سورة ص: الآية 14 - إن كل إلا كذب الرسل...

تفسير الآية 14, سورة ص

إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ

الترجمة الإنجليزية

In kullun illa kaththaba alrrusula fahaqqa AAiqabi

تفسير الآية 14

هؤلاء الجند المكذِّبون جند مهزومون، كما هُزم غيرهم من الأحزاب قبلهم، كذَّبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون صاحب القوة العظيمة، وثمود وقوم لوط وأصحاب الأشجار والبساتين وهم قوم شعيب. أولئك الأمم الذين تحزَّبوا على الكفر والتكذيب واجتمعوا عليه. إنْ كلٌّ مِن هؤلاء إلا كذَّب الرسل، فاستحقوا عذاب الله، وحلَّ بهم عقابه.

«إن» ما «كل» من الأحزاب «إلا كذب الرسل» لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوا جميعهم لأن دعوتهم واحدة، وهي دعوة التوحيد «فحق» وجب «عقاب».

إِنْ كُلُّ من هؤلاء إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عليهم عِقَابِ اللّه، وهؤلاء، ما الذي يطهرهم ويزكيهم، أن لا يصيبهم ما أصاب أولئك.

( إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ) فجعل علة هلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر .

وقوله- سبحانه- إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ استئناف مقرر لما قبله من تكذيب هؤلاء الأقوام لرسلهم، وبيان للأسباب التي أدت إلى عقاب المكذبين.و «إن» هنا نافية، ولا عمل لها لانتقاض النفي بإلا. و «إلا» أداة استثناء مفرغ من أعم الصفات أو الأحكام: وجملة «كذب الرسل» في محل رفع خبر «كل» .أى: ليس لهؤلاء الأقوام من صفات سوى تكذيب الرسل، فكانت نتيجة هذا التكذيب أن حل بهم عقابي وثبت عليهم عذابي. الذي دمرهم تدميرا.والإخبار عن كل حزب من هذه الأحزاب بأنه كذب الرسل، إما لأن تكذيب كل حزب لرسوله يعتبر من باب التكذيب لجميع الرسل لأن دعوتهم واحدة، وإما من قبيل مقابلة الجمع بالجمع، والمقصود تكذيب كل حزب لرسوله.وقد جاء تكذيبهم في الآية السابقة بالجملة الفعلية «كذبت قبلهم ... » وجاء في هذه الآية بالجملة الاسمية: لبيان إصرارهم على هذا التكذيب، ومداومتهم عليه، وإعراضهم عن دعوة الرسل لهم إعراضا تاما.

( إن كل ) ما كل ، ( إلا كذب الرسل فحق عقاب ) وجب عليهم ونزل بهم عذابي . )

إن كل بمعنى ما كل . إلا كذب الرسل فحق عقاب أي : فنزل بهم العذاب لذلك التكذيب . وأثبت يعقوب الياء في " عذابي " و " عقابي " في الحالين وحذفها الباقون في الحالين . ونظير هذه الآية قوله - عز وجل - : وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود فسمى هذه الأمم أحزابا .

( إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ ) يقول: ما كلّ هؤلاء الأمم إلا كذّب رسل الله; وهي في قراءة عبد الله كما ذكر لي: " إنْ كُلٌّ لَمَّا كَذَّبَ الرُّسُل فَحَقَّ عِقَابِ" يقول: فوجب عليهم عقاب الله إياهم.كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ) قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل, فحقّ عليهم العذاب.

إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14)وجيء بالمسند فعلاً في قوله : { كذَّبَ الرُّسُلَ } ليفيد تقديمُ المسند إليه عليه تخصيصَ المسند إليه بالمسند الفعلي فحصل بهذا النظم تأكيد الحصر .وتعدية { كذَّبَ } إلى { الرُّسُلَ } بصيغة الجمع مع أن كل أمة إنما كذبت رسولها ، مقصود منه تفظيع التكذيب لأن الأمة إنما كذّبت رسولها مستندة لحجة سفسطائية هي استحالة أن يكون واحد من البشر رسولاً من الله فهذه السفسطة تقتضي أنهم يكذبون جميع الرسل . وقد حصل تسجيل التكذيب عليهم بفنون من تقوية ذلك التسجيل وهي إبهام مفعول { كَذَّبَتْ } في قوله : { كذَّبتْ قبلهم } ثم تفصيله بقوله : { إلاَّ كذَّبَ الرُّسُلَ } وما في قوله : { إن كلٌّ إلاَّ كذَّبَ الرُّسُلَ } من الحصر ، وما في تأكيده بالمسند الفعلي في قوله : { إلاَّ كذَّبَ } ، وما في جعل المكذَّب به جميعَ الرسل ، فأنتج ذلك التسجيلُ استحقاقهم عذاب الله في قوله : { فَحَقَّ عِقَابِ } ، أي عقابي ، فحذفت ياء المتكلم للرعاية على الفاصلة وأبقيت الكسرة في حالة الوصل .وحق : تحقق ، أي كان حقّاً ، لأنه اقتضاه عظيم جُرمهم . والعقاب : هو ما حلّ بكل أُمة منهم من العذاب وهو الغرق والتمزيق بالريح ، والغرقُ أيضاً ، والصيحة ، والخسف ، وعذاب يوم الظِّلة .وفي هذا تعريض بالتهديد لمشركي قريش بعذاببٍ مثل عذاب أولئك لاتحادهم في موجِبِه .
الآية 14 - سورة ص: (إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب...)