سورة النجم: الآية 1 - والنجم إذا هوى...

تفسير الآية 1, سورة النجم

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ

الترجمة الإنجليزية

Waalnnajmi itha hawa

تفسير الآية 1

أقسم الله تعالى بالنجوم إذا غابت، ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق، وما خرج عن الرشاد، بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد، وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

«والنَّجم» الثريا «إذا هوى» غاب.

يقسم تعالى بالنجم عند هويه أي: سقوطه في الأفق في آخر الليل عند إدبار الليل وإقبال النهار، لأن في ذلك من آيات الله العظيمة، ما أوجب أن أقسم به، والصحيح أن النجم، اسم جنس شامل للنجوم كلها، وأقسم بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الإلهي، لأن في ذلك مناسبة عجيبة، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء، لكان الناس في ظلمة أشد من الليل البهيم.

تفسير سورة النجم وهي مكية .قال البخاري : حدثنا نصر بن علي ، أخبرني أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، عن عبد الله قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة : ( والنجم ) ، قال : فسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسجد من خلفه ، إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا ، وهو أمية بن خلف .وقد رواه البخاري أيضا في مواضع ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، من طرق ، عن أبي إسحاق ، به . وقوله في الممتنع : إنه أمية بن خلف في هذه الرواية مشكل ، فإنه قد جاء من غير هذه الطريق أنه عتبة بن ربيعة .قال الشعبي وغيره : الخالق يقسم بما شاء من خلقه ، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق . رواه ابن أبي حاتم .واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى : ( والنجم إذا هوى ) فقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يعني بالنجم : الثريا إذا سقطت مع الفجر . وكذا روي عن ابن عباس ، وسفيان الثوري . واختاره ابن جرير . وزعم السدي أنها الزهرة .وقال الضحاك : ( والنجم إذا هوى ) إذا رمي به الشياطين . وهذا القول له اتجاه .وروى الأعمش ، عن مجاهد في قوله : ( والنجم إذا هوى ) يعني : القرآن إذا نزل . وهذه الآية كقوله تعالى : ( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين ) [ الواقعة : 75 - 80 ] .

