سورة المطففين: الآية 2 - الذين إذا اكتالوا على الناس...

تفسير الآية 2, سورة المطففين

ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُوا۟ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

الترجمة الإنجليزية

Allatheena itha iktaloo AAala alnnasi yastawfoona

تفسير الآية 2

عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما، ويبخس الناس أشياءهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان. ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله، فيحاسبهم على القليل والكثير، وهم فيه خاضعون لله رب العالمين.

«الذين إذا اكتالوا على» أي من «الناس يستوفون» الكيل.

وفسر الله المطففين بقوله الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ أي: أخذوا منهم وفاء عما ثبت لهم قبلهم يَسْتَوْفُونَ يستوفونه كاملا من غير نقص.

بقوله تعالى "الذين إذا اكتالوا على الناس" أي من الناس "يستوفون" أي يأخذون حقهم بالوافي والزائد.

ومنه قيل للقوم الذين يكونون سواء فى حسبه أو عدد : هم سواء كطف الصاع . يعنى بذلك كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء . .وقوله : ( اكتالوا ) من الاكتيال وهو افتعال من الكيل . والمراد به : أخذ مالهم من مكيل من غيرهم بحكم الشراء .

( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ) وأراد إذا اكتالوا من الناس أي أخذوا منهم و " من " و " على " متعاقبان .قال الزجاج : المعنى إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل [ الوزن ] [ وأراد : الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن ] .

قوله تعالى : الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون قال الفراء : أي من الناس يقال : اكتلت منك : أي استوفيت منك ، ويقال : اكتلت ما عليك : أي أخذت ما عليك . وقال الزجاج : أي إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل ; والمعنى : الذين إذا استوفوا أخذوا الزيادة ، وإذا أوفوا أو وزنوا لغيرهم نقصوا ، فلا يرضون للناس ما يرضون لأنفسهم . الطبري : ( على ) بمعنى ( عند ) .

وقوله: ( الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ) يقول تعالى ذكره: الذين إذا اكتالوا من الناس ما لهم قبلهم من حقّ، يستوفون لأنفسهم فيكتالونه منهم وافيا، و " على " و " مِن " في هذا الموضع يتعاقبان غير أنه إذا قيل: اكتلت منك، يراد: استوفيت منك.

الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) فجملة الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون } إدماج ، مسوقة لكشف عادة ذميمة فيهم هي الحرص على توفير مقدار ما يبتاعونه بدون حق لهم فيه ، والمقصود الجملة المعطوفة عليها وهي جملة : { وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } فهم مذمومون بمجموع ضمن الجملتين .والاكتيال : افتعال من الكيل ، وهو يستعمل في تسلم ما يُكال على طريقة استعمال أفعال : ابتاع ، وارتهن ، واشتَرى ، في معنى أخذ المبيع وأخذ الشيء المرهون وأخذ السلعة المشتراة ، فهو مطاوع كال ، كما أن ابتاع مطاوع باع ، وارتهن مطاوع رهن ، واشترى مطاوع شرى ، قال تعالى :{ فأرسل معنا أخانا نكتل } [ يوسف : 63 ] أي نأخذ طعاماً مكيلاً ، ثم تنوسي منه معنى المطاوعة .وحق فعل اكتال أن يتعدى إلى مفعول واحد هو المكيل ، فيقال : اكتال فلان طعاماً مثل ابتاع ، ويعدى إلى ما زاد على المفعول بحرف الجر مثل ( من ) الابتدائية فيقال : اكتال طعاماً من فلان ، وإنما عدي في الآية بحرف { على } لتضمين { اكتالوا } معنى التحامل ، أي إلقاء المشقة على الغير وظِلمه ، ذلك أن شأن التاجر وخُلقه أن يتطلب توفير الربح وأنه مظنة السعة ووجود المال بيده فهو يستعمل حاجة من يأتيه بالسلعة ، وعن الفراء ( مِن ) و ( على ) يتعاقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه فإذا قال : اكتلت عليك ، فكأنه قال : أخذت ما عليك ، وإذا قال : اكتلت منك فكقوله : استوفيت منك .فمعنى : { اكتالوا على الناس } اشتروا من الناس ما يباع بالكيل ، فحذف المفعول لأنه معلوم في فعل { اكتالوا } أي اكتالوا مكيلاً ، ومعنى كَالُوهم باعوا للناس مكيلاً فحذف المفعول لأنه معلوم .
الآية 2 - سورة المطففين: (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون...)