سورة القارعة: الآية 5 - وتكون الجبال كالعهن المنفوش...

تفسير الآية 5, سورة القارعة

وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ

الترجمة الإنجليزية

Watakoonu aljibalu kaalAAihni almanfooshi

تفسير الآية 5

وتكون الجبال كالصوف متعدد الألوان الذي يُنْفَش باليد، فيصير هباء ويزول.

«وتكون الجبال كالعهن المنفوش» كالصوف المندوف في خفة سيرها حتى تستوي مع الأرض.

وأما الجبال الصم الصلاب، فتكون كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ أي: كالصوف المنفوش، الذي بقي ضعيفًا جدًا، تطير به أدنى ريح، قال تعالى: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ثم بعد ذلك، تكون هباء منثورًا، فتضمحل ولا يبقى منها شيء يشاهد، فحينئذ تنصب الموازين، وينقسم الناس قسمين: سعداء وأشقياء،

يعني قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك والسدي " العهن " الصوف ثم أخبر تعالى عما يئول آليه عمل العاملين وما يصيرون إليه من الكرامة والإهانة بحسب أعماله فقال.

وقوله- سبحانه-: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ بيان لحالة أخرى من الأحوال التي يكون عليها هذا الكون يوم القيامة.والعهن: الصوف ذو الألوان المتعددة، والمنفوش: المفرق بعضه عن بعض.أى: وتكون الجبال في ذلك اليوم، كالصوف الذي ينفش ويفرق باليد ونحوها. لخفته وتناثر أجزائه، حتى يسهل غزله.والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يراها قد اشتملت على أقوى الأساليب وأبلغها، في التحذير من أهوال يوم القيامة، وفي الحض على الاستعداد له بالإيمان والعمل الصالح.لأنها قد ابتدأت بلفظ القارعة، المؤذن بأمر عظيم، ثم ثنت بالاستفهام المستعمل في التهويل، ثم أعادت اللفظ بذاته بدون إضمار له زيادة في تعظيم أمره، ثم جعلت الخطاب لكل من يصلح له، ثم شبهت الناس فيه تشبيها تقشعر منه الجلود، ثم وصفت الجبال- وهي المعروفة بصلابتها ورسوخها- بأنها ستكون في هذا اليوم كالصوف المتناثر الممزق.

"وتكون الجبال كالعهن المنفوش"، كالصوف المندوف.

قوله تعالى : وتكون الجبال كالعهن المنفوشأي الصوف الذي ينفش باليد ، أي تصير هباء وتزول ; كما قال - جل ثناؤه - في موضع آخر : هباء منبثا وأهل اللغة يقولون : العهن الصوف المصبوغ . وقد مضى في سورة سأل سائل .

وقوله: ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) يقول تعالى ذكره: ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش؛ والعِهْن: هو الألوان من الصوف.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ) قال: الصوف المنفوش.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هو الصوف. وذُكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء.

وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)والعِهن : الصوف ، وقيل : يختص بالمصبوغ الأحمر ، أو ذي الألوان ، كما في قول زهير: ... كأنَّ فُتات العِهن في كل منزلٍنَزَلْنَ به حبُّ الفَنَا لم يُحَطَّمِ ... لأن الجبال مختلفة الألوان بحجارتها ونبتها قال تعالى : { ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } [ فاطر : 27 ] .والمنفوش : المفرق بعض أجزائه عن بعض ليغزل أو تحشى به الحشايا ، ووجه الشبه تفرق الأجزاء لأن الجبال تندكّ بالزلازل ونحوها فتتفرق أجزاءً .وإعادة كلمة { تكون } مع حرف العطف للإِشارة إلى اختلاف الكونين فإن أولهما كونُ إيجاد ، والثاني كون اضمحلال ، وكلاهما علامة على زوال عالم وظهور عالم آخر .وتقدم قوله تعالى { وتكون الجبال كالعهن } في سورة المعارج ( 9 ) .
الآية 5 - سورة القارعة: (وتكون الجبال كالعهن المنفوش...)