مقدمة وتمهيد1- سورة «النجم» من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها ثنتان وستون آية في المصحف الكوفي، وإحدى وستون في غيره، وكان نزولها بعد سورة «الإخلاص» ، فهي تعتبر من أوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن، إذ لم يسبقها في النزول سوى اثنتين وعشرين سورة، أما ترتيبها في المصحف، فهي السورة الثالثة والخمسون.2- ويبدو أنها سميت بهذا الاسم منذ عهد النبوة..قال الآلوسى: سورة «والنجم» . وتسمى- أيضا- سورة النجم- بدون واو-.وهي مكية على الإطلاق. وفي الإتقان: استثنى منها: الذين يجتنبون كبائر الإثم ... إلى آخر الآية ... وهي- كما أخرج ابن مردويه- عن ابن مسعود قال: أول سورة أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتها، فقرأها في الحرم والمشركون يسمعون.وأخرج البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، عنه قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة سورة «والنجم» ، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته يأخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، وهو أمية بن خلف..وذكر أبو حيان أن سبب نزولها، قول المشركين: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يختلق القرآن...3- وقد افتتحت السورة الكريمة بقسم منه- سبحانه- بالنجم، على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه، ثم وصف- سبحانه- جبريل- عليه السلام- وهو أمين الوحى، بصفات تدل على قوته وشدته، وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رآه على هيئته التي خلقه الله عليها.قال- تعالى-: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى. وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى. ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى.4- ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن الآلهة المزعومة فبينت أن هذه الآلهة إنما هي أسماء أطلقها الجاهلون عليها، دون أن يكون لها أدنى نصيب من الصحة، وأن العبادة إنما تكون لله وحده.قال- سبحانه-: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى. إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ.5- ثم أرشد الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الطريق الحكيم الذي يجب عليه أن يسلكه في دعوته، وسلاه عما لحقه من المشركين من أذى، فقال- سبحانه-: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا، ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى.6- وبعد أن ساق- سبحانه- جانبا من مظاهر رحمته بعباده الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ أتبع ذلك ببيان مظاهر عدله في خلقه، وقدرته على كل شيء، وساق ما يشهد لذلك من أخبار الغابرين المكذبين الذين لا يخفى حالهم على المشركين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنذر هؤلاء المشركين بسوء المصير، إذا لم يعودوا إلى الحق، ويكفوا عن جحودهم وعنادهم..قال- تعالى-: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى. أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ. أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ. وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ. وَأَنْتُمْ سامِدُونَ. فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا.7- هذا، والمتأمل في هذه السورة الكريمة يراها بجانب إقامتها الأدلة الساطعة على وحدانية الله- تعالى- وعلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه يراها بجانب ذلك قد ساقت ما ساقت من براهين واضحة، ومن توجيهات حكيمة.. بأسلوب بليغ أخاذ، له لفظه المنتقى، ومعناه السديد، وتراكيبه الموزونة وزنا بديعا ... مما يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.نسأل الله- تعالى- أن يجعل القرآن ربيع حياتنا، وأنس نفوسنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.افتتح الله- تعالى- هذه السورة بهذا القسم العظيم، للدلالة على صدق رسوله صلى الله عليه وسلم وللرد على أولئك المشركين الجاهلين، الذين زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اختلق القرآن الكريم.والنجم: هو الكوكب الذي يبدو للناظرين، لامعا في جو السماء ليلا.والمراد به هنا: جنسه، أى: ما يشمل كل نجم بازغ في السماء، فأل فيه للجنس.وقيل: أل فيه للعهد والمراد به نجم مخصوص هو: الشعرى، وهو نجم كان معروفا عند العرب. وقد جاء الحديث عنه في آخر السورة، في قوله- تعالى-: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى. قالوا: وكانت قبيلة خزاعة تعبده.وقيل المراد به: الثريا، فإنه من النجوم المشهورة عند العرب ...وقيل: المراد به هنا: المقدار النازل من القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وجمعه نجوم، وقد فسره بعضهم بذلك في قوله- تعالى-: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.ومعنى «هوى» : سقط وغرب. يقال هوى الشيء يهوى- بكسر الواو- هويا- بضم الهاء وفتحها- إذا سقط من أعلى إلى أسفل..قال الآلوسى: وأظهر الأقوال، القول بأن المراد بالنجم، جنس النجم المعروف، فإن أصله اسم جنس لكل كوكب. وعلى القول بالتعيين، فالأظهر القول بأنه الثريا ووراء هذين القولين، القول بأن المراد به: المقدار النازل من القرآن...

مكية( والنجم إذا هوى ) قال ابن عباس في رواية الوالبي والعوفي : يعني الثريا إذا سقطت وغابت ، وهويه مغيبه والعرب تسمي الثريا نجما .وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا : " ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع " وأراد بالنجم الثريا .وقال مجاهد : هي نجوم السماء كلها حين تغرب لفظه واحد ومعناه الجمع ، سمي الكوكب نجما لطلوعه ، وكل طالع نجم ، يقال : نجم السن والقرن والنبت : إذا طلع .وروى عكرمة عن ابن عباس : أنه الرجوم من النجوم يعني ما ترمى به الشياطين عند استراقهم السمع .وقال أبو حمزة الثمالي : هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة . وقيل : المراد بالنجم القرآن سمي نجما لأنه نزل نجوما متفرقة في عشرين سنة ، وسمي التفريق : تنجيما ، والمفرق : منجما ، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء ، وهو قول الكلبي ." الهوي " : النزول من أعلى إلى أسفل . وقال الأخفش : " النجم " هو النبت الذي لا ساق له ، ومنه قوله - عز وجل - : " والنجم والشجر يسجدان " ( الرحمن - 6 ) ، وهويه سقوطه على الأرض . وقال جعفر الصادق : يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - إذ نزل من السماء ليلة المعراج ، و " الهوي " : النزول ، يقال : هوى يهوي هويا [ إذا نزل ] مثل مضى يمضي مضيا .

