سورة الشمس: الآية 8 - فألهمها فجورها وتقواها...

تفسير الآية 8, سورة الشمس

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَىٰهَا

الترجمة الإنجليزية

Faalhamaha fujooraha wataqwaha

تفسير الآية 8

أقسم الله بالشمس ونهارها وإشراقها ضحى، وبالقمر إذا تبعها في الطلوع والأفول، وبالنهار إذا جلَّى الظلمة وكشفها، وبالليل عندما يغطي الأرض فيكون ما عليها مظلمًا، وبالسماء وبنائها المحكم، وبالأرض وبَسْطها، وبكل نفس وإكمال الله خلقها لأداء مهمتها، فبيَّن لها طريق الشر وطريق الخير، قد فاز مَن طهَّرها ونمَّاها بالخير، وقد خسر مَن أخفى نفسه في المعاصي.

«فألهمها فجورها وتقواها» بيَّن لها طريق الخير والشر وأخر التقوى رعاية لرؤوس الآي وجواب القسم:

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا

وقوله : ( فألهمها فجورها وتقواها ) أي : فأرشدها إلى فجورها وتقواها ، أي : بين لها ذلك ، وهداها إلى ما قدر لها .قال ابن عباس : ( فألهمها فجورها وتقواها ) بين لها الخير والشر . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والثوري .وقال سعيد بن جبير : ألهمها الخير والشر . وقال ابن زيد : جعل فيها فجورها وتقواها .وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى وأبو عاصم النبيل قالا حدثنا عزرة بن ثابت ، حدثني يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قضي عليهم . قال : فهل يكون ذلك ظلما ؟ قال : ففزعت منه فزعا شديدا ، قال : قلت له : ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . قال : سددك الله ، إنما سألت لأخبر عقلك ، إن رجلا من مزينة - أو جهينة - أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أم شيء مما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم ، وأكدت به عليهم الحجة ؟ قال : " بل شيء قد قضي عليهم " . قال : ففيم نعمل ؟ قال : " من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )رواه أحمد ومسلم ، من حديث عزرة بن ثابت به .

قالوا: وقوله: - تعالى- بعد ذلك: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها يشير إلى أن المراد بالنفس في قوله- تعالى-: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها القوة المدبرة للإنسان، والتي عن طريقها يدرك الأمور إدراكا واضحا. ويختار منها ما يناسب استعداده.والإلهام: هو التعريف والإفهام للشيء، أو التمكين من فعله أو تركه، والفجور: فعل ما يؤدى إلى الخسران والشقاء. والتقوى: هي الإتيان بالأقوال والأفعال التي ترضى الله- تعالى- وتصون الإنسان من غضبه- عز وجل-.أى: فعرف- سبحانه- النفس الإنسانية وألهمها وأفهمها معنى الفجور والتقوى، وبين لها حالهما، ووضح لها ما ينبغي أن تفعله وما ينبغي أن تتركه، من خير أو شر، ومن طاعة أو معصية، بحيث يتميز عندها الرشد من الغي، والخبيث من الطيب.ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وقوله- عز وجل-: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ. إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.وقدم- سبحانه- هنا الفجور على التقوى، مراعاة لأحوال المخاطبين بهذه السورة، وهم كفار قريش، الذين كانت أعمالهم قائمة على الفجور والخسران، بسبب إعراضهم عما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من حق وبر.

