سورة السجدة: الآية 8 - ثم جعل نسله من سلالة...

تفسير الآية 8, سورة السجدة

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُۥ مِن سُلَٰلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ

الترجمة الإنجليزية

Thumma jaAAala naslahu min sulalatin min main maheenin

تفسير الآية 8

ثم جعل ذرية آدم متناسلة من نطفة ضعيفة رقيقة مهينة.

«ثم جعل نسله» ذريته «من سلالة» علقة «من ماءٍ مهين» ضعيف هو النطفة.

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أي: ذرية آدم ناشئة مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ وهو النطفة المستقذرة الضعيفة.

( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) أي : يتناسلون كذلك من نطفة تخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة .

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أى: ذريته، وسميت بذلك لأنها تنسل وتنفصل منه.مِنْ سُلالَةٍ أى: من خلاصة، وأصلها ما يسل ويخلص بالتصفية.مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أى: ممتهن لا يهتم بشأنه، ولا يعتنى به، والمقصود به: المنى الذي يخرج من الرجل.

( ثم جعل نسله ) يعني ذريته ) ( من سلالة ) نطفة ، سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان ) ( من ماء مهين ) أي : ضعيف وهو نطفة الرجل .

ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين تقدم في ( المؤمنون ) وغيرها . قال الزجاج : من ماء مهين ضعيف . وقال غيره : مهين لا خطر له عند الناس .

(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) يعني: ذريته (من سلالة)، يقول: من الماء الذي انسل فخرج منه. وإنما يعني من إراقة من مائه، كما قال الشاعر:فجاءتْ بِه عَضْبَ الأدِيمِ غَضَنْفَرًاسُلالَةَ فَرْجٍ كانَ غيرَ حَصِينِ (5)وقوله: (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) يقول: من نطفة ضعيفة رقيقة.وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) وهو خلق آدم، ثم جعل نسله: أي ذرّيته من سلالة من ماء مهين، والسلالة هي: الماء المهين الضعيف.حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن أبي يحيى الأعرج، عن ابن عباس في قوله: (مِنْ سُلالَةٍ) قال: صفو الماء.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال: ضعيف نطفة الرجل، ومهين: فعيل من قول القائل: مهن فلان، وذلك إذا زلّ وضعف.--------------------الهوامش :(2) في التاج (شكب): إشكاب؛ لقب الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن زعلان العامري، شيخ أبي بكر بن أبي الدنيا.(3) البيت في (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 192 - أ) قال عند تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه): مجازه: أحسن خلق كل شيء والعرب تفعل هذا، يقدمون ويؤخرون. قال: "وظعني إليك ..." البيت معناه: وظعني حين حضنني الليل إليك. وفي (اللسان: حضن): وحضنا المفازة شقاها، والفلاة: ناحيتاها، وحضنا الليل: جانباه، وحضن الجبل ما يطيق به وحضنا الشيء: جانباه. والهدان بوزن كتاب: الأحمق الجافي الوخم الثقيل في الحرب. وفي حديث عثمان: جبانًا هدانا.(4) البيت في مجاز القرآن لأبي عبيدة، ( الورقة 192 - أ) عند تفسير قوله تعالى:(أحسن كل شيء خلقه). بعد الشاهد السابق: "وظعني إليك ..." البيت. ثم قال: كأن ثنايا هند وبهجتها. وهو أيضا في "اللسان: دبب": قال: قال الأزهري: وبالخلصاء رمل يقال له: الدباب، وبحذائه دُحْلان كثيرة (بضم الدال) ومنه قول الشاعر :كَأَنَّ هِنْدًا ثَنَايَاهَا وَبَهْجَتَهَالَمَّا الْتَقَيْنَا لَدَى أدْحَالِ دَبَّابمَوْلِيَّةٌ أُنُفٌ جَادَ الرَّبِيعُ بِهَاعَلَى أبَارِقَ قدْ هَمَّتْ بِأَعْشَابِوالأدحال والدحلان: جمعا دحل، بالفتح، وهو ثقب ضيق فمه، ثم يتسع أسفله، حتى يمشي فيه.(5) البيت: (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 162 - ب) عند قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنين. (الجزء 18 : 8) فراجعه ثمة.

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) و { من } في قوله { من سلالة } ابتدائية . وسميت النطفة التي يتقوم منها تكوين الجنين سُلالة كما في الآية لأنها تنفصل عن الرجل ، فقوله { من ماء مهين } بيان ل { سلالة . } و { من } بيانية فالسلالة هي الماء المهين ، هذا هو الظاهر لمتعارف الناس؛ ولكن في الآية إيماء علمي لم يدركه الناس إلا في هذا العصر وهو أن النطفة يتوقف تكوّن الجنين عليها لأنه يتكون من ذرات فيها تختلط مع سلالة من المرأة وما زاد على ذلك يذهب فضلة ، فالسلالة التي تنفرز من الماء المهين هي النسل لا جميع الماء المهين ، فتكون { من } في قوله { من ماء مهين } للتبعيض أو للابتداء .والمهين : الشيء الممتهن الذي لا يعبأ به . والغرض من إجراء هذا الوصف عليه الاعتبار بنظام التكوين إذ جعل الله تكوين هذا الجنس المكتمل التركيب العجيب الآثار من نوع ماء مهراق لا يُعبأ به ولا يصان .والتسوية : التقويم ، قال تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } [ التين : 4 ] . والضمير المنصوب في { سَوّاه } عائد إلى { نسله } لأنه أقرب مذكور ولأنه ظاهر العطف ب { ثم } وإن كان آدم قد سُوِّي ونفخ فيه من الروح ، قال تعالى : { فإذا سَوّيتُه ونفختُ فيه من روحي فَقَعُوا له ساجدين } [ ص : 72 ] . وذكر التسوية ونفخ الروح في جانب النسل يؤذن بأن أصله كذلك ، فالكلام إيجاز .وإضافة الروح إلى ضمير الجلالة للتنويه بذلك السر العجيب الذي لا يعلم تكوينه إلا هو تعالى ، فالإضافة تفيد أنه من أشد المخلوقات اختصاصاً بالله تعالى وإلا فالمخلوقات كلها لله .
الآية 8 - سورة السجدة: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين...)