سورة النازعات: الآية 4 - فالسابقات سبقا...

تفسير الآية 4, سورة النازعات

فَٱلسَّٰبِقَٰتِ سَبْقًا

الترجمة الإنجليزية

Faalssabiqati sabqan

تفسير الآية 4

أقسم الله تعالى بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا شديدا، والملائكة التي تقبض أرواح المؤمنين بنشاط ورفق، والملائكة التي تَسْبَح في نزولها من السماء وصعودها إليها، فالملائكة التي تسبق وتسارع إلى تنفيذ أمر الله، فالملائكة المنفذات أمر ربها فيما أوكل إليها تدبيره من شؤون الكون -ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير خالقه، فإن فعل فقد أشرك- لتُبعثَنَّ الخلائق وتُحَاسَب، يوم تضطرب الأرض بالنفخة الأولى نفخة الإماتة، تتبعها نفخة أخرى للإحياء.

«فالسابقات سبقا» الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة.

فَالسَّابِقَاتِ لغيرها سَبْقًا فتبادر لأمر الله، وتسبق الشياطين في إيصال الوحي إلى رسل الله حتى لا تسترقه .

وقوله : ( فالسابقات سبقا ) روي عن علي ، ومسروق ، ومجاهد ، وأبي صالح ، والحسن البصري : يعني الملائكة ; قال الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به . وعن مجاهد : الموت . وقال قتادة : هي النجوم وقال عطاء : هي الخيل في سبيل الله .

وقوله - تعالى - : ( فالسابقات سَبْقاً ) المقصود به طائفة رابعة من الملائكة ، تسبق غيرها فى تنفيذ أمر الله - تعالى - ، إذ السبق معناه : أن يتجاوز السائر من يسير معه ، ويسبقه إلى المكان المقصود الوصول إليه ، كما قال - تعالى - فى صفات المتقين : ( أولئك يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ).

( فالسابقات سبقا ) قال مجاهد : هي الملائكة [ تسبق ] ابن آدم بالخير والعمل الصالح .وقال مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة .وعن ابن مسعود قال : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها شوقا إلى لقاء الله وكرامته ، وقد عاينت السرور .وقال قتادة : هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير . وقال عطاء : هي الخيل .

قوله تعالى : فالسابقات سبقا قال علي - رضي الله عنه - : هي الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء عليهم السلام . وقاله مسروق ومجاهد . وعن مجاهد أيضا وأبي روق : هي الملائكة سبقت ابن آدم بالخير والعمل الصالح . وقيل : تسبق بني آدم إلى العمل الصالح فتكتبه . وعن مجاهد أيضا : الموت يسبق الإنسان . مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة . ابن مسعود : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها وقد عاينت السرور شوقا إلى لقاء الله تعالى ورحمته . ونحوه عن الربيع ، قال : هي النفوس تسبق بالخروج عند الموت .وقال قتادة والحسن ومعمر : هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير . عطاء : هي الخيل التي تسبق إلى الجهاد . وقيل : يحتمل أن تكون السابقات ما تسبق من الأرواح قبل الأجساد إلى جنة أو نار ; قاله الماوردي . وقال الجرجاني : ذكر فالسابقات بالفاء لأنها مشتقة من التي قبلها ; أي واللائي يسبحن فيسبقن ، تقول : قام فذهب ; فهذا يوجب أن يكون القيام سببا للذهاب ، ولو قلت : قام وذهب ، لم يكن القيام سببا للذهاب .

وقوله: فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: هي الملائكة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الملائكة .وقد حدثنا بهذا الحديث أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الموت .وقال آخرون: بل هي الخيل السابقة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب ، عن عطاء فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: الخيل .وقال آخرون: بل هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا قال: هي النجوم .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال : ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.والقول عندنا في هذه مثل القول في سائر الأحرف الماضية.

فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) ابح فالغائم فالآيب ... فلذلك { فالسابقات } هي السابقات من السابحات .والسبق : تجاوز السائر من يَسير معه ووصوله إلى المكان المسير إليه قبله . ويطلق السبق على سرعة الوصول من دون وجود سائر مع السابق قال تعالى : { فاستبقوا الخيرات } [ البقرة : 148 ] وقال : { أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون } [ المؤمنون : 61 ] .ويطلق السبق على الغلب والقهر ، ومنه قوله تعالى : { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا } [ العنكبوت : 4 ] وقول مُرة بن عداء الفقعسي: ... كأنكَ لم تُسْبَق من الدهر ليلةًإذا أنتَ أدْرَكت الذي كنتَ تطلُب ... فقولُه تعالى : { فالسابقات سبقاً } يصلح للحمل على هذه المعاني على اختلاف محامل وصف السابحات بما يناسب كل احتمال على حِيالِه بأن يراد السائرات سيراً سريعاً فيما تعلمه أو المبادرات . وإذا كان { السابحات } بمعنى الخيل كان { السابقات } إن حمل على معنى المسرعات كناية عن عدم مبالاة الفرسان بعدوّهم وحرصهم على الوصول إلى أرض العدوّ ، أو على معنى غلبهم أعداءهم .وأكد بالمصدر المرادف لمعناه وهو { سبقا } للتأكيد ولدلالة التنكير على عظم ذلك السبق .
الآية 4 - سورة النازعات: (فالسابقات سبقا...)