( فألهمها فجورها وتقواها ) قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة : بين لها الخير والشر . وقال في رواية عطية : علمها الطاعة والمعصية ، وروى الكلبي عن أبي صالح عنه : عرفها ما تأتي من الخير وما تتقي [ من الشر ] .وقال سعيد بن جبير : ألزمها فجورها وتقواها . قال ابن زيد : جعل فيها ذلك ، يعني بتوفيقه إياها للتقوى ، وخذلانه إياها للفجور . واختار الزجاج هذا ، وحمل الإلهام على التوفيق والخذلان ، وهذا يبين أن الله - عز وجل - خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور .أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنا [ أحمد بن ] محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله أخبرنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، أخبرنا عروة بن ثابت الأنصاري ، حدثنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن الأسود الديلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس [ ويتكادحون ] فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قد قضي عليهم ، قال : فهل يكون ذلك ظلما ؟ قال : ففزعت منه فزعا شديدا ، وقلت : إنه ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، فقال لي : سددك الله ، إنما سألتك لأختبر عقلك [ إن رجلا من جهينة أو مزينة ] أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم نبيهم وأكدت به عليهم الحجة ؟ فقال : " لا بل شيء قد قضي عليهم ومضى فيهم " ، قال قلت : ففيم العمل إذا ؟ قال : " من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل - : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها "أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير ، عن جابر قال : جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد ، قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن فيم العمل اليوم ، فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أو فيما يستقبل ؟ قال : " لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير " ، قال : ففيم العمل ؟ فقالزهير : فقال كلمة خفيت علي ، فسألت عنها نسبتي بعد ، فذكر أنه سمعها ، فقال : " اعملوا فإن كلا ميسر لما خلق له " .

قوله تعالى : فألهمها فجورها وتقواهاقوله تعالى : فألهمها أي عرفها كذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد . أي عرفها طريق الفجور والتقوى وقاله ابن عباس . وعن مجاهد أيضا : عرفها الطاعة والمعصية . وعن محمد بن كعب قال : إذا أراد الله - عز وجل - بعبده خيرا ، ألهمه الخير فعمل به ، وإذا أراد به السوء ، ألهمه الشر فعمل به . وقال الفراء : فألهمها قال : عرفها طريق الخير وطريق الشر كما قال : وهديناه النجدين . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : ألهم المؤمن المتقي تقواه ، وألهم الفاجر فجوره . وعن سعيد عن قتادة قال : بين لها فجورها وتقواها . والمعنى متقارب . وروي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألهمها فجورها وتقواها قال : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها " . ورواه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ هذه الآية : فألهمها فجورها وتقواها رفع صوته بها ، وقال : " اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وأنت خير من زكاها " .وفي صحيح مسلم ، عن أبي الأسود الدؤلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ، ويكدحون فيه ، أشيء قضي ومضى عليهم من قدر سبق ، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم ، وثبتت الحجة عليهم ؟ فقلت : بل شيء قضي عليهم ، ومضى عليهم . قال فقال : أفلا يكون ظلما ؟ قال : ففزعت من ذلك فزعا شديدا ، وقلت : كل شيء خلق الله وملك يده ، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون . فقال لي : يرحمك الله إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك ، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا : يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه : أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم . وثبتت الحجة عليهم ؟ فقال : " لا بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم . وتصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل - : ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها " . والفجور والتقوى : مصدران في موضع المفعول به .

وقوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يقول تعالى ذكره: فبين لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير، أو شرّ أو طاعة، أو معصية.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يقول: بَيَّنَ الخيرَ والشرَّ.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يقول: بين الخيرَ والشرَّ.محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) قال: علَّمها الطاعة والمعصية.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) قال: عَرَّفَها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) : فبَيَّن لها فجورها وتقواها.وحُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ، بين لها الطاعةَ والمعصيةَ.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) قال: أعلمها المعصية والطاعة.قال: ثنا مِهْران، عن سفيان، عن الضحاك بن مزاحم ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) قال: الطاعةَ والمعصيةَ.وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن الله جعل فيها ذلك.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) قال: جعل فيها فجورَها وتقواها.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا صفوان بن عيسى وأبو عاصم النبيل، قالا ثنا عزرة بن ثابت، قال: ثني يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يَعْمَر، عن أبي الأسود الدّيلي، قال: قال لي عمران بن حُصين: أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون فيه أشيء قُضِيَ عليهم، ومضى عليهم من قَدَرٍ قد سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم عليه الصلاة والسلام، وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت: بل شيء قُضِيَ عليهم، قال: فهل يكون ذلك ظلما ؟ قال: ففزعت منه فزعا شديدا، قال: قلت له: ليس شيء إلا وهو خَلْقُه، ومِلْكُ يده، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ قال: سددّك الله، إنما سألتك " أظنه أنا " لأخْبُرَ عقلك. إن رجلا من مُزَينة أو جهينة، أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم عليه السلام وأكّدت به عليهم الحجة ؟ قال: " فِي شَيء قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ"؛ قال: ففيم &; 24-456 &; نعملُ ؟ قال: " مَنْ كانَ اللهُ خَلَقَهُ لإحْدَى المَنزلَتَينِ يُهَيِّئُهُ لَهَا، وَتَصْدِيقُ ذَلكَ فِي كِتَابِ اللهِ: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)".

