سورة التكوير: الآية 2 - وإذا النجوم انكدرت...

تفسير الآية 2, سورة التكوير

وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ

الترجمة الإنجليزية

Waitha alnnujoomu inkadarat

تفسير الآية 2

إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها: بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.

«وإذا النجوم انكدرت» انقضت وتساقطت على الأرض.

وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أي: تغيرت، وتساقطت من أفلاكها.

وقوله ( وإذا النجوم انكدرت ) أي انتثرت كما قال تعالى ( وإذا الكواكب انتثرت ) الانفطار : 2 وأصل الانكدار الانصبابقال الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال ست آيات قبل يوم القيامة بينا الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن واختلطت الدواب والطير والوحوش فماجوا بعضهم في بعض ( وإذا الوحوش حشرت ) قال اختلطت ( وإذا العشار عطلت ) قال أهملها أهلها ( وإذا البحار سجرت ) قال قالت الجن نحن نأتيكم بالخبر . قال فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج ، قال فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى وإلى السماء السابعة العليا قال فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهمرواه ابن جرير وهذا لفظه وابن أبي حاتم ببعضه وهكذا قال مجاهد والربيع بن خثيم ، والحسن البصري وأبو صالح وحماد بن أبي سليمان والضحاك في قوله ( وإذا النجوم انكدرت ) أي تناثرتوقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( وإذا النجوم انكدرت ) أي تغيرت . وقال يزيد بن أبي مريم عن النبي صلى الله عليه وسلم ( وإذا النجوم انكدرت ) قال انكدرت في جهنم وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم إلا ما كان من عيسى وأمه ولو رضيا أن يعبدا لدخلاها رواه ابن أبي حاتم بالإسناد المتقدم

( وَإِذَا النجوم انكدرت ) أى : تناثرت وتساقطت وانقلبت هيئتها من اللمعان والظهور ، إلى الميل نحو الظلام والسواد .أى : وإذا النجوم تساقطت وانقضت . يقال : انكدر البازى ، إذا نزل على فريسته بسرعة ، وانكدر الأعداء على القوم إذا جاءوا أرسالا متتابعين فانصبوا عليهم .ويصح أن يكون المعنى : وإذا النجوم تغيرت وانطمس نورها ، وزال لمعانها ، من قولهم : كدرت الماء فانكدر ، إذا خلط به ما يجعله مائلا إلى السواد والغُبْرة .

"وإذا النجوم انكدرت"، أي تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض، يقال: انكدر الطائر أي سقط عن عشه، قال الكلبي وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجوماً فلا يبقى نجم إلا وقع.

وإذا النجوم انكدرت أي تهافتت وتناثرت . وقال أبو عبيدة : انصبت كما تنصب العقاب إذا انكسرت . قال العجاج يصف صقرا :أبصر خربان فضاء فانكدر تقضي البازي إذا البازي كسروروى أبو صالح عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يبقى في السماء يومئذ نجم إلا سقط في الأرض ، حتى يفزع أهل الأرض السابعة مما لقيت وأصاب العليا " ، يعني الأرض . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : تساقطت ; وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور ، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور ، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السماوات ، فتناثرت تلك الكواكب وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة ; لأنه مات من كان يمسكها . ويحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها . وسميت النجوم نجوما لظهورها في السماء بضوئها . وعن ابن عباس أيضا : انكدرت تغيرت فلم يبق لها ضوء لزوالها عن أماكنها . والمعنى متقارب .

وقوله: ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) يقول: وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت، وأصل الانكدار: الانصباب، كما قال العجاج:أبْصَرَ خِرْبانَ فَضَاءٍ فانْكَدَرْ (1)يعني بقوله: انكدر: انصبّ.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خثيم ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) قال: تناثرت .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خثيم، مثله.حدثني محمد بنُ عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) قال: تناثرت .حدثني محمد بن موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله: ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) قال: انتثرت .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) قال: تساقطت وتهافتت .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) قال: رُمِي بها من السماء إلى الأرض .وقال آخرون: انكدرت: تغيرت.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) يقول: تغيرت .-------------------الهوامش :(1) البيت : للعجاج الراجز ( ديوانه 17 ) وقبله * تقتضي البازي إذا البازي كسر *وهو من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن 185 ) قال عند قوله تعالى : وإذا النجوم انكدرت يقال : انكدر فلان : انصب ، قال العجاج : " أبصر خربان ... " البيت . والخربان : جمع خرب بالتحريك : ذكر الحبارى ، وقيل : هو الحبارى كلها . يريد أن البازي قد انقض من أعلى الجو ؛ لأنه رأى أسراب الحبارى على الأرض ، فانقض ليصيدها .

وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) والانكدار : مطاوع كَدَّره المضاعف على غير قياس ، أي حصل للنجوم انكدار من تكدير الشمس لها حين زال عنها انعكاس نورها ، فلذلك ذكر مطاوع كدر دون ذكر فاعل التكدير .والكُدرة : ضد الصفاء كتغير لون الماء ونحوه .وفسر الانكدار بالتساقط والانقضاض ، وأنشدوا قول العجاج يصف بازياً: ... أبصَر خِرْبَانَ فَضَاءً فانكدرومعنى تساقطها تساقط بعضها على بعض واصطدامها بسبب اختلال نظام الجاذبية الذي جعله الله لإمساكها إلى أمد معلوم .
الآية 2 - سورة التكوير: (وإذا النجوم انكدرت...)