سورة " والنجم " مكية ، وهي إحدى وستون آية .مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية منها وهي قوله تعالى : الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش الآية . وقيل : اثنتان وستون آية . وقيل : إن السورة كلها مدنية . والصحيح أنها مكية لما روى ابن مسعود أنه قال : هي أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة . وفي البخاري عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس وعن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد لها ، فما بقي أحد من القوم إلا سجد ; فأخذ رجل من القوم كفا من حصباء أو تراب فرفعه إلى وجهه وقال : يكفيني هذا . قال عبد الله : فلقد رأيته بعد قتل كافرا ، متفق عليه . الرجل يقال له أمية بن خلف . وفي الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة والنجم إذا هوى فلم يسجد . وقد مضى في آخر " الأعراف " القول في هذا والحمد لله .بسم الله الرحمن الرحيموالنجم إذا هوىقوله تعالى : والنجم إذا هوى قال ابن عباس ومجاهد : معنى والنجم إذا هوى والثريا إذا سقطت مع الفجر ; والعرب تسمي الثريا نجما وإن كانت في العدد نجوما ; يقال : إنها سبعة أنجم ، ستة منها ظاهرة وواحد خفي يمتحن الناس به أبصارهم . وفي ( الشفا ) للقاضي عياض : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى في الثريا أحد عشر نجما . وعن مجاهد أيضا أن المعنى : والقرآن إذا نزل ; لأنه كان ينزل نجوما . وقاله الفراء . وعنه أيضا : يعني نجوم السماء كلها حين تغرب . وهو قول الحسن قال : أقسم الله بالنجوم إذا غابت . وليس يمتنع أن يعبر عنها بلفظ واحد ومعناه جمع ; كقول الراعي :فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودهاوقال عمر بن أبي ربيعة :أحسن النجم في السماء الثريا والثريا في الأرض زين النساءوقال الحسن أيضا : المراد بالنجم النجوم إذا سقطت يوم القيامة . وقال السدي : إن النجم هاهنا الزهرة لأن قوما من العرب كانوا يعبدونها . وقيل : المراد به النجوم التي ترجم بها الشياطين ; وسببه أن الله تعالى لما أراد بعث محمد صلى الله عليه وسلم رسولا كثر انقضاض الكواكب قبل مولده ، فذعر أكثر العرب منها وفزعوا إلى كاهن كان لهم ضريرا ، كان يخبرهم بالحوادث فسألوه عنها فقال : انظروا البروج الاثني عشر فإن انقضى منها شيء فهو ذهاب الدنيا ، فإن لم ينقض منها شيء فسيحدث في الدنيا أمر عظيم ، فاستشعروا ذلك ; فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الأمر العظيم الذي استشعروه ، فأنزل الله تعالى : والنجم إذا هوى أي ذلك النجم الذي هوى هو لهذه النبوة التي حدثت . وقيل : النجم هنا هو النبت الذي ليس له ساق ، وهوى أي سقط على الأرض . وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم : والنجم يعني محمدا صلى الله عليه وسلم إذا هوى إذا نزل من السماء ليلة المعراج . وعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أن عتبة بن أبي لهب وكان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى الشام فقال : لآتين محمدا فلأوذينه ، فأتاه فقال : يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى ، وبالذي دنا فتدلى . ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد عليه ابنته وطلقها ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك وكان أبو طالب حاضرا فوجم لها وقال : ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة ، فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره ، ثم خرجوا إلى الشام ، فنزلوا منزلا ، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إن هذه أرض مسبعة . فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة ! فإني أخاف على ابني من دعوة محمد ; فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم ، وأحدقوا بعتبة ، فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله . وقال حسان :من يرجع العام إلى أهله فما أكيل السبع بالراجعوأصل النجم الطلوع ; يقال : نجم السن ونجم فلان ببلاد كذا أي خرج على السلطان . والهوي النزول والسقوط ; يقال : هوى يهوي هويا مثل مضى يمضي مضيا ; قال زهير :فشج بها الأماعز وهي تهوي هوي الدلو أسلمها الرشاءوقال آخر - أبو بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة - :بينما نحن بالبلاكث فالقا ع سراعا والعيس تهوي هوياخطرت خطرة على القلب من ذكراك وهنا فما استطعت مضياالأصمعي : هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط إلى أسفل . قال : وكذلك انهوى في السير إذا مضى فيه ، وهوى وانهوى فيه لغتان بمعنى ، وقد جمعهما الشاعر في قوله :وكم منزل لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق منهويويقال في الحب : هوي بالكسر يهوى هوى ; أي أحب .