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)وعطف { فألهمها فجورها وتقواها } على { سواها } ، فهو مقسم به ، وفعل «ألهمها» في تأويل مصدر لأنه معطوف على صلة { ما } المصدرية ، وعطف بالفاء لأن الإلهام ناشىء عن التسوية ، فضمير الرفع في «ألهمها» عائد إلى التسوية وهي المصدر المأخوذ من { سواها } ويجوز أن تكون { ما } موصولة صادقة على فعل الله تعالى ، وجملة { بناها } صلة الموصول ، أي والبناءِ الذي بنَى السماء ، والطحو الذي طحا الأرض والتسوية التي سوت النفس .فالتسوية حاصلة من وقت تمام خلقة الجنين من أول أطوار الصبا إذ التسوية تعديل الخلقة وإيجاد القوى الجسدية والعقلية ثم تزداد كيفية القوى فيحصل الإِلهام .والإِلهام : مصدر ألهم ، وهو فعل متعد بالهمزة ولكن المجردَ منه مُمات والإِلهام اسم قليل الورود في كلام العرب ولم يذكر أهل اللغة شاهداً له من كلام العرب .ويطلق الإِلهام إطلاقاً خاصاً على حدوث علم في النفس بدون تعليم ولا تجربة ولا تفكير فهو علم يحصل من غير دليل سواء ما كان منه وجدانياً كالانسياق إلى المعلومات الضرورية والوجدانية ، وما كان منه عن دليل كالتجريبيات والأمور الفكرية والنظرية .وإيثار هذا الفعل هنا ليشمل جميع علوم الإِنسان ، قال الراغب : الإِلهام : إيقاع الشيء في الرُوع ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى وَجهة الملأ الأعلى ا ه . ولذلك فهذا اللفظ إن لم يكن من مبتكرات القرآن يكن مما أحياه القرآن لأنه اسم دقيق الدلالة على المعاني النفسية وقليل رواجُ أمثال ذلك في اللغة قبل الإِسلام لقلة خطور مثل تلك المعاني في مخاطبات عامة العرب ، وهو مشتق من اللّهْم وهو البلْع دَفعةً ، يقال : لَهِم كفرح ، وأما إطلاق الإِلهام على علم يحصل للنفس بدون مستند فهو إطلاق اصطلاحي للصوفية .والمعنى هنا : أن من آثار تسوية النفس إدراك العلوم الأولية والإِدراك الضروري المدرَّج ابتداء من الانسياق الجِبلي نحو الأمور النافعة كطلب الرضيع الثدي أول مرة ، ومنه اتقاء الضار كالفرار مما يُكره ، إلى أن يبلغ ذلك إلى أول مراتب الاكتساب بالنظر العقلي ، وكل ذلك إلهام .وتعدية الإِلهام إلى الفجور والتقوى في هذه الآية مع أن الله أعلم الناس بما هو فجور وما هو تقوى بواسطة الرسل باعتبار أنه لولا ما أودع الله في النفوس من إدراك المعلومات على اختلاف مراتبها لما فهموا ما تدعوهم إليه الشرائع الإلهية ، فلولا العقول لما تيسّر إفهامُ الإِنسان الفجور والتقوى ، والعقابَ والثواب .وتقديم الفجور على التقوى مراعىً فيه أحوال المخاطبين بهذه السورة وهم المشركون ، وأكثر أعمالهم فجور ولا تقوى لهم ، والتقوى صفة أعمال المسلمين وهم قليل يومئذ .ومجيء فعل : «ألهمها» بصيغة الإِسناد إلى ضمير مذكر باعتبار أن تأنيث مصدر التسوية تأنيث غير حقيقي أو لمراعاة لفظ { ما } إن جعلتَها موصولة .
الآية 8 - سورة الشمس: (فألهمها فجورها وتقواها...)