سورة محمد: الآية 9 - ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل...

تفسير الآية 9, سورة محمد

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا۟ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ

الترجمة الإنجليزية

Thalika biannahum karihoo ma anzala Allahu faahbata aAAmalahum

تفسير الآية 9

والذين كفروا فهلاكًا لهم، وأذهب الله ثواب أعمالهم؛ ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوا به، فأبطل أعمالهم؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان.

«ذلك» التعس والإضلال «بأنهم كرهوا ما أنزل الله» من القرآن المشتمل على التكاليف «فأحبط أعمالهم».

ذلك الإضلال والتعس للذين كفروا، بسبب أنهم كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن الذي أنزله الله، صلاحا للعباد، وفلاحا لهم، فلم يقبلوه، بل أبغضوه وكرهوه، فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

ولهذا قال : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ) أي : لا يريدونه ولا يحبونه ، ( فأحبط أعمالهم )

ثم بين- سبحانه- الأسباب التي أدت بهم إلى الخسران والضلال فقال: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ.أى: ذلك الذي حل بهم من التعاسة والإضلال بسبب أنهم كرهوا ما أنزله الله- تعالى- على رسوله صلّى الله عليه وسلّم من قرآن يهدى إلى الرشد، فكانت نتيجة هذه الكراهية، أن أحبط الله أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا كإطعام الطعام وصلة الأرحام.. لأن هذه الأعمال لم تصدر عن قلب سليم، يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

( ذلك ) التعس والإضلال ( بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) .

قوله تعالى : ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم .أي ذلك الإضلال والإتعاس ; لأنهم كرهوا ما أنزل الله من الكتب والشرائع .فأحبط أعمالهم أي ما لهم من صور الخيرات ، كعمارة المسجد وقرى الضيف وأصناف القرب ، ولا يقبل الله العمل إلا من مؤمن . وقيل : أحبط أعمالهم أي : عبادة الصنم .

وقوله ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلنا بهم من الإتعاس وإضلال الأعمال من أجل أنهم كرهوا كتابنا الذي أنزلناه إلى نبينا محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسخطوه, فكذّبوا به, وقالوا: هو سحر مبين.وقوله ( فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) يقول: فأبطل أعمالهم التي عملوها في الدنيا, وذلك عبادتهم الآلهة, لم ينفعهم الله بها في الدنيا ولا في الآخرة, بل أوبقهم بها, فأصلاهم سعيرا, وهذا حكم الله جلّ جلاله في جميع من كفر به من أجناس الأمم, كما قال قتادة.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة في قوله ( فَتَعْسًا لَهُمْ ) قال: هي عامة للكفار.

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9(والباء في { بأنهم كرهوا } للسببيّة . وإحباط الأعمال إبطالها : أي جعلها بُطْلاً ، أي ضائعة لا نفع لهم منها ، والمراد بأعمالهم : الأعمال التي يرجون منها النفع في الدنيا لأنهم لم يكونوا يرجون نفعها في الآخرة إذ هم لا يؤمنون بالبعث وإنما كانوا يرجون من الأعمال الصالحة رضي الله ورضى الأصنام ليعيشوا في سعة رزق وسلامة وعافية وتسلَم أولادهم وأنعامهم ، فالأعمال المُحبَطة بعض الأعمال المضللة ، وإحباطها هو عدم تحقق ما رجَوه منها فهو أخص من إضلال أعمالهم كما علمته عند قوله تعالى :{ الذين كفروا وصدُّوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } [ محمد : 1 ] أول السورة . والمقصود من ذكر هذا الخاص بعد العام التنبيه على أنهم لم ينتفعوا بها لئلا يظن المؤمنون أنها قد تخفف عنهم من العذاب فقد كانوا يتساءلون عن ذلك ، كما في حديث عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أعمال كان يتحنث بها في الجاهلية من عتاقة ونَحوها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « أسلمتَ على ما سَلف من خير » أي ولو لم يُسلم لما كان له فيها خير .والمعنى : أنّهم لو آمنوا بما أنزل الله لانتفعوا بأعمالهم الصّالحة في الآخرة وهي المقصود الأهمّ وفي الدنيا على الجملةَ . وقد حصل من ذكر هذا الخاص بعد العام تأكيد الخير المذكور .
الآية 9 - سورة محمد: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم...)