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) فقال بعضهم: عُنِيَ بالنجم: الثُّريا وعُنِي بقوله ( إِذَا هَوَى ) : إذا سقط, قالوا: تأويل الكلام: والثريا إذا سقطت.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) قال: إذا سقطت الثريا مع الفجر.حدثنا ابن حُميد. قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) قال: الثريا، وقال مجاهد: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) قال: سقوط الثريا.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) قال: إذا انصبّ.وقال آخرون: معنى ذلك: والقرآن إذا نزل.* ذكر من قال ذلك:حدثني زياد بن عبد الله الحساني أبو الخطاب, قال: ثنا مالك بن &; 22-496 &; سعير, قال: ثنا الأعمش, عن مجاهد, في قوله ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) قال: القرآن إذا نزل.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ) قال: قال عُتبة بن أبي لهب: كفرتُ بربّ النجم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمَا تَخَافُ أنْ يَأكُلَكَ كَلْبُ اللهِ" قال: فخرج في تجارة إلى اليمن, فبينما هم قد عرَّسوا, إذ سمعَ صوتَ الأسد, فقال لأصحابه إني مأكول, فأحدقوا به, وضرب على أصمخّتهم فناموا, فجاء حتى أخذه, فما سمعوا إلا صوته.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, قال: ثنا معمر, عن قتادة " أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) فقال ابن لأبي لهب حسبته قال: اسمه عُتبة: كفرت بربّ النجم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " احْذَرْ لا يأكُلكَ كَلْبُ الله "; قال: فضرب هامته. قال: وقال ابن طاوس عن أبيه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا تَخاف أنْ يُسلِّطَ اللهُ عَلَيْك كَلْبَهُ؟" فخرج ابن أبي لهب مع ناس فى سفر حتى إذا كانوا في بعض الطريق سمعوا صوت الأسد. فقال: ما هو إلا يريدني, فاجتمع أصحابه حوله وجعلوه في وسطهم, حتى إذا ناموا جاء الأسد فأخذه من بينهم. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: عنى بقوله: ( وَالنَّجْمِ ) والنجوم. وقال: ذهب إلى لفظ الواحد, وهو في المعنى الجميع, واستشهد لقوله ذلك بقول راعي الإبل:فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُستَحيرَةٍسَريعٌ بِأيْدي الآكلِينَ جُمُودُها (1)والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع: الثريا, وذلك أن العرب تدعوها النجم, والقول الذي قاله من حكينا عنه من أهل البصرة قول لا نعلم أحدا من أهل التأويل قاله, وإن كان له وجه, فلذلك تركنا القول به.--------------------الهوامش :(1) البيت لراعي الإبل النميري عبيد بن أيوب ( مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 230 من المصورة 26059) قال عند قوله تعالى ( والنجم إذا هوى ) : قسم ، والنجم : النجوم ، ذهب إلى لفظ الواحد وهو في معنى الجمع ، قال راعي الإبل : " وباتت تعد النجم ... " البيت . وفي مستحيرة : في إهالة ، جعلها طافية ، لأنها من شحم . وقال ابن قتيبة في كتاب المعاني الكبير ، طبع الهند .وقال الراعي وذكر امرأة أضافها : فباتت ... البيت . مستحيرة : جفنة قد تحير فيها الدسم ، فهي ترى فيها النجوم لصفاء الإهالة ، وأراد بقوله تعد النجم : الثرياء ، والعرب تسمى الثريا النجم . قال :طلع النجم عشاءابتغى الراعي كساءوقال التبريزي في شرح حماسة أبي تمام ( 4 : 39 ) قال أبو العلاء : كان بعض الناس يجعل " تعد " هنا من العدد ، أي أن هذه المرأة تعد النجم في الجفنة المستحيرة ، أي المملوءة ، لأنها ترى خيال النجوم فيها ، وقد يجوز هذا الوجه ، وقد يحتمل أن يكون " تعد " في معنى تحسب وتظن ، والمراد أن المرأة تحسب النجم في الجفنة ، لما تراه من بياض الشحم أ . ه .

