سورة القلم: الآية 11 - هماز مشاء بنميم...

تفسير الآية 11, سورة القلم

هَمَّازٍ مَّشَّآءٍۭ بِنَمِيمٍ

الترجمة الإنجليزية

Hammazin mashshain binameemin

تفسير الآية 11

ولا تطع -أيها الرسول- كلَّ إنسانٍ كثير الحلف كذاب حقير، مغتاب للناس، يمشي بينهم بالنميمة، وينقل حديث بعضهم إلى بعض على وجه الإفساد بينهم، بخيل بالمال ضنين به عن الحق، شديد المنع للخير، متجاوز حدَّه في العدوان على الناس وتناول المحرمات، كثير الآثام، شديد في كفره، فاحش لئيم، منسوب لغير أبيه. ومن أجل أنه كان صاحب مال وبنين طغى وتكبر عن الحق، فإذا قرأ عليه أحد آيات القرآن كذَّب بها، وقال: هذا أباطيل الأولين وخرافاتهم. وهذه الآيات وإن نزلت في بعض المشركين كالوليد بن المغيرة، إلا أن فيها تحذيرًا للمسلم من موافقة من اتصف بهذه الصفات الذميمة.

«هماز» غياب أي مغتاب «مشاء بنميم» ساع بالكلام بين الناس على وجه الإفساد بينهم.

هَمَّازٍ أي: كثير العيب [للناس] والطعن فيهم بالغيبة والاستهزاء، وغير ذلك. مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ أي: يمشي بين الناس بالنميمة، وهي: نقل كلام بعض الناس لبعض، لقصد الإفساد بينهم، وإلقاء العداوة والبغضاء.

وقوله ) هماز ) قال ابن عباس ، وقتادة : يعني الاغتياب .( مشاء بنميم ) يعني : الذي يمشي بين الناس ، ويحرش بينهم ، وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " الحديث . وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم ، من طرق عن مجاهد به .وقال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام أن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " .رواه الجماعة - إلا ابن ماجه - من طرق ، عن إبراهيم به .وحدثنا عبد الرزاق ، حدثنا الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يدخل الجنة قتات " يعني : نماما .وحدثنا يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد الأحول ، عن الأعمش حدثني إبراهيم - منذ نحو ستين سنة - عن همام بن الحارث قال : مر رجل على حذيفة فقيل : إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء . فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - أو : قال - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يدخل الجنة قتات " .وقال أحمد : حدثنا هاشم ، حدثنا مهدي ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال : بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يدخل الجنة نمام " .وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ابن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا أخبركم بخياركم ؟ " . قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " الذين إذا رءوا ذكر الله ، عز وجل " . ثم قال : " ألا أخبركم بشراركم ؟ المشاءون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة ، والباغون للبرآء العنت " .ورواه ابن ماجه عن سويد بن سعيد ، عن يحيى بن سليم ، عن ابن خثيم به .وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خيار عباد الله الذين إذا رءوا ذكر الله ، وشرار عباد الله المشاءون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العنت "

( هَمَّازٍ ) أى : عياب للناس ، أو كثير الناس الاغتياب لهم ، من الهمز ، وأصله : الطعن فى الشئ بعود أو نحوه ، ثم استعير للذى يؤذى الناس بلسانه وبعينه وبإرشاته ، ويقع فيهم بالسوء ، ومنه قوله - تعالى - : ( ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ) ( مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ ) أى : يقال للحديثي السَّيَّئ لكى يفسد بين الناس . . والنميم والنميمة مصدران بمعى السعاية والإِفساد . يقال : نَمَّ فلان الحديث - من بابى قتل وضرب - إذا سار بين الناس بالفتنة .وأصل النم : الهمس والحركة الخفيفة ثم استعملت فى السعى بين الناس بالفساد على سبيل المجاز .

( هماز ) مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة . قال الحسن : هو الذي يغمز بأخيه في المجلس ، كقوله : " همزة " ( مشاء بنميم ) قتات يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم .

