سورة العلق: الآية 3 - اقرأ وربك الأكرم...

تفسير الآية 3, سورة العلق

ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ

الترجمة الإنجليزية

Iqra warabbuka alakramu

تفسير الآية 3

اقرأ -أيها النبي- ما أُنزل إليك من القرآن مُفْتَتِحًا باسم ربك المتفرد بالخلق، الذي خلق كل إنسان من قطعة دم غليظ أحمر. اقرأ -أيها النبي- ما أُنزل إليك، وإن ربك لكثير الإحسان واسع الجود، الذي علَّم خلقه الكتابة بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يكن يعلم، ونقله من ظلمة الجهل إلى نور العلم.

«اقرأ» تأكيد للأول «وربك الأكرم» الذي لا يوازيه كريم، حال من الضمير اقرأ.

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود.

وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم ، فشرفه وكرمه بالعلم ، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة والعلم تارة يكون في الأذهان ، وتارة يكون في اللسان ، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ، ذهني ولفظي ورسمي ، والرسمي يستلزمهما من غير عكس ، فلهذا قال : ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) وفي الأثر : قيدوا العلم بالكتابة . وفيه أيضا : " من عمل بما علم رزقه الله علم ما لم يكن [ يعلم ] .

وقوله- تعالى-: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ أى: امض لما أمرتك به من القراءة، فإن ربك الذي أمرك بالقراءة هو الأكرم من كل كريم، والأعظم من كل عظيم.قالوا: وإنما كرر- سبحانه- الأمر بالقراءة، لأنه من الملكات التي لا ترسخ في النفس إلا بالتكرار والإعادة مرة فمرة.وجملة وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ مستأنفة لقصد بيان أنه- تعالى- أكرم من كل من يلتمس منه العطاء، وأنه- سبحانه- قادر على أن يمنح نبيه نعمة القراءة، بعد أن كان يجهلها.

"اقرأ"، كرره تأكيداً، ثم استأنف فقال: "وربك الأكرم"، قال الكلبي: الحليم عن جهل العباد لا يعجل عليهم بالعقوبة.

قوله تعالى : اقرأ وربك الأكرم قوله تعالى : اقرأ تأكيد ، وتم الكلام ، ثم استأنف فقال : وربك الأكرم أي الكريم . وقال الكلبي : يعني الحليم عن جهل العباد ، فلم يعجل بعقوبتهم . والأول أشبه بالمعنى ; لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه ، دل بها على كرمه . وقيل : اقرأ وربك أي اقرأ يا محمد وربك يعينك ويفهمك ، وإن كنت غير القارئ . والأكرم بمعنى المتجاوز عن جهل العباد .

وقوله: ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ ) يقول: اقرأ يا محمد وربك الأكرم .

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) { اقرأ وَرَبُّكَ } { الاكرم * الذى عَلَّمَ بالقلم * عَلَّمَ الإنسان مَا } .جملة معطوفة على جملة : { اقرأ باسم ربك } فلها حكم الاستئناف ، و { ربك } مبتدأ وخبره إما { الذي علم بالقلم } وإما جملة : { علم الإنسان ما لم يعلم } . وهذا الاستئناف بياني .فإذا نظرتَ إلى الآية مستقلة عما تضمنه حديث عائشة في وصف سبب نزولها كان الاستئناف ناشئاً عن سؤال يجيش في خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول : كيف أقرأ وأنا لا أحسن القراءة والكتابة ، فأجيب بأن الذي علم القراءة بواسطة القلم ، أي بواسطة الكتابة يعلمك ما لم تعلم .وإذا قرنت بين الآية وبين الحديث المذكور كان الاستئناف جواباً عن قوله لجبريل : « ما أنا بقارىء » فالمعنى : لا عجب في أن تقرأ وإن لم تكن من قبل عالماً بالقراءة إذ العلم بالقراءة يحصل بوسائل أخرى مثل الإِملاء والتلقين والإِلهام وقد علم الله آدم الأسماء ولم يكن آدم قارئاً .ومقتضى الظاهر : وعَلَّم بالقلم . فعُدل عن الإِضمار لتأكيد ما يشعر به { ربّك } من العناية المستفادة من قوله : { اقرأ باسم ربك } وأن هذه القراءة شأن من شؤون الرب اختص بها عبدَه إتماماً لنعمة الربوبية عليه .وليجري على لفظ الرب وصفُ الأكرم .ووصف { الأكرم } مصوغ للدلالة على قوة الاتصاف بالكرم وليس مصوغاً للمفاضلة فهو مسلوب المفاضلة .والكرم : التفضل بعطاء ما ينفع المعطَى ، ونعم الله عظيمة لا تُحصى ابتداء من نعمة الإِيجاد ، وكيفية الخلق ، والإِمداد .وقد جمعت هذه الآيات الخمسُ من أول السورة أصول الصفات الإلهية فوَصفُ الرب يتضمن الوجود والوحدانية ، ووصف { الذي خلق }
الآية 3 - سورة العلق: (اقرأ وربك الأكرم...)