سورة الفجر: الآية 13 - فصب عليهم ربك سوط عذاب...

تفسير الآية 13, سورة الفجر

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ

الترجمة الإنجليزية

Fasabba AAalayhim rabbuka sawta AAathabin

تفسير الآية 13

هؤلاء الذين استبدُّوا، وظلموا في بلاد الله، فأكثروا فيها بظلمهم الفساد، فصب عليهم ربُّك عذابا شديدا. إنَّ ربك -أيها الرسول- لبالمرصاد لمن يعصيه، يمهله قليلا ثم يأخذه أخْذَ عزيز مقتدر.

«فصبَّ عليهم ربك سوط» نوع «عذاب».

فلما بلغوا من العتو ما هو موجب لهلاكهم، أرسل الله عليهم من عذابه ذنوبًا وسوط عذاب.

أي أنزل عليهم رجزا من السماء وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين.

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ أى: فكانت نتيجة طغيانهم وفسادهم، أن أنزل ربك عليهم، نوعا عظيما من العذاب المهين.والسوط: آلة تتخذ من الجلود القوية، يضرب بها الجاني، وإضافتها إلى العذاب، من إضافة الصفة إلى الموصوف. أى: فصب عليهم ربك عذابا. «سوطا» أى: كالسوط في سرعته، وشدته وتتابعه، فهو تشبيه بليغ.وعبر- سبحانه- على إنزال العذاب بهم بالصب- وهو الإفراغ لما في الظرف بقوة- للإيذان بكثرته وتتابعه.وسميت أنواع العذاب النازلة بهم سوطا تسمية للشيء باسم آلته..قال صاحب الكشاف: وذكر السوط. إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم في الآخرة، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به.وعن عمر بن عبيد: كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال: إن عند الله أسواطا كثيرة، فأخذهم بسوط منها.. .

( فصب عليهم ربك سوط عذاب ) قال قتادة : يعني لونا من العذاب صبه عليهم ، قال أهل المعاني : هذا على الاستعارة ، لأن السوط عندهم غاية العذاب ، فجرى ذلك لكل نوع من العذاب . وقال الزجاج : جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب .

فصب عليهم ربك أي أفرغ عليهم وألقى يقال : صب على فلان خلعة ، أي ألقاها عليه . وقال النابغة :فصب عليه الله أحسن صنعه وكان له بين البرية ناصراسوط عذاب أي نصيب عذاب . ويقال : شدته ; لأن السوط كان عندهم نهاية ما يعذب به . قال الشاعر :ألم تر أن الله أظهر دينه وصب على الكفار سوط عذابوقال الفراء : وهي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب . وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به ، فجرى لكل عذاب إذ كان فيه عندهم غاية العذاب . وقيل : معناه عذاب يخالط اللحم والدم من قولهم : ساطه يسوطه سوطا أي خلطه ، فهو سائط . فالسوط : خلط الشيء بعضه ببعض ومنه سمي المسواط . وساطه أي خلطه ، فهو سائط ، وأكثر ذلك يقال : سوط فلان أموره . قال :فسطها ذميم الرأي غير موفق فلست على تسويطها بمعانقال أبو زيد : يقال أموالهم سويطة بينهم أي مختلطة . حكاه عنه يعقوب . وقال الزجاج : أي جعل سوطهم الذي ضربهم به العذاب . يقال : ساط دابته يسوطها أي ضربها بسوطه . وعن عمرو بن عبيد : كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال : إن عند الله أسواطا كثيرة ، فأخذهم بسوط منها . وقال قتادة : كل شيء عذب الله تعالى به فهو سوط عذاب .

( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) يقول تعالى ذكره: فأنزل بهم يا محمد ربك عذابه، وأحلّ بهم نقمته، بما أفسدوا في البلاد، وطغَوْا على الله فيها. وقيل: فصبّ عليهم ربك سَوط عذاب. وإنما كانت نِقَما تنزل بهم، إما ريحا تُدَمرهم، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم، وإما غَرَقا يُهلكهم من غير ضرب بسوط ولا عصا؛ لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن، الجلد بالسياط، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم أن يقولوا: ضُرب فلان حتى بالسياط، إلى أن صار ذلك مثلا فاستعملوه في كلّ معذَّب بنوع من العذاب شديد، وقالوا: صَبّ عليه سَوْط عذاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَوْطَ عَذَابٍ ) قال: ما عذّبوا به.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) قال: العذاب الذي عذّبهم به سماه: سوط عذاب.

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .وعن الفراء أن كلمة { سوط عذاب } يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط ( أي يقع بالسوط ) ، يُريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك .وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ .وجملة : { إن ربك لبالمرصاد } تذييل وتعليل لإِصابتهم بسوط عذاب إذا قُدِّر جواب القسم محذوفاً . ويجوز أن تكون جواب القَسَم كما تقدم آنفاً .فعلى كون الجملة تذييلاً تكون تعليلاً لجملة { فصب عليهم ربك سوط عذاب } تثبيتاً للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن الله ينصر رسله وتصريحاً للمعاندين بما عَرَّض لهم به من توقع معاملته إياهم بمثل ما عامل به المكذبين الأولين . أي أن الله بالمرصاد لكل طاغ مفسد .وعلى كونها جواب القسم تكون كناية عن تسليط العذاب على المشركين إذ لا يراد من الرصد إلا دفع المعتدي من عدوّ ونحوه ، وهو المقسم عليه وما قبله اعتراضاً تفنناً في نظم الكلام إذْ قُدم على المقصود بالقسم ما هو استدلال عليه وتنظير بما سبق من عقاب أمثالهم من الأمم من قوله : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } الخ ، وهو أسلوب من أساليب الخطابة إذّ يُجعل البيان والتنظير بمنزلة المقدمة ويجعل الغرض المقصود بمنزلة النتيجة والعلةِ إذا كان الكلام صالحاً للاعتبارين مع قصد الاهتمام بالمقدَّم والمبادرة به .
الآية 13 - سورة الفجر: (فصب عليهم ربك سوط عذاب...)