هماز قال ابن زيد : الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم . واللماز باللسان . وقال الحسن : هو الذي يهمز ناحية في المجلس ; كقوله تعالى : " همزة " . وقيل : الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم . واللماز الذي يذكرهم في مغيبهم ; قاله أبو العالية وعطاء بن أبي رباح والحسن أيضا . وقال مقاتل ضد هذا الكلام : إن الهمزة الذي يغتاب بالغيبة . واللمزة الذي يغتاب في الوجه . وقال مرة : هما سواء . وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب . ونحوه عن ابن عباس وقتادة . قال الشاعر :تدلي بود إذا لاقيتني كذبا وإن أغب فأنت الهامز اللمزهمشاء بنميم أي يمشي بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . يقال : نم ينم نما ونميما ونميمة ; أي يمشي ويسعى بالفساد . وفي صحيح مسلم عن حذيفة أنه بلغه أن رجلا ينم الحديث ، فقال حذيفة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة نمام " . وقال الشاعر :ومولى كبيت النمل لا خير عنده لمولاه إلا سعيه بنميمقال الفراء : هما لغتان . وقيل : النميم جمع نميمة .

وقوله: ( هَمَّازٍ ) يعني: مغتاب للناس يأكل لحومهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( هَمَّازٍ ) يعني الاغتياب.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( هَمَّازٍ ) يأكل لحوم المسلمين.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( هَمَّازٍ ) قال: الهماز: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، وليس باللسان وقرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الذي يلمز الناس بلسانه، والهمز أصله الغمز فقيل للمغتاب: هماز، لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون، وذلك غمز عليهم.وقوله: ( مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) يقول: مشاء بحديث الناس بعضهم في بعض، ينقل حديث بعضهم إلى بعض.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلكحدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( هَمَّازٍ ) يأكل لحوم المسلمين ( مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) : ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض.حدثني محمد بن سعد، قال ثني أبي، قال ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) : يمشي بالكذب.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عن الكلبي، في قوله: ( مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ) قال: هو الأخنس بن شريق، وأصله من ثقيف، وعداده في بني زُهْرة.القول في تأويل قوله تعالى : مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)

هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)الهمّاز كثير الهمزة . وأصل الهمز : الطعن بعود أو يد ، وأطلق على الأذى بالقول في الغيبة على وجه الاستعارة وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة وفي التنزيل { ويل لكلّ هُمَزَة } [ الهمزة : 1 ] .وصيغة المبالغة راجعة إلى قوة الصفة ، فإذا كان أذى شديداً فصاحبه { همّاز } وإذا تكرر الأذى فصاحبه { همّاز } .المشَاء بالنميم : الذي يَنِمّ بين الناس ، ووصفه بالمشّاء للمبالغة . والقول في هذه المبالغة مثل القول في { هَمَّازهَمَّازٍ مَّشَّآءِ } وهذه رَابعَة المذامّ .والمشي : استعارة لتشويه حاله بأنه يتجشم المشقة لأجل النميمة مثل ذِكر السعي في قوله تعالى : { ويسعَوْن في الأرض فساداً } [ المائدة : 64 ] ، ذلك أن أسماء الأشياء المحسوسة أشدّ وقعاً في تصوّر السامع من أسماء المعقولات ، فذِكر المشي بالنميمة فيه تصوير لحال النمّام ، ألا ترى أن قولك : قُطِع رأسُه أوقعُ في النفس من قولك : قُتِل ، ويدل لذلك أنه وقع مثله في قول النبي صلى الله عليه وسلم « وأمَّا الآخَرُ فكان يمشي بالنميمة »والنميم : اسم مرادف للنميمة ، وقيل : النميم جمع نميمة ، أي اسمُ جمع لنميمة إذا أريد بها الواحدة وصيرورتُها اسماً .
الآية 11 - سورة القلم: (هماز مشاء بنميم...)