سورة النمل: الآية 5 - أولئك الذين لهم سوء العذاب...

تفسير الآية 5, سورة النمل

أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوٓءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ هُمُ ٱلْأَخْسَرُونَ

الترجمة الإنجليزية

Olaika allatheena lahum sooo alAAathabi wahum fee alakhirati humu alakhsaroona

تفسير الآية 5

إن الذين لا يُصَدِّقون بالدار الآخرة، ولا يعملون لها حسَّنَّا لهم أعمالهم السيئة، فرأوها حسنة، فهم يترددون فيها متحيِّرين. أولئك الذين لهم العذاب السيِّئ في الدنيا قتلا وأَسْرًا وذُلا وهزيمةً، وهم في الآخرة أشد الناس خسرانًا.

«أولئك الذين لهم سوء العذاب» أشدَّه في الدنيا القتل والأسر «وهم في الآخرة هم الأخسرون» لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم.

( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ ) أي: أشده وأسوأه وأعظمه، ( وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ ) حصر الخسار فيهم لكونهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وخسروا الإيمان الذي دعتهم إليه الرسل.

( أولئك الذين لهم سوء العذاب ) أي : في الدنيا والآخرة ، ( وهم في الآخرة هم الأخسرون ) أي : ليس يخسر أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل المحشر .

ثم بين- سبحانه- قبح عاقبتهم فقال: أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ.أى: أولئك الذين لم يؤمنوا بالآخرة، لهم أشد أنواع العذاب الذي يذلهم ويؤلمهم في الدنيا وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أى: وهم في الآخرة أشد خسارة منهم في الدنيا إذ عذاب الدنيا له نهاية. أما عذاب الآخرة فلا نهاية له.

( أولئك الذين لهم سوء العذاب ) شدة العذاب في الدنيا بالقتل والأسر ببدر ( وهم في الآخرة هم الأخسرون ) لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم وصاروا إلى النار .

قوله تعالى : أولئك الذين لهم سوء العذاب وهو جهنم . وهم في الآخرة هم الأخسرون في الآخرة تبيين وليس بمتعلق بالأخسرين فإن من الناس من خسر الدنيا وربح الآخرة ، وهؤلاء خسروا الآخرة بكفرهم فهم أخسر كل خاسر .

وقوله: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة لهم سوء العذاب في الدنيا, وهم الذين قتلوا ببدر من مشركي قريش.يقول: وهم يوم القيامة هم الأوضعون تجارة والأوكسوها باشترائهم الضلالة بالهدى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ .

أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)قصد باسم الإشارة زيادة تمييزهم فضحاً لسوء حالهم مع ما ينبه إليه اسم الإشارة في مثل هذا المقام من أن استحقاقَهم ما يخبَر به عنهم ناشىءٌ عما تقدم اسم الإشارة كما في { أولئك على هدى من ربّهم } في سورة البقرة ( 5 ) .وعُزز ما نُبه عليه باسم الإشارة فأعقب باسم الموصول وصلته لما فيه من الإيماء إلى وجه بناء الخبر .وجيء بلام الاختصاص للإشارة إلى أنهم في حالتهم هذه قد هُيِّىء لهم سوء العذاب . والظاهر أن المراد به عذاب الدنيا وهو عذاب السيف وخزي الغلب يوم بدر وما بعده بقرينة عطف : { وهم في الآخرة هم الأخسرون .ففي الآية إشارة إلى جزاءين : جزاء في الدنيا معدود لهم يستحقونه بكفرهم ، فهم ما داموا كافرين متهيئون للوقوع في ذلك العذاب إن جاء إبانه وهم على الكفر .وجزاءٍ في الآخرة يَنَال من صار إلى الآخرة وهو كافر ، وهذا المصير يسمى بالموافاة عند الأشعري .ولكون نوال العذاب الأول إياهم قابلاً للتفصّي منه بالإيمان قبيل حلوله بهم جيء في جانبه بلام الاختصاص المفيدة كونه مهيَّأ تهيئة ، أما أصالة جزاء الآخرة إياهم فلا مندوحة لهم عنه إن جاؤوا يوم القيامة بكفرهم .فالضمائر في قوله لهم } وقوله : { وهم في الآخرة هم } عائدة إلى { الذين لا يؤمنون بالآخرة } [ النمل : 4 ] بمراعاة ذلك العنوان الذي أفادته الصلة فلا دلالة في الضمير على أشخاص مُعَيّنين ولكن على موصوفين بمضمون الصلة فمن تنقشع عنه الضلالة ويثوبُ إلى الإيمان يبرأ من هذا الحكم . وصيغ الخبر عنهم بالخسران في صيغة الجملة الاسمية وقرن بضمير الفصل للدلالة على ثبات مضمون الجملة وعلى انحصار مضمونها فيهم كما تقدم في قوله : { وهم بالآخرة هم يوقنون } [ النمل : 3 ] .وجاء المسند اسم تفضيل للدلالة على أنهم أوحدون في الخسران لا يشبهه خسرانُ غيرهم ، لأن الخسران في الآخرة متفاوت المقدار والمدة وأعظمه فيهما خسران المشركين .
الآية 5 - سورة النمل: (أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون...)