سورة لقمان: الآية 2 - تلك آيات الكتاب الحكيم...

تفسير الآية 2, سورة لقمان

تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْحَكِيمِ

الترجمة الإنجليزية

Tilka ayatu alkitabi alhakeemi

تفسير الآية 2

هذه الآيات آيات القرآن ذي الحكمة البالغة.

«تلك» أي هذه الآيات «آيات الكتاب» القرآن «الحكيم» ذي الحكمة والإضافة بمعنى من.

يشير تعالى إشارة دالة على التعظيم إلى آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ أي: آياته محكمة، صدرت من حكيم خبير.من إحكامها، أنها جاءت بأجل الألفاظ وأفصحها، وأبينها، الدالة على أجل المعاني وأحسنها.ومن إحكامها، أنها محفوظة من التغيير والتبديل، والزيادة والنقص، والتحريف.ومن إحكامها: أن جميع ما فيها من الأخبار السابقة واللاحقة، والأمور الغيبية كلها، مطابقة للواقع، مطابق لها الواقع، لم يخالفها كتاب من الكتب الإلهية، ولم يخبر بخلافها، نبي من الأنبياء، [ولم يأت ولن يأتي علم محسوس ولا معقول صحيح، يناقض ما دلت عليه]ومن إحكامها: أنها ما أمرت بشيء، إلا وهو خالص المصلحة، أو راجحها، ولا نهت عن شيء، إلا وهو خالص المفسدة أو راجحها، وكثيرا ما يجمع بين الأمر بالشيء، مع ذكر [حكمته] فائدته، والنهي عن الشيء، مع ذكر مضرته.ومن إحكامها: أنها جمعت بين الترغيب والترهيب، والوعظ البليغ، الذي تعتدل به النفوس الخيرة، وتحتكم، فتعمل بالحزم.ومن إحكامها: أنك تجد آياته المتكررة، كالقصص، والأحكام ونحوها، قد اتفقت كلها وتواطأت، فليس فيها تناقض، ولا اختلاف. فكلما ازداد بها البصير تدبرا، وأعمل فيها العقل تفكرا، انبهر عقله، وذهل لبه من التوافق والتواطؤ، وجزم جزما لا يمترى فيه، أنه تنزيل من حكيم حميد.ولكن - مع أنه حكيم - يدعو إلى كل خلق كريم، وينهى عن كل خلق لئيم، أكثر الناس محرومون الاهتداء به، معرضون عن الإيمان والعمل به، إلا من وفقه اللّه تعالى وعصمه، وهم المحسنون في عبادة ربهم والمحسنون إلى الخلق.

"تلك آيات الكتاب الحكيم" أي هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد "الر تلك آيات الكتاب الحكيم" وقال الحسن التوراة والزبور وقال قتادة "تلك آيات الكتاب" قال الكتب التي كانت قبل القرآن.وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه.

واسم الإشارة في قوله- سبحانه-: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ يعود إلى آيات القرآن الكريم، ويندرج فيها آيات السورة التي معنا.والمراد بالكتاب: القرآن الكريم على الصحيح. لأنه هو المتحدث عنه.قال الآلوسى: وأما حمله على الكتب التي خلت قبل القرآن.. فهو في غاية البعد ، والحكيم- بزنة فعيل- مأخوذ من الفعل حكم بمعنى منع، تقول: حكمت الفرس، إذا وضعت الحكمة في فمها لمنعها من الجموح والشرود.والمقصود، أن هذا القرآن ممتنع أن يتطرق إليه الفساد، ومبرأ من الخلل والتناقض والاختلاف.قال الإمام الرازي ما ملخصه: وفي وصف الكتاب بكونه حكيما وجوه، منها: أن الحكيم هو ذو الحكمة، بمعنى اشتماله على الحكمة، فيكون الوصف للنسبة كلابن وتامر. ومنها أن الحكيم بمعنى الحاكم، بدليل قوله- تعالى-: وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. ومنها أن الحكيم بمعنى المحكم.. «أى المبرأ من الكذب والتناقض» .والمعنى: تلك الآيات السامية، المنزلة عليك يا محمد، هي آيات الكتاب، المشتمل على الحكمة والصواب، المحفوظ من كل تحريف أو تبديل الناطق بكل ما يوصل إلى السعادة الدنيوية والأخروية.وصحت الإشارة إلى آيات الكتاب مع أنها لم تكن قد نزلت كلها لأن الإشارة إلى بعضها كالإشارة إلى جميعها، حيث كانت بصدد الإنزال، ولأن الله- تعالى- قد وعد رسوله صلى الله عليه وسلم بنزول القرآن عليه، كما في قوله- تعالى-: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ووعد الله- تعالى- لا يتخلف.

"تلك آيات الكتاب الحكيم".

و ( تلك ) في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أي هذه تلك . ويقال : ( تيك آيات الكتاب الحكيم ) بدلا من تلك . والكتاب : القرآن . والحكيم : المحكم ; أي لا خلل فيه ولا تناقض . وقيل ذو الحكمة . وقيل الحاكم

وقوله: (تِلكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ) يقول جل ثناؤه: هذه آيات الكتاب الحكيم بيانا وتفصيلا.

تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) إذا كانت هذه السورة نزلت بسبب سؤال قريش عن لقمان وابنه فهذه الآيات إلى قوله { ولقد ءاتينا لقمان الحكمة } [ لقمان : 12 ] بمنزلة مقدمة لبيان أن مرمى القرآن من قصّ القصة ما فيها من علم وحكمة وهدى وأنها مسوقة للمؤمنين لا للذين سألوا عنها فكان سؤالهم نفعاً للمؤمنين .والإشارة ب { تِلْكَ } إلى ما سيذكر في هذه السورة ، فالمشار إليه مقدر في الذهن مترقب الذكر على ما تقدم في قوله { ذلك الكِتَاب } في أول البقرة ( 2 ) وفي أول سورة الشعراء ( 2 ) والنمل ( 1 ) والقصص ( 2 ) .{ وآيات الكتاب } خبر عن اسم الإشارة . وفي الإشارة تنبيه على تعظيم قدر تلك الآيات بما دل عليه اسم الإشارة من البعد المستعمل في رفعة القدر ، وبما دلت عليه إضافة الآيات إلى الكتاب الموصوف بأنه الحكيم وأنه هدى ورحمة وسبب فلاح .و { الحكيم : وصف للكتاب بمعنى ذي الحكمة ، أي لاشتماله على الحكمة . فوصف الكِتَاب } ب { الحَكِيم } كوصف الرجل بالحكيم ، ولذلك قيل : إن الحكيم استعارة مكنية ، أو بعبارة أرشق تشبيه بليغ بالرجل الحكيم . ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى المُحْكَم بصيغة اسم المفعول وصفاً على غير قياس كقولهم : عَسل عقيد ، لأنه أُحكم وأتقن فليس فيه فضول ولا مالا يفيد كمالاً نفسانياً . وفي وصف { الكِتَاب } بهذا الوصف براعة استهلال للغرض من ذكر حكمة لقمان . وتقدم وصف الكتاب ب { الحَكِيم } في أول سورة يونس ( 1 ) .وانتصب { هدى ورحمة } على الحال من { الكِتَاب } وهي قراءة الجمهور . وإذ كان { الكِتَاب } مضافاً إليه فمسوغ مجيء الحال من المضاف إليه أن { الكِتَاب } أضيف إليه ما هو اسم جزئه ، أو على أنه حال من آيات . والعامل في الحال ما في اسم الإشارة من معنى الفعل .
الآية 2 - سورة لقمان: (تلك آيات الكتاب الحكيم...)