سورة النبإ: الآية 26 - جزاء وفاقا...

تفسير الآية 26, سورة النبإ

جَزَآءً وِفَاقًا

الترجمة الإنجليزية

Jazaan wifaqan

تفسير الآية 26

إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أُعِدَّت لهم، للكافرين مرجعًا، ماكثين فيها دهورًا متعاقبة لا تنقطع، لا يَطْعَمون فيها ما يُبْرد حرَّ السعير عنهم، ولا شرابًا يرويهم، إلا ماءً حارًا، وصديد أهل النار، يجازَون بذلك جزاء عادلا موافقًا لأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا.

«جزاءً وفاقا» موافقا لعملهم فلا ذنب أعظم من الكفر ولا عذاب أعظم من النار.

استحقوا هذه العقوبات الفظيعة جزاء لهم ووفاقا على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها، لم يظلمهم الله، ولكن ظلموا أنفسهم،

أي هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا قاله مجاهد وقتادة وغير واحد.

وقوله - سبحانه - ( جَزَآءً وِفَاقاً ) بيان لعدالة الله - تعالى - معهم ، أى : أننا لم نظلمهم بإلقائهم فى جهنم ، وإنما جازيناهم بذلك جزاء موافقا لأعمالهم السيئة فى الدنيا .فقوله ( جزاء ) منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف ، وقوله ( وفاقا ) صفة له والوفاق مصدر وافق ، وهو هنا بمعنى اسم الفاعل . أى : جوزوا جزاء موافقا لأعمالهم القبيحة التى كانوا يعملونها فى الدنيا .

"جزاءً وفاقاً"، أي جزيناهم جزاء وافق أعمالهم. قال مقاتل: وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار.

جزاء وفاقا أي موافقا لأعمالهم . عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما ; فالوفاق بمعنى الموافقة كالقتال بمعنى المقاتلة . و ( جزاء ) نصب على المصدر ، أي جازيناهم جزاء وافق أعمالهم ; قاله الفراء والأخفش . وقال الفراء أيضا : هو جمع الوفق ، والوفق واللفق واحد . وقال مقاتل . وافق العذاب الذنب ، فلا ذنب أعظم من الشرك ، ولا عذاب أعظم من النار . وقال الحسن وعكرمة : كانت أعمالهم سيئة ، فأتاهم الله بما يسوؤهم .

القول في تأويل قوله تعالى : جَزَاءً وِفَاقًا (26)يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة فعلَه بهم ربهم جزاء، يعني: ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو مصدر من قول القائل: وافق هذا العقاب هذا العلم وِفاقا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس، قوله: (جَزَاءً وِفَاقًا) يقول: وافَق أعمالهم.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (جَزَاءً وِفَاقًا) وافق الجزاء أعمال القوم أعمال السوء.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع (جَزَاءً وِفَاقًا) قال: بحسب أعمالهم.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع، في قوله: (جَزَاءً وِفَاقًا) قال: ثواب وافَق أعمالهم.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (جَزَاءً وِفَاقًا) قال: عملوا شرّا فجزوا شرّا، وعملوا حسنا فجزوا حسنا، ثم قرأ قول الله: ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (جَزَاءً وِفَاقًا) قال: جزاء وافق أعمال القوم.حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (جَزَاءً وِفَاقًا) قال: وافق الجزاء العمل.

جَزَاءً وِفَاقًا (26)و { جزاء } منصوب على الحال من ضمير { يذوقون } ، أي حالة كون ذلك جزاء ، أي مُجازًى به ، فالحال هنا مصدر مؤول بمعنى الوصف وهو أبلغ من الوصف .والوفاق : مصدر وَافق وهو مُؤول بالوصف ، أي موافقاً للعمل الذي جوزوا عليه ، وهو التكذيب بالبعث وتكذيبُ القرآن كما دل عليه التعليل بعده بقوله : { إنهم كانوا لا يرجون حساباً وكذبوا بآياتنا كذاباً } [ النبأ : 27 ، 28 ] .فإن ذلك أصل إصرارهم على الكفر ، وهما أصلان : أحدهما عدميّ وهو إنكار البعث ، والآخر وجوديّ وهو نسبتهم الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن للكذب ، فعوقبوا على الأصل العدمي بعقاب عدمي وهو حِرمانهم من البرد والشراب ، وعلى الأصل الوجودي بجزاء وجودي وهو الحميم يراق على أجسادهم والغساق يمرّ على جراحهم .
الآية 26 - سورة النبإ: (جزاء وفاقا...)