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1(كلام موجه من الله تعالى إلى المشركين الطاعنين في رسالة محمد صلى الله عليه وسلمو { النجم } : الكوكب أي الجرم الذي يبدو للناظرين لامعاً في جو السماء ليلاً .أقسم الله تعالى بعظيم من مخلوقاته دال على عظيم صفات الله تعالى .وتعريف { النجم } باللام ، يجوز أن يكون للجنس كقوله : { وبالنجم هم يهتدون } [ النحل : 16 ] وقوله : { والنجم والشجر يسجدان } [ الرحمن : 6 ] ، ويحتمل تعريف العهد . وأشهر النجوم بإطلاق اسم النجم عليه الثريّا لأنهم كانوا يوقتون بأزمان طلوعها مواقيت الفصول ونضج الثمار ، ومن أقوالهم : طلع النَّجم عِشاءَ فابتغى الراعي كمساءَ طَلع النجم غُذَيَّة وابتغى الراعي شُكَية ( تصغير شَكْوة وعاءٍ من جلد يوضع فيه الماء واللبن ( يعنون ابتداء زمن البرد وابتداء زمن الحرّ .وقيل { النجم } : الشعرى اليمانية وهي العبورُ وكانت معظمة عند العرب وعَبدتْها خُزاعة .ويجوز أن يكون المراد ب { النجم } : الشهاب ، وبهُويه : سقوطه من مكانه إلى مكان آخر ، قال تعالى : { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظاً من كل شيطان مارد } [ الصافات : 6 ، 7 ] وقال : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين } [ الملك : 5 ] .والقَسَم ب { النجم } لما في خَلقه من الدلالة على عظيم قدرة الله تعالى ، ألا ترى إلى قول الله حكاية عن إبراهيم { فلما جَنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي } [ الأنعام : 76 ] .وتقييد القَسَم بالنجم بوقت غروبه لإِشعار غروب ذلك المخلوق العظيم بعد أَوْجه في شرف الارتفاع في الأفق على أنه تسخير لقدرة الله تعالى ، ولذلك قال إبراهيم : { لا أحب الآفلين } [ الأنعام : 76 ] .والوجه أن يكون { إذا هوى } بدل اشتمال من النجم ، لأن المرَاد من النجم أحواله الدالة على قدرة خالقه ومصرفه ومن أعظم أحواله حال هُويِّه ، ويكون { إذا } اسم زمان مجرداً عن معنى الظرفية في محل جر بحرف القسم ، وبذلك نتفادى من إشكال طَلب متعلق { إذَا } وهو إشكال أورده العلامة الجَنْزِي على الزمخشري ، قال الطيبي وفي «المقتبس» قال الجَنْزِي : «فاوضتُ جارَ الله في قوله تعالى : { والنجم إذا هوى } ما العامل في { إذا } ؟ فقال : العامل فيه ما تعلّق به الواو ، فقلت : كيف يعمل فعل الحال في المستقبل وهذا لأن معنا أُقسم الآن ، وليس معناه أُقسم بعد هذا فرجع وقال : العامل فيه مصدر محذوف تقديره : وهُوِيّ النجم إذا هَوَى ، فعرضته على زين المشائخ فلم يستحسن قوله الثاني . والوجه أن { إذا } قد انسلخ عنه معنى الاستقبال وصار للوقت المجرد ، ونحوه : آتيك إذا احمرّ البسر ، أي وقت احمراره فقد عُرّي عن معنى الاستقبال لأنه وقعت الغنية عنه بقوله : آتيك اه . كلام الطيبي ، فقوله : فالوجه يحتمل أن يكون من كلام زين المشائخ أو من كلام صاحب «المقتبس» أو من كلام الطيبي ، وهو وجيه وهو أصل ما بنينا عليه موقع { إذَا } هنا ، وليس تردد الزمخشري في الجواب إلا لأنه يلتزم أن يكون { إذَا } ظرفاً للمستقبل كما هو مقتضى كلامه في «المفصَّل» مع أن خروجها عن ذلك كثير كما تواطأت عليه أقوال المحققين .
الآية 1 - سورة النجم: (والنجم إذا هوى...)