عكرمة قال: ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة.وقال آخرون: هو قلادة من ودع في عنقها.*ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: قلادة من ودع.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) قال: قلادة من ودع.وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب, قول من قال: هو حبل جُمع من أنواع مختلفة, ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا, ومما يدلّ على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز:وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أيانِقِصُهْبٍ عِتاقٍ ذاتِ مُخ زَاهِق (4)فجعل إمراره من شتى, وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب, أمِرَّ من أشياء شتى, من ليف وحديد ولحاء, وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى:تُمْسِي فَيَصْرِفُ بَابَها مِنْ دُونِنَاغَلْقًا صَرِيفَ مَحَالَةَ الأمْسَادِ (5)يعني بالأمساد: جمع مَسَد, وهي الجبال.آخر تفسير سورة تبت--------------------------------------------------------------------------------الهوامش:(1) في خلاصة الخزرجي : سعيد بن مينا ، بكسر الميم ، ومد النون : مولى أبي ذباب ... وثقه ابن معين وأبو حاتم .(2) لعله يقصد بقوله : " وحمالة الحطب نكرة " أنها إضافة لفظية لا معنوية ، فهي في حكم النكرة .(3) البيت لذي الرمة غيلان ( ديوانه 495 ) وقد استشهد به المؤلف على أن العرب تسمي العنق جيدا ، كما في بيت ذي الرمة . والعاطل : التي لا حُلِيَّ عليها .(4) البيتان : لعمارة بن طارق وهما من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( مصورة الجامعة 26390 عن مخطوطة مراد منلا بالآستانة ) قال : حبل من مسد من النار ، والمسد عند العرب : حبال تكون من ضروب . قال : " ومسد أمر ... " البيتين . وفي ( اللسان : مسد ) قال : المسد ، بالتحريك : الليف . وقال ابن سيده : المسد : حبل من ليف ، أو خوص ، أو شعر ، أو وبر ، أو صوف ، أو جلود الإبل ، أو جلود ، أو من شيء كان ، قال : وقد يكون من جلود الإبل ، أو من أوبارها . وأنشد الأصمعي لعمارة بن طارق ، وقال أبو عبيدة : هو لعقبة الهجيمي :فأعْجَلْ بِغَرْبٍ مثْلِ غَرْبِ طارِقِوَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أيانِقِليسَ بأنْيَابٍ وَلا حَقائِقِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .قال : يقول : اعْجَل بدلو مثل دلو طارق ، ومسد فتل من أيانق . وأيانق : جمع أينُق ، وأينُق جمع ناقة .والأنياب : جمع ناب ، وهي الهرمة ، والحقائق : جمع حقة ( بالكسر ) وهي التي دخلت في السنة الرابعة ، وليس جلدها بالقوى . يريد ليس جلدها من الصغير ولا الكبير ، بل هو من جلد ثنية ، أو رباعية ، أو سديس ، أو بازل ؛ وخص به أبو عبيد الحبل من الليف . وقيل : هو الحبل المضفور ، المحكم الفتل ، من جميع ذلك . وقال الزجاج في قوله عز وجل : في جيدها حبل من مسد جاء في التفسير ؛ أنها سلسلة طولها سبعون ذراعا ، يسلك بها في النار . والجمع : أمساد ، ومساد . وانظر ( اللسان : مسد ) ، ففيه أقوال كثيرة أخرى في الآية .(5) البيت من قصيدة لأعشى بني قيس بن ثعلبة في الفخر ( ديوانه 129 ) . وقبله مباشرة :فانْهَيْ خيالَكِ أنْ يَزُورَ فإنَّهُفي كلّ مَنزِلةٍ يَعُودُ وِسادِيقال الدكتور محمد حسين شارح الديوان : المنزل والمنزلة ، مكان الإقامة . والصريف : صوت الباب والأسنان والبكرة حين تدور . المحالة : البكرة . الأمساد : الحبال ، جمع مسد ( بفتحتين . يشبه صوت الباب حين تغلقه من خلفها في المساء بصوت البكرة حين تدور على البئر ) . ا ه .

فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)وجملة : { في جيدها حبل من مسد } صفة ثانية أو حال ثانية وذلك إخبار بما تعامل به في الآخرة ، أي جعل لها حبل في عنقها تحمِل فيه الحطب في جهنم لإِسعار النار على زوجها جزاء مماثلاً لعملها في الدنيا الذي أغضب الله تعالى عليها .والجِيد : العُنق ، وغلَب في الاستعمال على عنق المرأة وعلى محل القلادة منه فَقَلّ أن يذكر العُنق في وصف النساء في الشعر العربي إلا إذا كان عُنُقاً موصوفاً بالحسن وقد جمعهما امرؤ القيس في قوله: ... وجيدٍ كجِيد الرِئم ليس بفاحشإذا هي نَصَّتْه ولا بمُعَطَّل ... قال السهيلي في «الروض» : «والمعروف أن يذكر العنق إذا ذكر الحَلي أو الحُسن فإنما حَسُن هنا ذِكر الجيد في حكم البلاغة لأنها امرأة والنساء تحلي أجيادَهن وأم جميل لا حلي لها في الآخرة إلا الحَبل المجعول في عنقها فلما أقيم لها ذلك مقام الحَلي ذُكر الجيد معه ، ألا ترى إلى قول الأعشى: ... يومَ تبدي لنا قتيلةُ عن جيد أسيل تزينُه الأطواق ... ولم يقل عن عنق ، وقول الآخر: ... وأحسن من عقد المليحة جيدُهاولم يقل عنقها ولو قال لكان غثاً من الكلام . ا ه .قلت : وأما قول المعري: ... الحَجْلُ للرِّجْل والتاجُ المُنيفُ لمافوقَ الحِجَاج وعقْد الدرّ للعنق ... فإنما حسنه ما بين العقد والعنق من الجناس إتماماً للمجانسة التي بين الحَجْل والرجل ، والتاج والحجاج ، وهو مقصود الشاعر .والحبْل : ما يربط به الأشياء التي يراد اتصالُ بعضها ببعض وتقيدُ به الدابة والمسجون كيلا يبرح من المكان ، وهو ضفير من الليف أو من سُيور جلد في طول متفاوت على حسب قوة ما يشد به أو يربط في وتدٍ أو حلقة أو شجرة بحيث يمنع المربوط به من مغادرة موضعه إلى غيره على بعد يراد ، وتربط به قلوع السفن وتشد به السفن في الأرض في الشواطىء ، وتقدم في قوله تعالى : { واعتصموا بحبل اللَّه جميعاً } وقوله : { إلا بحبل من اللَّه وحبل من الناس } كلاها في سورة آل عمران ( 103 112 ) ، ويقال : حبله إذا ربطه .والمسدّ : ليف من ليف اليمن شديد ، والحِبال التي تفتل منه تكون قوية وصُلبة .وقدم الخبر من قوله : { في جيدها } للاهتمام بوصف تلك الحالة الفظيعة التي عوضت فيها بحبل في جيدها عن العقد الذي كانت تحلي به جيدها في الدنيا فتربط به إذ قد كانت هي وزوجها من أهل الثراء وسادة أهل البطحاء ، وقد ماتت أم جميل على الشرك .
الآية 5 - سورة المسد: (في جيدها حبل من مسد...)