سورة نوح: الآية 8 - ثم إني دعوتهم جهارا...

تفسير الآية 8, سورة نوح

ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا

الترجمة الإنجليزية

Thumma innee daAAawtuhum jiharan

تفسير الآية 8

قال نوح: رب إني دعوت قومي إلى الإيمان بك وطاعتك في الليل والنهار، فلم يزدهم دعائي لهم إلى الإيمان إلا هربًا وإعراضًا عنه، وإني كلما دعوتهم إلى الإيمان بك؛ ليكون سببًا في غفرانك ذنوبهم، وضعوا أصابعهم في آذانهم؛ كي لا يسمعوا دعوة الحق، وتغطَّوا بثيابهم؛ كي لا يروني، وأقاموا على كفرهم، واستكبروا عن قَبول الإيمان استكبارًا شديدًا، ثم إني دعوتهم إلى الإيمان ظاهرًا علنًا في غير خفاء، ثم إني أعلنت لهم الدعوة بصوت مرتفع في حال، وأسررت بها بصوت خفيٍّ في حال أخرى، فقلت لقومي: سلوا ربكم غفران ذنوبكم، وتوبوا إليه من كفركم، إنه تعالى كان غفارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه.

«ثم إني دعوتهم جهارا» أي بأعلى صوتي.

ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا أي: بمسمع منهم كلهم.

( ثم إني دعوتهم جهارا ) أي : جهرة بين الناس .

ومع كل هذا الإعراض والعناد.. فقد حكت لنا الآيات بعد ذلك، أن نوحا- عليه السلام- قد واصل دعوته لهم بشتى الأساليب. فقال- كما حكى القرآن عنه-: ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً.وقوله: جِهاراً صفة لمصدر محذوف، أى: دعوتهم دعاء جهارا. أى: مجاهرا لهم بدعوتي، بحيث صارت دعوتي لهم أمامهم جميعا.

"ثم إني دعوتهم جهاراً"، معلناً بالدعاء. قال ابن عباس: بأعلى صوتي.

قوله تعالى : ثم إني دعوتهم جهارا أي مظهرا لهم الدعوة . وهو منصوب ب " دعوتهم " نصب المصدر ; لأن الدعاء أحد نوعيه الجهار ، فنصب به نصب القرفصاء بقعد ; لكونها أحد أنواع القعود ، أو لأنه أراد ب " دعوتهم " جاهرتهم . ويجوز أن يكون صفة لمصدر دعا ; أي دعاء جهارا ; أي مجاهرا به . ويكون مصدرا في موضع الحال ; أي دعوتهم مجاهرا لهم بالدعوة .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاريقول: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ) إلى ما أمرتني أن أدعوهم إليه (جِهَارًا) ظاهرا في غير خفاء.كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا) قال: الجهار الكلام المعلن به.

ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ارتقى في شكواه واعتذاره بأنَّ دعوته كانت مختلفة الحالات في القول من جهر وإسرار ، فعَطْف الكلام ب { ثم } التي تفيد في عطفها الجمل أن مضمون الجملة المعطوفة أهم من مضمون المعطوف عليها ، لأن اختلاف كيفية الدعوة ألصق بالدعوة من أوقات إلقائها لأن الحالة أشد ملابسة بصاحبها مِن ملابسة زمانه . فذَكَر أنه دعاهم جهاراً ، أي علناً .وجِهار : اسم مصدر جهر ، وهو هنا وصف لمصدر { دَعَوْتُهم } ، أي دعوةً جهاراً .وارتقى فذكر أنه جمع بين الجهر والإِسرار لأن الجمع بين الحالتين أقوى في الدعوة وأغلظ من إفراد إحداهما
الآية 8 - سورة نوح: (ثم إني دعوتهم جهارا...)