سورة النجم: الآية 5 - علمه شديد القوى...

تفسير الآية 5, سورة النجم

عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ

الترجمة الإنجليزية

AAallamahu shadeedu alquwa

تفسير الآية 5

علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة، ذو منظر حسن، وهو جبريل عليه السلام، الذي ظهر واستوى على صورته الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم في الأفق الأعلى، وهو أفق الشمس عند مطلعها، ثم دنا جبريل من الرسول صلى الله عليه وسلم، فزاد في القرب، فكان دنوُّه مقدار قوسين أو أقرب من ذلك. فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى بواسطة جبريل عليه السلام. ما كذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه بصره.

«علمه» إياه ملك «شديد القوى».

ثم ذكر المعلم للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو جبريل [عليه السلام]، أفضل الملائكة [الكرام] وأقواهم وأكملهم، فقال: عَلَّمَهُ [شَدِيدُ الْقُوَى] أي: نزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام، شديد القوى أي: شديد القوة الظاهرة والباطنة، قوي على تنفيذ ما أمره الله بتنفيذه، قوي على إيصال الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعه من اختلاس الشياطين له، أو إدخالهم فيه ما ليس منه، وهذا من حفظ الله لوحيه، أن أرسله مع هذا الرسول القوي الأمين.

يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه علمه الذي جاء به إلى الناس ( شديد القوى ) ، وهو جبريل ، عليه السلام ، كما قال : ( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ) [ التكوير : 19 - 21 ] .

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك جانبا من صفات جبريل- عليه السلام- الذي ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى.أى: علّم النبىّ صلى الله عليه وسلم القرآن، ملك من ملائكتنا الكرام، وهو جبريل- عليه السلام- الذي أعطيناه قوة شديدة، استطاع بها أن ينفذ ما كلفناه بتنفيذه.والضمير المنصوب في «علمه» هو المفعول الأول، والثاني محذوف. أى: القرآن، لأن علّم تتعدى إلى مفعولين.وقوله: شَدِيدُ الْقُوى صفة لموصوف محذوف. أى: ملك شديد القوى.قالوا: وقد بلغ من شدة قوته، أنه اقتلع قرى قوم لوط- عليه السلام- ثم رفعها إلى السماء، ثم قلبها. بأن جعل أعلاها أسفلها ...

( علمه شديد القوى ) جبريل ، والقوى جمع القوة .

يعني جبريل عليه السلام في قول سائر المفسرين ; سوى الحسن فإنه قال : هو الله عز وجل , ويكون قوله تعالى :

وقوله ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) : يقول تعالى ذكره: عَلَّم محمدا صلى الله عليه وسلم هذا القرآن جبريلُ عليه السلام , وعُنِي بقوله ( شَدِيدُ الْقُوَى ) شديد الأسباب. والقُوى: جمع قوّة. كما الجثى: جمع جثوة, والحبى: جمع حبوة. ومن العرب من يقول: القوى: بكسر القاف, كما تُجمع الرشوة رشا بكسر الراء, والحبوة حبا. وقد ذُكر عن العرب أنها تقول: رُشوة بضم الراء, ورشوة بكسرها, فيجب أن يكون جمع من جمع ذلك رشا بكسر الراء على لغة من قال: واحدها رشوة, وأن يكون جمع من جمع ذلك بضمّ الراء, من لغة من ضمّ الراء في واحدها وإن جمع بالكسر من كان لغته من الضمّ في الواحدة, أو بالضمّ من كان من لغته الكسر؛ فإنما هو حمل إحدى اللغتين على الأخرى.وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) يعني جبريل.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) قال: جبرائيل عليه السلام .حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع, مثله.

عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5(وضمير الغائب في { علمه } عائد إلى الوحي ، أو إلى ما عاد إليه ضمير { هو } من قوله : { إن هو إلا وحي } . وضمير { هو } يعود إلى القرآن ، وهو ضمير في محلّ أحد مفعولي ( علّم ( وهو المفعول الأول ، والمفعول الثاني محذوف ، والتقدير : علمه إياه ، يعود إلى { صاحبكم } [ النجم : 2 ] ويجوز جعل هاء { علمه } عائداً إلى { صاحبكم } والمحذوف عائد إلى { وحى } إبطالاً لقول المشركين { إنما يعلمه بشر } [ النحل : 103 ] .و ( علّم ( هنا مُتعدَ إلى مفعولين لأنه مضاعف ( عَلم ( المتعدي إلى مفعول واحد .و { شديد القوى } : صفة لمحذوف يدل عليه ما يذكر بعد مما هو من شؤون الملائكة ، أي مَلَك شديد القوى .واتفق المفسرون على أن المراد به جبريل عليه السلام .والمراد ب { القوى } استطاعة تنفيذ ما يأمر الله به من الأعمال العظيمة العقلية والجسمانية ، فهو الملَك الذي ينزل على الرُّسل بالتبليغ .والمِرَّة ، بكسر الميم وتشديد الراء المفتوحة ، تطلق على قوة الذات وتطلق على متانة العقل وأصالته ، وهو المراد هنا لأنه قد تقدم قبله وصفه بشديد القوى ، وتخصيص جبريل بهذا الوصف يشعر بأنه الملك الذي ينزل بفيوضات الحكمة على الرسل والأنبياء ، ولذلك لما ناول الملَك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإِسراء كأس لَبن وكأسَ خمر ، فاختار اللبن قَال له جبريل : اخترتَ الفِطرة ولو أخذتَ الخمر غَوت أمتك .
الآية 5 - سورة النجم: (علمه شديد القوى...)