سورة الصافات: الآية 15 - وقالوا إن هذا إلا سحر...

تفسير الآية 15, سورة الصافات

وَقَالُوٓا۟ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ

الترجمة الإنجليزية

Waqaloo in hatha illa sihrun mubeenun

تفسير الآية 15

وقالوا: ما هذا الذي جئت به إلا سحر ظاهر بيِّن. أإذا متنا وصِرْنا ترابًا وعظامًا بالية أإنا لمبعوثون من قبورنا أحياء، أو يُبعث آباؤنا الذين مضوا من قبلنا؟

«وقالوا» فيها «إن» ما «هذا إلا سحر مبين» بيّن وقالوا منكرين للبعث.

ومن العجب أيضا، قولهم للحق لما جاءهم: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.

( وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين ،

ثم بين- سبحانه- أنهم لا يكتفون بالسخرية، بل قالوا أقوالا تدل على جحودهم وجهلهم، فقال- تعالى- وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.أى: وقالوا- على سبيل الجحود والعناد- ما هذا الذي أتانا به محمد- صلى الله عليه وسلم- إلا سحر واضح بين، ولا يشك أحد منا في كونه كذلك.

( وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ) يعني سحر بين .

وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أي : إذا عجزوا عن مقابلة المعجزات بشيء قالوا هذا سحر وتخييل وخداع .

يقول - تعالى ذكره - : وقال هؤلاء المشركون من قريش بالله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر مبين .

وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) عطف على جملة { فاستفتهم أهم أشد خلقاً } [ الصافات : 11 ] الآية . والإِشارة في قوله : { إنْ هذا إلاَّ سِحْرٌ مبينٌ } إلى مضمون قوله : { فاستفتهم أهم أشد خلقاً } وهو إعادة الخلق عند البعث ، ويبينه قوله : { أءِذَا مِتْنا وكنا تراباً وعِظاماً إنا لمبْعُوثون } ، أي وقالوا في رد الدليل الذي تضمنه قوله : { أهُم أشد خلقاً أم مَّنْ خلقنا } [ الصافات : 11 ] أي أجابوا بأن ادعاء إعادة الحياة بعد البِلَى كلام سحر مبين ، أي كلام لا يفهم قصد به سحر السامع . هذا وجه تفسير هذه الآية تفسيراً يلتئم به نظمها خلافاً لما درج عليه المفسرون .وقرأ نافع وحده { إنَّا لَمَبْعُوثُونَ } بهمزة واحدة هي همزة { إنْ } باعتبار أنه جواب { إذا } الواقعة في حيّز الاستفهام فهو من حيز الاستفهام . وقرأ غير نافع { أَإِنا } بهمزتين : إحداهما همزة الاستفهام مؤكدة للهمزة الداخلة على { إذا } .وقوله : { أوْ ءَاباؤُنَا } قرأه قالون عن نافع وابن عامر وأبو جعفر بسكون واو { أوْ على أن الهمزة مع الواو حرف واحد هو أو } العاطفة المفيدة للتقسيم هنا ووجه العطف ب { أو } هو جعلهم الآباء الأولين قسماً آخر فكان عطفه ارتقاء في إظهار استحالة إعادة هذا القسم لأن آباءهم طالت عصور فنائهم فكانت إعادة حياتهم أوغل في الاستحالة . وقرأ الباقون بفتح الواو على أن الواو واو العطف والهمزة همزة استفهام فهما حرفان . وقدمت همزة الاستفهام على حرف العطف حسب الاستعمال الكثير . والتقدير : وأآباؤنا الأولون مثلنا .وعلى كلتا القراءتين فرفعه بالعطف على محل اسم { إنّ الذي كان مبتدأ قبل دخول إنّ ، والغالب في العطف على اسم إن يرفع المعطوف اعتباراً بالمحل كما في قوله تعالى : { أن اللَّه بريء من المشركين ورسولُه } [ التوبة : 3 ] أو يجعل معطوفاً على الضمير المستتر في خبر { إن وهو هنا مرفوع بالنيابة عن الفاعل ولا يضر الفصل بين المعطوف عليه الذي هو ضمير متصل وبين حرف العطف ، أو بين المعطوف عليه والمعطوف بالهمزة المفضِي إلى إعمال ما قبل الهمزة فيما بعدها وذلك ينافي صدارة الاستفهام لأن صدارة الاستفهام بالنسبة إلى جملته فلا ينافيها عمل عامل من جملة قبله لأن الإِعمال اعتبار يعتبره المتكلم ويفهمه السامع فلا ينافي الترتيب اللفظي .
الآية 15 - سورة الصافات: (وقالوا إن هذا إلا سحر مبين...)