سورة المطففين: الآية 4 - ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون...

تفسير الآية 4, سورة المطففين

أَلَا يَظُنُّ أُو۟لَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ

الترجمة الإنجليزية

Ala yathunnu olaika annahum mabAAoothoona

تفسير الآية 4

عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما، ويبخس الناس أشياءهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان. ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله، فيحاسبهم على القليل والكثير، وهم فيه خاضعون لله رب العالمين.

«ألا» استفهام توبيخ «يظن» يتيقن «أولئك أنهم مبعوثون».

ثم توعد تعالى المطففين، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه، فقال: أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه.

أي أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر.

ثم أتبع- سبحانه- هذا التهديد للمطففين. بما يجعل الناس يتعجبون من أحوالهم، فقال- تعالى-:أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.والهمزة للاستفهام التعجيبى من أحوالهم، والجملة مستأنفة مسوقة لتفظيع ما فعلوه من بخس الناس أشياءهم. وأدخلت همزة الاستفهام على «لا» النافية لزيادة التوبيخ والإنكار، حتى لكأن سوء عاقبة التطفيف لا تخطر لهم على بال.والظن هنا مستعمل في معناه الحقيقي، وهو اعتقاد الشيء اعتقادا راجحا.وقال- سبحانه-: أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ ... ولم يقل: ألا يظنون، لقصد تمييزهم والتشهير بهم، زيادة في ذمهم، وفي تقبيح أفعالهم.أى: أبلغت الجرأة بهؤلاء المطففين، أنهم صاروا من بلادة الحس، ومن فقدان الشعور، لا يخشون الحساب يوم القيامة، ولا يخافون العذاب الشديد الذي سينزل بهم، يوم يقوم الناس من قبورهم استجابة لأمر رب العالمين، حيث يتلقون جزاءه العادل، وحكمه النافذ.

"ألا يظن"، يستيقن، "أولئك"، الذين يفعلون ذلك، "أنهم مبعوثون".

قوله تعالى : ألا يظن أولئك إنكار وتعجب عظيم من حالهم ، في الاجتراء على التطفيف ، كأنهم لا يخطرون التطفيف ببالهم ، ولا يخمنون تخمينا أنهم مبعوثون فمسئولون عما يفعلون . والظن هنا بمعنى اليقين ; أي ألا يوقن أولئك ، ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن . وقيل : الظن بمعنى التردد ، أي إن كانوا لا يستيقنون بالبعث ، فهلا ظنوه ، حتى يتدبروا ويبحثوا عنه ، ويأخذوا بالأحوط

وقوله: ( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: ألا يظنّ هؤلاء المطففون الناس في مكاييلهم وموازينهم أنهم مبعوثون من قبورهم بعد مماتهم.

أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) استئناف ناشىء عن الوعيد والتقريع لهم بالويل على التطفيف وما وصفوا به من الاعتداء على حقوق المبتاعين .والهمزة للاستفهام التعجيبي بحيث يَسأل السائل عن علمهم بالبعث ، وهذا يرجح أن الخطاب في قوله : { ويل للمطففين } [ المطففين : 1 ] موجه إلى المسلمين . ويرجع الإِنكار والتعجيب من ذلك إلى إنكار ما سيق هذا لأجله وهو فعل التطفيف . فأما المسلمون الخلص فلا شك أنهم انتهوا عن التطفيف بخلاف المنافقين .والظن : مستعمل في معناه الحقيقي المشهور وهو اعتقاد وقوع الشيء اعتقاداً راجحاً على طريقة قوله تعالى : { إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين } [ الجاثية : 32 ] .وفي العدول عن الإِضمار إلى اسم الإِشارة في قوله : { ألا يظن أولئك } لقصد تمييزهم وتشهير ذكرهم في مقام الذم ، ولأنّ الإِشارة إليهم بعد وصفهم ب«المطففين» تؤذن بأن الوصف ملحوظ في الإِشارة فيؤذن ذلك بتعليل الإِنكار .
الآية 4 - سورة المطففين: (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون...)