سورة ق: الآية 14 - وأصحاب الأيكة وقوم تبع ۚ...

تفسير الآية 14, سورة ق

وَأَصْحَٰبُ ٱلْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ

الترجمة الإنجليزية

Waashabu alaykati waqawmu tubbaAAin kullun kaththaba alrrusula fahaqqa waAAeedi

تفسير الآية 14

كذَّبت قبل هؤلاء المشركين من قريش قومُ نوح وأصحاب البئر وثمود، وعاد وفرعون وقوم لوط، وأصحاب الأيكة قومُ شعيب، وقوم تُبَّع الحِمْيَري، كل هؤلاء الأقوام كذَّبوا رسلهم، فحق عليهم الوعيد الذي توعدهم الله به على كفرهم.

«وأصحاب الأيكة» الغيضة قوم شعيب «وقوم تُبَّع» هو ملك كان باليمن أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فكذبوه «كل» من المذكورين «كذب الرسل» كقريش «فحق وعيد» وجب نزول العذاب على الجميع فلا يضيق صدرك من كفر قريش بك.

وأصحاب الأيكة كذبوا "شعيبًا " وقوم تبع، وتبع كل ملك ملك اليمن في الزمان السابق قبل الإسلام فقوم تبع كذبوا الرسول، الذي أرسله الله إليهم، ولم يخبرنا الله من هو ذلك الرسول، وأي تبع من التبابعة، لأنه -والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة.فهؤلاء كلهم كذبوا الرسل، الذين أرسلهم الله إليهم، فحق عليهم وعيد الله وعقوبته، ولستم أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم، خيرًا منهم، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم، فاحذروا جرمهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم.

( وأصحاب الأيكة ) وهم قوم شعيب عليه السلام ، ( وقوم تبع ) وهو اليماني . وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد .( كل كذب الرسل ) أي : كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسوله ، ومن كذب رسولا فكأنما كذب جميع الرسل ، كقوله : ( كذبت قوم نوح المرسلين ) [ الشعراء : 105 ] ، وإنما جاءهم رسول واحد ، فهم في نفس الأمر لو جاءهم جميع الرسل كذبوهم ، ( فحق وعيد ) أي : فحق عليهم ما أوعدهم الله على التكذيب من العذاب والنكال فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك .

وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم قوم شعيب- عليه السلام- كما قال- تعالى-: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ .والأيكة: اسم لمنطقة كانت مليئة بالأشجار، ومكانها- في الغالب- بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة، ولعلها المنطقة التي تسمى بعمان.وكان قوم شعيب يعبدون الأوثان، ويطففون في المكيال فنهاهم شعيب عن ذلك، ولكنهم كذبوه فأهلكهم الله- تعالى-.وَقَوْمُ تُبَّعٍ وهو تبع الحميرى اليماني، وكان مؤمنا وقومه كفار، قالوا: وكان اسمه سعد أبو كرب، وقد أشار القرآن إلى قصتهم في آيات أخرى منها قوله- تعالى-: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ.. .والتنوين في قوله- تعالى-: كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ... عوض عن المضاف إليه.أى: كل قوم من هؤلاء الأقوام السابقين كذبوا رسولهم الذي جاء لهدايتهم.وقوله: فَحَقَّ وَعِيدِ بيان لما حل بهم بسبب تكذيبهم لرسلهم. أى: كل واحد من هؤلاء الأقوام كذبوا رسولهم، فكانت نتيجة ذلك أن وجب ونزل بهم وعيدي، وهو العذاب الذي توعدتهم به، كما قال- سبحانه-: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .قال ابن كثير: قوله: كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ... أى: كل من هذه الأمم، وهؤلاء القرون كذب رسوله، ومن كذب رسولا فكأنما كذب جميع الرسل.فَحَقَّ وَعِيدِ أى: فحق عليهم ما أوعدهم الله- تعالى- على التكذيب من العذاب والنكال، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك .

قوله - عز وجل - : ( وأصحاب الأيكة وقوم تبع ) وهو تبع الحميري ، واسمه أسعد أبو كرب ، قال قتادة : ذم الله تعالى قوم تبع ولم يذمه ، ذكرنا قصته في سورة الدخان .( كل كذب الرسل ) أي : كل من هؤلاء المذكورين كذب الرسل ( فحق وعيد ) وجب لهم عذابي . ثم أنزل جوابا لقولهم " ذلك رجع بعيد " :

كل كذب الرسل من هذه الأمم المكذبة .فحق وعيد أي : فحق عليهم وعيدي وعقابي .

وقوله ( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ) يقول تعالى ذكره: كلّ هؤلاء الذين ذكرناهم كذّبوا رسل الله الذين أرسلهم ( فَحَقَّ وَعِيدِ ) يقول: فوجب لهم الوعيد الذي وعدناهم على كفرهم بالله, وحل بهم العذاب والنقمة. وإنما وصف ربنا جلّ ثناؤه ما وصف في هذه الآية من إحلاله عقوبته بهؤلاء المكذّبين الرسل ترهيبا منه بذلك مشركي قريش وإعلاما منه لهم أنهم إن لم ينيبوا من تكذيبهم رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , أنه محلّ بهم من العذاب, مثل الذي أحلّ بهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَحَقَّ وَعِيدِ ) قال: ما أهلكوا به تخويفا لهؤلاء.

وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14(وأصحاب الأيكة هم من قوم شعيب وتقدم في سورة الشعراء . وقوم تبع هم حِمير من عرب اليمن وتقدم ذكرهم في سورة الدخان .وجملة { كل كذب الرسل } مؤكدة لجملة { كذبت قبلهم قوم نوح } إلى آخرها ، فلذلك فصلت ولم تعطف ، وليبني عليه قوله : { فحَقّ وعيد } فيكون تهديد بأن يحق عليهم الوعيد كما حق على أولئك مرتباً بالفاء على تكذيبهم الرسل فيكون في ذلك تشريف للنبيء صلى الله عليه وسلم وللرسل السابقين . وتنوين { كل } تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كلّ أولئك . و { حقّ } صدق وتحقّق .والوعيد : الإنذار بالعقوبة واقتضى الإخبار عنه ب { حق } أن الله توعدهم به فلم يعبأوا وكذبوا وقوعه فحق وصدق . وحذفت ياء المتكلم التي أضيف إليها { وعيد } للرعي على الفاصلة وهو كثير .
الآية 14 - سورة ق: (وأصحاب الأيكة وقوم تبع ۚ كل كذب الرسل فحق وعيد...)