سورة الفجر: الآية 20 - وتحبون المال حبا جما...

تفسير الآية 20, سورة الفجر

وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبًّا جَمًّا

الترجمة الإنجليزية

Watuhibboona almala hubban jamman

تفسير الآية 20

ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان، بل الإكرام بطاعة الله، والإهانة بمعصيته، وأنتم لا تكرمون اليتيم، ولا تحسنون معاملته، ولا يَحُثُّ بعضكم بعضًا على إطعام المسكين، وتأكلون حقوق الآخرين في الميراث أكلا شديدًا، وتحبون المال حبًا مفرطًا.

«ويحبون المال حبا جما» أي: كثيرا فلا ينفقونه، وفي قراءة بالفوقانية في الأفعال الأربعة.

وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا أي: كثيرًا شديدًا، وهذا كقوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ .

أي كثيرا زاد بعضهم فاحشا.

ومن صفاتكم- أيضا- أنكم تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا أى: حبا كثيرا مع حرص وشره. يقال: جمّ الماء في الحوض، إذا كثر واجتمع، ومنه الجموم للبئر الكثيرة الماء.والحب المفرط للمال من الصفات الذميمة، لأنه يؤدى إلى جمعه من كل طريق، بدون تفرقة بين ما يحل منه وما يحرم.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف هذا النوع من الناس، بأنه قد جمع في سوء سلوكه، بين النطق بالقبيح من الأقوال، وبين ارتكاب القبيح من الأفعال، وهي: ترك اليتيم بلا رعاية، وعدم الحض على إطعام المحتاج، وجمع المال الموروث بدون تفرقة بين حلاله وحرامه، والإفراط في حب المال بطريقة ذميمة.

"وتحبون المال حباً جماً"، أي كثيراً، يعني: تحبون جمع المال وتولعون به، يقال: جم الماء في الحوض، إذا كثر واجتمع.

وتحبون المال حبا جما أي كثيرا ، حلاله وحرامه . والجم الكثير . يقال : جم الشيء يجم جموما ، فهو جم وجام . ومنه جم الماء في الحوض : إذا اجتمع وكثر . وقال الشاعر [ أبو خراش الهذلي ] :إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألماوالجمة : المكان الذي يجتمع فيه ماؤه . والجموم : البئر الكثيرة الماء . والجموم ( بالضم ) : المصدر يقال : جم الماء يجم جموما : إذا كثر في البئر واجتمع ، بعدما استقي ما فيها .

القول في تأويل قوله تعالى : وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) .يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) وتحبون جمع المال أيها الناس واقتناءه حبا كثيرا شديدا، من قولهم: قد جمّ الماء في الحوض: إذا اجتمع، ومنه قول زُهير بن أبي سلمى:فَلَمَّا ورَدْنَ المَاءَ زُرْقًا جِمامُهُوَضَعْنَ عِصِيَّ الْحاضِرِ المُتَخَيَّمِ (5)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) يقول: شديدا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) فيحبون كثرة المال.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الكثير.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) : أي حبا شديدا.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( حُبًّا جَمًّا ) : يحبون كثرة المال.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) قال: الجمّ: الشديد.------------------------الهوامش:(5) البيت من معلقة زهير ( مختار الشعر الجاهلي 229 ) قال شارحه : وردن الماء : أتينه وحللن عليه . وجمامة : جمع جم ، وهو ما تجمع وكثر . وزرقة الماء : من شدة صفاء لونه ؛ لأنه لم يورد قبلهن ولم يحرك . ووضع العصى : كناية عن النزول بالمكان ، والإقامة فيه . ا ه وفي ( اللسان : جم ) الجم والجمم ( محركا ) : الكثير من كل شيء . ومال جم :كثيرا . وفي التنزيل العزيز : وتحبون المال حبا جما أي : كثيرا . وكذلك فسره أبو عبيدة . وقيل الجم : الكثير المجتمع ؛ جم يجم كيجلس ويقعد والضم أعلى ، جموما . ا ه .

وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)والجم : الكثير ، يقال : جَمَّ الماءُ في الحوض ، إذا كثر ، وبِئر جموم بفتح الجيم : كثيرةُ الماء ، أي حباً كثيراً ، ووصْف الحُبّ بالكثرة مراد به الشدة لأن الحب معنى من المعاني النفسية لا يوصف بالكثرة التي هي وفرة عدد أفراد الجنس .فالجمّ مستعار لمعنى القوي الشديد ، أي حبّاً مفرطاً ، وذلك محل ذم حب المال ، لأن إفراد حبه يوقع في الحِرص على اكتسابه بالوسائل غير الحَق كالغصب والاختلاس والسرقة وأكل الأمانات .
الآية 20 - سورة الفجر: (وتحبون المال حبا جما...)